facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أوراق متعبة


سهير بشناق
23-03-2018 01:20 AM

رواية العمر لأم اتعبتها الايام واحزنها الغياب! يطرقون ابوابهم في هذا اليوم ، محملين بباقات من الورود التي تملأ رائحتها المكان وتحمل ايديهم هدايا جميلة يضعونها على اسرتهم ويهمسون لهم قائلين « كل عام وانت بخير».

هكذا بات لها هذا اليوم منذ سنوات طويلة تجلس بجانب نافذة غرفتها تنتظر قدومهم بعد ان توقفت عن انتظار ابنائها منذ زمن . تنتظرهم وهي تدرك جيدا انهم ليسوا لها لا يجمعها معهم شيئ سوى انهم يحاولون بمشاعرهم الجميلة ان يشاركوها وغيرها من الامهات بعيد الام تقديرا منهم لعزلتهن وللوحدة القاسية التي يستنشقنها يوما بعد الاخر منذ سنوات مضت .

تنتظرهم في صباح يوم عيد الام وكأنها بانتظارها هذا تستعيد معاني الانتظار التي اغتيلت على حافة الحياة ولم تعد تؤمن بها بعد ان توقفت عن ذلك واكتشفت ان كل يوم وكل عام قضته بانتظار ابنائها ليس سوى هواجس وهذيان كانت تعيشه هي بمخيلتها فقط .

تنتظرهم في عيد الام بوجوههم البريئة وقلوبهم التي لا تزال تحمل بنبضاتها البراءة والجمال فهم لا يزالون صغارا يرون بالام معنى الحياة والوجود ويؤلمهم ابتعادها وغيابها .

ترى بهم وجوه ابنائها وهم صغارا فهي قد بدات تفقد ملامحهم وهم كبارا ؛ ذلك انه لم يعد بذاكرتها الا وجوههم وهم صغار .

توقف بها الزمن عند ذلك ؛لانهم كانوا انقياء كانوا يرون بوجودها الحياة كلها يؤلمهم غيابها وابتعادها ويفرحهم قربها .

لم تكن تعلم ان هذه القسوة التي بقلوبهم سوف توصلها الى ما هي عليه اليوم .

لم تفكر للحظة واحدة ان ملامحهم الجميلة التي عشقتها يمكنها ان تخفي قسوة قلوب لم تكن هي باي يوم من الايام قادرة على التقاطها لطالما تساءلت ماذا فعلت هي بحقهم ليتنازلوا عنها ويخلفوا بقلبها الماً لا يوصف؟

قست قلوبهم واثقلت هي بوجودها حياتهم وهي التي سخرت حياتها كلها لهم ولوجودهم.
لا تختلف هي عن باقي الامهات بقلبها وعطائها لكنها مختلفة بتوقعاتها التي من خلالها امنت بهم كاي ام كل ما تتوقعه من ابنائها ان يحترموا وجودها ويزرعوا الحب والامل بنفسها عوضا عن الالم والحسرة والخذلان نحن بالحياة نحيا وتعلمنا تجاربنا ما لم نتعلمه من مبادئنا وافكارنا ونظرتنا للعلاقات لكننا امام ابنائنا نرفض ان نتعلم ونمتلك قدرة على المسامحة تفوق توقعاتنا فنحن كأمهات امامهم نضعف نستسلم لهم لانهم جزء من ارواحنا ونبضات قلوبنا لا نقوى ان نرى الالم بعيونهم ولا ان نلمس الحزن بنفوسهم لكنهم في لحظة ما يعجزون هم عن احتوائنا وتحمل ضعفنا وانهزامنا فيزرعون الالم بقلوبنا وكأنهم يغالتون اخر ما تبقى لنا من امل بالعمر.

وهي اليوم تعلم جيدا ان عيد الام لم يعد يعني لها شيئا منذ زمن منذ ان غاب ابناؤها عن حياتها وتوقفوا عن طرق ابواب قلبها وحياتها هو يوم تنتظر فيه الاخرين الذين لا تزال كلمة أم تعني لهم الكثير لكنها لا تعلم عندما يكبرون ويودعون مرحلة الطفولة هل سيطرقون هم ايضا ابواب ايامها من جديد ام انها ستجمعها الايام مع امهاتهم ايضا لتكرر فصول الرواية من جديد ؟

أي حياة تحياها اليوم ؟

اي غربة تعيشها وهي كل ما كانت تحتاجه وجودهم ...؟

ولكنهم لم يلتفتوا اليها لم يشفع لها حبها وحنانها وعطاءها امام قسوة قلوبهم تعيدها ذاكرتها اليهم وهم اطفالا تتذكر اولى حركاتهم وكلماتهم وخطواتهم فكم كانت تفرح لتفاصيل حياتهم
تعشق ملامحهم شاركتهم كل لحظات ايامهم حلمت عنهم وكانت ايامها لهم .

لم تكن ترى الحياة الا من خلالهم تتناسى المها وتعبها وحاجتها لذاتها امام فرحهم .
فكانوا هم املها بالحياة وكانوا هم خذلانها ....

اليوم يمضي عيد الام كباقي ايام العمر .... تختزن بقلبها اسى وقهراً وهي تحيا وحيدة بمكان لم يعد يجدي به رائحة الورود بايديهم وليس هناك مكان لهدايا يحملها الاخرون بعد ان غابت هدية العمر بوجودهم بجانبها وبشعورهم بها في وقت كل ما تحتاجه الا تعيش ما تبقى لها من العمر وحيدة يلفها حزن لا يضاهيه حزن بالحياة ...

لا تزال تحدق من نافذتها ... ترى العمر الذي مضى كم تشتاقهم هي اليوم .. تتمنى لو انها تراهم يوما واحداً فقط لتودع الحياة ،من بعدها وهم يتمنون لو انها تغادر الحياة دون ان تستمر باستجداء رؤيتهم لانهم لا يملكون سوى كلمات الاعتذار يحملونها اليها .، ليس اعتذارا عن غيابهم وقسوتهم انما اعتذار عن بث روح الامل بحياتها ولو لمرة واحدة فقط .

لحظة صدق ....
لو كنت اعلم باني سأعاني ولو كنت اعلم بان قلبي الذي احبكم ونفسي التي احتوتكم طيلة العمر ستكون سببا بايلامي وحزني لاكتفيت من البدايات وتنازلت عن مشاعري كأم ولم ابدأ بهذه الرحلة بالحياة كي ابقي بداخلي على معاني الام بابهى صورها وجمالها وقدسيتها .

الراي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :