facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في القلق على الهوية الأردنية ، والكلمة السواء


سامر حيدر المجالي
02-06-2009 01:55 PM

لا حدَّ سوف يقف عنده الإسرائيليون في محاولتهم طمس أي هوية تعترض طريقهم ، من أجل تحقيق نبوءتهم التاريخية ومزاعمهم الباطلة . هذا الذي يحلمون به - برغم بشاعته - ذو ايجابية واحدة ، فهو يفتح عيوننا في كل مرة على موضوع الهوية الأردنية ، ويدنينا من حقيقة تكمن في مكان آخر ؛ مكان نعبر فيه عن الهوية همسا ، ونؤجل الخوض في معالمها حتى إشعار آخر .. إشعار قد لا يأتي ، ما دامت البديهيات عندنا مخيفة ، والحساسية مفرطة ، والرؤية غائمة ، والمواقف نطنطة فوق الحبال .

الذين يريدون حماية الهوية عليهم أن يتحدثوا – وقد تأخروا سنوات طويلة – هذه المرة بمنتهى الصراحة والوضوح . فالتأجيل بات شكلا من أشكال الانتحار الوطني والإنساني . ومع افتراض حسن النية عند الجميع ، يبقى علينا أن نفكك المعطيات ونعيد ترتيبها من جديد ، كي نحمي الهوية ، ونلقي بمقترحات الكنيست وإلداد ، وأي حالم بوطن بديل ، في مزبلة التاريخ .

ثمة إشكالات كثيرة ، بل بديهيات مستثناة ومغيبة ، لا يستثنيها إلا نحن الذين يجيش في صدورنا اليوم همُّ الهوية . منها أن الهوية عندنا ما زالت عصية على الفهم بمعزل عن الدولة . والدولة – كما تعلمون - بنيان يقوم على ثلاث ركائز : أولها وأهمها الشعب ، ثم الأرض والسلطة . فإذا ما أدرك شعب ما أن وجوده وهويته يسبقان وجود الدولة ويمهدان لنشوئها ، علم متيقنا أن هويته هي الركن الأساس الذي تقاس كل الأشياء عبره ومن خلاله ، بما فيه الدولة نفسها ، ووجودها وعوامل استقرارها أو فنائها .

هذا الفهم البسيط ، الذي طوره المفكرون السياسيون إلى مفهوم ( العقد الاجتماعي ) ، يؤكد أن الشعب هو العامل الثابت ، بينما ماهية الدولة عامل متغير بتغير الزمان . فإذا ما افترضنا أن دولة ما قد قامت على غير هذا الأساس ، كان بديهيا أن هذه الدولة ليست أكثر من قوة طارئة على التاريخ ،>>> يبقون ببقائها ويفنون عند أفول شمسها ، بلا هوية أو شخصية تبقي لهم مع الأيام ذكرا .

هنا على الأردنيين جميعا أن يتفقوا على كلمة سواء أولى تجاه هذا الفهم ، ليس خروجا على دولتهم - معاذ الله - بل تدعيما لوجودها ، فهم ركيزتها وعامل نمائها . وتدعيما لهويتهم كذلك ، لأنهم شعب ضاربة جذوره في أعماق التاريخ . وليس من المعقول أن تهتز هذه العراقة والجذور الضاربة أمام اقتراح تافه أقره الكنيست ودولة المرتزقة ، القائمة على الوهم والخرافات التوراتية البائدة .

وكي نكون صرحاء ، فان الحديث عن الأردنيين في النقطة السابقة يعني ما يُصطلح على تسميته بـ ( شرق الأردنيين ) . ومع التحفظ على الطريقة التي يُستخدم بها هذا المصطلح ، إلا انه ضروري هنا ، كي نعرف ما الذي نتحدث عنه تماما . فالشعب الذي أقام دولة الأردن الحديثة على أكتافه وفوق أرض آبائه وأجداده ، وقدم كل غال ونفيس من أجلها ، ممثلا بعشائره ونسيجه الاجتماعي المعروف ، ثم اختار قرار الوحدة مع الضفة الغربية بملء إرادته ، هذا الشعب هو الأجدر بأن تكون هويته هي روح الدولة ومعالمها وسماتها ، وصمام الأمان والنواة التي يلتف حولها الجميع .

هذا الكلام يصلنا بالنقطة الثانية مباشرة ، فالخوف المتفاقم من مؤامرة الوطن البديل وقيام دولة ذات أغلبية فلسطينية على تراب الأردن عبر تصفية قضية اللاجئين ، هذا الخوف لن يكون له مكان من الإعراب إذا اتفق الأردنيون جميعا ، بكافة أصولهم ومنابتهم ، على كلمة سواء ثانية ، تحافظ على النواة وصمام الأمان اللذين تحدثنا عنهما سابقا . لكن – هذه المرة - بمنتهى الوضوح والشفافية ، وطرحا للحق والحقيقة دون مواربة أو خجل . فالحديث عن حقوق الأردنيين من أصل فلسطيني شيء ، والنواة التي على الأردنيين جميعا أن يحافظوا عليها شيء آخر . فلا مكان في الأردن إلا لهوية واحدة ونقطة صلبة يرتكز عليها الجميع . هذا الكلام لا يعني تهميش الأردنيين من أي فئة ، ولا يعني طغيان عرق على عرق . بل يعني ببساطة أن من يريد استقرار هذا البلد وبقاءه صامدا خدمة للأردن ولقضية فلسطين معا ، فان عليه وقد اختار أن يكون أردنيا ، أن لا يسعى إلى تفجير المجتمع ، وأن يسلك أيسر السبل التي تضمن إبطال مخططات الإسرائيليين وغيرهم . فالعشائر الأردنية خط أحمر ودعم عزتها ومنعتها وبقائها رقما صعبا ومقدما في معادلة الأردن ، هو أقل واجب يقدمه الأردني – مهما كان أصله - تجاه الأردن حبا وإخلاصا ، وتجاه فلسطين وقضيتها .

عندئذ ، نستطيع أن نقول أننا شعب واحد ، بل شعب انصهرت مكوناته في بعضها ، فكان سدا منيعا أمام المؤامرات مهما كان حجم صانعيها .

تبقى نقطة أخيرة تخص شرق الأردنيين ، بعضهم لا كلهم . إذا كان التساهل في أمر الهوية جريمة كبرى ، فان تحويل الهوية إلى شوفينية محضة وهتلرية جديدة جريمة أكبر . فثمة من ينظرون بعين واحدة ولا يدركون أن الخطر الخارجي على الهوية أقل شأنا بكثير من الخطر الداخلي الذي تحييه دعاوى العنصرية وموقدو الفتنة . هذا الكلام ليس هدفه الإنشاء ، ولا نقوله علنا يخالف ما أسررنا في أنفسنا . نحن نعلم أن هناك فئة ترى الهوية شرق الأردنية عبئا يجب الخلاص منه ، إنهم بيننا لكنهم قلة مفضوحة على العلن ، ومآلهم كما إلداد وغيره ، مزبلة التاريخ ولعنته . الأردنيون جميعا بكل أصولهم وأطيافهم سواء وإخوة في الدم والمصير ، هذا واجب وحق تجاه وطننا وعروبتنا . لقد اختار آباؤنا وأجدادنا أن يكونوا أنصارا ، يحبون من هاجر إليهم ، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة . هذا اختيارهم وعهدهم ، وهذا ما يجب أن يمضي عليه جيلنا والأجيال القادمة من بعدنا . المطلب الوحيد الذي نصر عليه، ولا نرى وطنا ولا وجودا من غيره ، هو هويتنا وهوية أجدادنا وتراثنا ، هي الأردن والأردن هي . لا نريد أن نلغي الآخر ، بل نريده أخا وسندا ، يقينا ونقيه عثرات الزمان ونوائبه .

فلنبحث عن كلمة سواء تجمعنا وتحمينا جميعا ، ولتكن بيننا مكاشفة ومصارحة إلى ابعد الحدود . فبدون تحديد المفاهيم لا تتبلور هوية واضحة ، ولا يستقر كيان ودولة ، ولا يكون وطن ولا تاريخ ، ولا حتى حشد ولا رباط ، للذين يحلمون بيوم الحشد والرباط ويؤمنون حقا بصدق النبوة والنبوءة المحمدية .

Samhm111@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :