facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أحمد الدباس الذي رحل


سليم المعاني
19-04-2009 04:03 AM

في السابع من كانون الأول عام 1977 دلفت بوابة الصحافة من خلال جريدة الدستور ... بعد زهاء خمسة أشهر من تخرجي في الجامعة ...

كانت أسرة صغيرة دافئة ... أقسام الصحيفة تتكون من مجموعة مميزة ــ آنذاك ــ : المبدع المحترف عيسى كامل يتولى إدارة تحرير العربي والدولي ... وغازي حداد سكرتيرا للمحليات ... وأستاذي المرحوم احمد الخصاونة يدير وحده التحقيقات الصحفية بمهنية عالية للغاية ... وفوز الدين البسيومي " أطال الله في عمره " يشرف على صفحة بريد القراء وتتوشح صفحته بزاويته الأسبوعية الرائعة حيث كان يفيض علينا بذكرياته وتجربته في الحياة بمرها وحلوها ... ومصطفى صالح ووليم هلسه يتوليان شؤون الثوابت ... والصديق الراحل موسى عبد السلام يعد ويشرف على تحرير الصفحة الأخيرة المنوعة والمميزة ... ومحمد موسى أبو تيلخ " أبو عماد " أمد الله في عمره كبير المندوبين وعميدهم ... وأحمد شاكر وراحلنا أحمد الدباس ؛ وموسى الازرعي وهاشم الطراونة تتوزع عليهم مهام تغطية المناطق الإخبارية كافة ... ونبيل عمرو يختص بالشؤون الفلسطينية ... ومحاسن الإمام تتابع شؤون المرأة وقضاياها المختلفة ... وتيريز حداد تتولى مسؤولية الأرشيف ... وتغوص في أعماق المجتمع لتبدع تحقيقات كانت السباقة فيها كتحقيق " المتسولات ... والسجينات .... الخ . ويوسف عماري يدير الاعلانات يساعده فيها من ورطني بمهنة الصحافة الصديق محمد طاهر الشنطي ... ويتحف الصحيفة برسوماته الكاريكاتيرية الهادفة " محمود صادق " ... وينفرد الراحل المبدع " عبد ربه الحواجرة " بلقطاته الفوتوغرافية المتميزة .

ويتألف هرم الصحيفة من أستاذنا ومعلمنا الكبير تنزلت عليه شآبيب الرحمة محمود الشريف " أبو شوقي " / رئيسا للتحرير ... ومدير الإدارة المحترف وصاحب العمود اليومي " كل يوم " طارق مصاروة بينما يتولى الأستاذ عبد السلام الطراونة مهام رئيس التحرير المسؤول ... ويتولى مهام مدير التحرير الراحل " محمد الجيلاني " أبو سمير ــ تغمده الله بواسع رحمته ... ويطل علينا بزاويته اليومية وباسمه المستعار " جهينة " وزاويته الأسبوعية " لحظات " أستاذ الأجيال " أمين شنار ... أما الشؤون الاقتصادية فكان يتولاها الأستاذ الفذ " فهد الفانك " وتنعكس حرفيته ومتابعته من خلال زاويته الاقتصادية اليومية ــ أيضا ـــ .

هكذا كانت الدستور ــ حينذاك ـــ كتيبة من الأساتذة المحترفين
في يومي الأول ... تمثلت خطوتي الأولى بلقاء رئيس التحرير المسؤول حيث اتصل بـ " أحمد الدباس " الذي كان يعمل ــ أيضا ــ في وكالة الأنباء الأردنية " بترا " وطلب منه بأدبه الجم الذي يتميز به " أبو سليمان " أن يتولى تدريبي ...
توجهت إلى مبنى الوكالة خلف وزارة السياحة ــ حاليا ــ وقدمت نفسي " لأبي علي " الذي كان مشغولا بتفريغ مقابلة كان قد أجراها مع جلالة الملكة نور ... وهذا درسي الأول في عالم الصحافة ...

في اليوم التالي التقيته بمبنى الجريدة ... ثم توجهنا إلى الوكالة ... ومن ثم قام بجولة على مناطقه الإخبارية وكانت محطتنا الأولى وزارة الاقتصاد الوطني ـــ هكذا كانت تسمى وزارة الصناعة والتجارة والتموين حينذاك ــ .

شعرت بالارتياح حيال أبي علي منذ اللقاء الأول ... فهو صاحب روح مرحة ... بشوشا ... صادقا ... لا يجامل البتة ... يقول كلمته بكل رجولة وشرف ولا يخشى لومة لائم .
لا أقول ذلك انسياقا مع مثلنا العامي المتداول الذي يقال عند مدح الميت " أطالوا رجليه " ... فأحمد الدباس بالرغم من قصر قامته فقد كان عملاقا بأخلاقه ومهنيته وصدقه ووفائه وشهامته ورجولته .

اذكر ان احد مدراء وكالة الأنباء الأردنية أوفده بمهمة صحفية إلى القاهرة ... وأوصاه أن يحضر له " ملابس داخلية " من نوع المشهور" جيل " وأصر أن ينقده ثمنها مع رفض " أبو علي " أخذ الفلوس ... لكن إصرار المدير كان قويا ... وعندما عاد سأله المدير : هل أحضرت ما أوصيتك عليه ؟؟
أجابه : لا !!
فسأله لماذا ؟
أجاب أحمد : بالله عليك لو أحضرت لك " ملابس داخلية " هل تحترمني ؟
فضحك المدير ... وقضي الأمر .
وذات يوم جمعة ... جاءنا نبأ رحيل أحد الزملاء الصحافيين وكان كمعظم بقية الصحافيين الأنقياء الذين يتصفوا بالعفة ونظافة اليد " شحيح الحال " وتربطه بـ " أبو علي " علاقة وطيدة ... فنهض أحمد الدباس فجأة سألناه إلى أين ؟؟ قال لم يمت " فلان " إنما قتل قتلا من قبل شقيقه !!
قلنا له كيف ذلك وما وصلنا انه مات بالذبحة الصدرية !!
أجابنا : صحيح ... لكن مات قهرا من العوز والحاجة مع تنكر شقيقه له وهو الذي أنعم الله عليه بالأموال والأطيان ... فلو فرج كربة أخيه هل يمت قهرا ؟؟ أليس هو من أسباب موته ؟؟ . وصدقا بكل صعوبة منعناه دون أن يمضي إلى شقيق صديقنا ... وكان بكل تأكيد سيواجه الرجل بشراسة !!
خلال اجتياح لبنان ... والاعتداءات الصهيونية على الجنوب اللبناني ... غادر أبو علي إلى منطقة الأحداث ليغطيها لصحيفة الدستور دون أن يأخذ إجازة رسمية من وكالة " بترا " التي كان يعمل فيها ... وتميزت الدستور حينها بانفرادات صحفية دفعت وكالات الأنباء العربية والعالمية أن تنقل عن الدستور ... وهذا ان عكس شيئا فإنما يعكس المهنية العالية والإخلاص في العمل ؛ والانتماء لقضايا الأمة التي يتميز بها " أبو علي " ...
واذكر في يوم عودته من لبنان سأله مدير الوكالة ــ حينذاك ــ : كيف تغادر إلى لبنان دون إجازة لتغطي للدستور ؟؟ فلم يتردد احمد الدباس ان يجيبه بالحرف : كنت اعتقد أنك ستشكرني على ما قمت به ... شعرت ان هذا واجبي الوطني والمهني ... والدستور وسيلة إعلام أردنية ... وكلنا إعلام وطن ودولة ... فلم يجب المدير بأي كلمة ...

ضمير الأمة
أصدقاء " أبو علي " وكل المقربين منه ؛ كانوا يطلقون عليه لقب " ضمير الأمة " ... والسبب في ذلك انه ترشح لأول مرة لانتخابات نقابة الصحافيين التي جرت في الحادي عشر من كانون الثاني 1980 ... كان عدد أعضاء الهيئة العامة للنقابة لم يصل إلى (100) عضو ... وفاز راكان المجالي نقيبا ب 55 صوتا على منافسه عرفات حجازي الذي حصل على 38 صوتا بينما حصل أحمد الدباس على 66 صوتا ... وحينها للمرة الأولى في انتخابات النقابة يتجاوز عدد الأصوات التي حصل عليها مرشح لعضوية النقابة ما حصل عليه النقيب ... فأطلق عليه محبوه وأصدقاؤه لقب " ضمير الأمة " .
ومن نوادر وطرائف " أبو علي " أن سأله احد الزملاء : ما وجه الشبه بين " أبو عمار " ياسر عرفات ... وأبو عمار " محمد أبو غوش ... فأجاب فورا : كلاهما بطل !!
فأصبح الزملاء يطلقون عليه " أي على أحمد الدباس لقب " كلاهما بطل " !!
ما شدني لأحمد الدباس وجعلني أحبه حبا جما واحترمه احتراما كبيرا بره المطلق بوالدته وعنايته بها ... واحترامه لقناعاتها وتقاليدها إلى درجة القدسية إلى أن وافاها الأجل المحتوم .
وبعد ... فيا أخي وأستاذي " أبو علي " ... ها أنت مضيت إلى حيث سنمضي من بعدك ... أردد ..
ومضى الرفاق كأن لم يكن
لك بهم عهد ولم تصحب
إلى أن فنوا ثلة ثلة
فناء السراب على السبسب
فإلى أعلى عليين ... مع الأنبياء والشهداء والصديقين ... وحسن أولئك رفيقا ...
لقد صبرت على مرضك صبر المؤمنين الأتقياء ... وكنت حتى آخر لحظة صامدا صمودا خرافيا حيال " غول المرض " ... جزاك الله على هذا الصبر ...
ولنا في رسول الله أسوة حسنة ...
وعزاؤنا في نجليك " علي " ومحمد ... اللذين ورثا البر والوفاء عنك واتصفت بهما حيال الراحلة والدتك ...
وجزا الله الوفية الأصيلة " أم علي " قدوة للنساء الصابرات المؤمنات ...
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :