facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رسالة إلى السلط


د. ماهر عربيات
14-08-2018 07:02 AM

سبق لي أن اطلعت على القليل من المؤلفات والكتب والكتابات، التي أمعن أصحابها في الحديث عن أصالة وحضارة وعراقة مدينة السلط، والمكانة الدينية المقدسة التي تحظى بها حاضرة البلقاء، كما سنحت لي الظروف عبر سنين خلت، الإستماع إلى بعض السياسيين والمثقفين، ممن تناولوا مدينة الأوائل وتاريخها الذي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ومقوماتها الكبيرة وشواهدها الحضارية العظيمة، ومكانتها العلمية التي ظلت نبراسا ونورا للعلم أضاء ما حولها، ولعل الشهيد وصفي التل كان أبرز من وصفها حينما قال : الأردن بدون السلط كالطعام بدون الملح.

السلط مدينتي، وكنت مدركا ومؤمنا منذ صغري لما يكتب ويقال عنها، أعترف أنني كنت عاشقا للمدينة، التي منحتها الطبيعة جمالا متجددا وخضرة خلابة، ولطالما لا زمتني في قلبي وعقلي، وفي حلي وترحالي. كما أدرك أن صيتها ذاع فوق الأرض من كل اتجاه.

قيل أنها مدينة شامخة ... نعم لعمري هي كذلك، فالمدينة تبدو ساحرة شاهقة ... فخورة برجالاتها، وبمكارم أهلها ومآثرهم ومناقبهم، بثرائها وفقرها، بوداعتها وحلمها وصفوها، بهدوئها وصخبها، ببنيانها وأطلالها وآثارها، بتناغم سكانها الديني.

في الماضي القريب، كان يستهويني أن تأخذني قدماي إلى قلب السلط، لكي أتجول في أزقتها العتيقة المتباينة حجما ومساحة، والتي أنفقت فيها جزءا من طفولتي، وصغت فيها أحلامي البريئة التي لم يرى النور منها إلا القليل.

للسلط سريرة وأسرار لا تعرب عنها إطلاقا، إلا لمن ثابر واعتاد الإقتراب منها زمنا طويلا، بعض تلك الأسرار ترسم على وجوه أهل المدينة ملامح الإعتراض والغضب، وبعضها الآخر يسبغ على الوجوه مسحة الرضا والأمان والترف.

مع كل هذا، ينبغي أن أعترف بأنني بدأت منذ وقت طويل أنفر من كافة أماكنها المليئة بالمعالم الجميلة وروعة المناظر الطبيعية، وأصبحت لا أطيق حضارتها وثقافتها ومكانتها التاريخية والسياحية والأثرية ... وباتت خارج اهتماماتي تلك القامات التي سطرت ماضي وحاضر السلط.

لا اريد الرجوع للزمن الراحل، فلم يعد يهمني تحقيق طموحاتي وأحلامي فوق تراب السلط، فأنا الخاسر من كل مجد ينهض بالمدينة، وحضارة تزدهر، ونمو يتسارع فوق ارضها وتحت سمائها.

رسالتي إلى السلط فحواها، أن أصبح لدي قيم ومعتقدات ومبادئ لا يتقبلها الناس، أصبحت قادرا على اضافة ممارسات وسلوكيات لشخصيتي لاتخضع لقواعد ومعايير المجتمع، فأنا اليوم جزء من كيان له أفكار وأهداف مرفوضة عند الغالبية العظمى، لكن هذا الكيان منحني إحساس بأنني أرفع وأفضل من الآخرين، وأن المجتمع لا قيمة لوجوده ولا مبرر لحياة الناس، لهذا انحصرت تطلعاتي في الحرص على تنفيذ الجرائم المطلوبة مني بنجاح.

ايتها المدينة التاريخية، سمائك ليست كسماء المدن الأخرى، وترابك ليس كتراب المدن الأخرى... يا حاضرة البلقاء ريحانك ليس مثل رياحين المدن الأخرى ... يا عبق التاريخ، لقد سئمت منك، ولن استبيحك عذرا، عندما أقول بأني سأجعل مكانتك تهتز وسمائك تغبر، وبيئتك بركان، ومحيطك أحزان.

أعرف انك تريدين تذكيري بالمدرسة التي كنت اتلقى تعليمي بها، وبملعب حارتنا، وبأيام العيد على أرضك بساحاتها وهضابها، برغد العيش والمحبة والسلام، بالأمن والأمان الذي ساد أرجائك، بدمعي الذي كان ينسكب على خدي عندما يذكر اسم السلط في الميادين المختلفة.

لكن رسالتي أنني عازم على قتل الإبرياء، وتدمير القيم النبيلة، وخلق الفتن والإضطرابات، وضرب استقرار المدينة، وتقطيع أغصان الود والمحبة ... سأحرق مدرستي، وسأسفك الدماء، وسأجعل من جسد ابن بلدي وجاري وصديقي مجرد أشلاء، سأجعل رمان السلط قذائف حارقة، وحبات التين قنابل يدوية.

اعلم بكل ما يجول في خاطر السلط، ولكن فات الأوان، رغم كل ما قدمته، فقد كرهتها، أجل كرهتها...

المرسل إرهابي مجرم..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :