صديقي الذي لم يتعلم الدرسبلال حسن التل
21-03-2018 12:50 AM
هاتفني صديقي ذات مساء ليطمئن عن صحتي كما قال، ولما سألني: ماذا أفعل؟ قلت له: أجلس مع فلان وفلان.. وذكرت له مجموعة من أسماء المتقاعدين الذين يجلس صديقي الآن على مقاعد أحدهم في السلطة، بينما كان بعضهم أعلى منه منصبًا في نفس المؤسسة التي يعمل بها. غير أن صديقي أثار استهجاني عندما سألني: وما الفائدة من هؤلاء؟ فقد نسي أو تناسى انه هو نفسه شكا لي ذات مساء قلة الوفاء عند الناس، وهو يتحدث عن طابور السيارات الذي كان يمتد أمام بيت أبيه لمئات الأمتار في الأعياد وغيرها من المناسبات الاجتماعية، يوم كان أبوه يشغل منصبًا مهماً في الدولة، غير أن الحال تغيرت بعد خروجه من المنصب.. فصار من النادر أن يزورهم أحد، من الذين كانوا يصطفون طوابير أمام منزل أبيه، ولعلهم يفعلون نفس الشيء الآن أمام منزله، فهو الآخر يشغل هذه الأيام موقعًا مهما، يجعل الناس يحجون إليه ويخطبون ودَّه وينافقونه، فهذا عيب متأصل فينا.. فقد صارت قيمة الواحد منا مرتبطة بقيمة موقعه الوظيفي، حتى إذا ما غادر موقعه فقد قيمته -كائنًا من كان-ولعل هذا من نتائج غياب القيادات الإدارية الحقيقية في بلدنا، والتي تصل إلى مواقعها بفضل جهدها وكفايتها. وضعف القيادات هو امتداد لضعف سائر الأطر الاجتماعية في بلدنا، فهذه الأطر كانت ترفد الإدارة العامة والمؤسسات الأهلية بالقيادات القادرة والفاعلة، وهذه من مظاهر الخلل الخطيرة التي صرنا نعاني منها. بخاصة بعد ان أمتد أثرها إلى العلاقات الإنسانية، حيث صار الناس في مجتمعنا ينافقون لمن يشغل المنصب الرسمي مهما كان رأيهم بمن يشغله، ومن ثم صارت العلاقات في مجتمعنا علاقات مزيفة مبنية على النفاق والمصلحة، تزول بزوال المصلحة المرتبطة بالمنصب، وهذا هو سبب اختفاء الكثير من العلاقات الإنسانية، وسر تباعد الناس عن بعضهم البعض في مجتمعنا. |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
اظهار البريد الالكتروني | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة