facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجامعة: مطرح مقدّس


أ.د عمر الحضرمي
25-09-2018 12:35 AM

ابتداء، وأساساً، وانطلاقاً من القيم العليا للمتحضرين من بني البشر، فإن الجامعات ومعاهد العلم، تعتبر الوسيلة المركزيّة لغرس المُثُل، وتشكيل العقول، وإنتاج المعرفة. وعليه يغدو دورها الأساس، لا ينحصر في مجرد إمداد الطالب بمجموعة من الحقائق أو حزم من المعلومات، إذ بإمكان الطالب أن يحصل على هذه الحقائق والمعلومات من مصادر متعددة؛ من كتب أو مواقع أو مراكز تكنولوجيّة، خاصة بعد ثورة الاتصالات التي شهدها العالم أخيراً، وبعد الانتفاضة الهائلة التي شهدتها مجتمعات المعلومات.

تتمثل رسالة الجامعة، في أصلها وجوهرها، في صقل قدرات الطلاب ومساعدتهم على تنمية هذه القدرات، ليتمكنوا من الفهم والتحليل والتأصيل والنقد والمناقشة والمساءلة، وليصبحوا قادرين على استيعاب مناهج المعرفة المختلفة واستخدامها لفهم المعارف والعلوم وانتاجها.

أما الأستاذ الجامعي فهو، في كينونته ووجوده ووجدانيته وأصله، قدوة حسنة للطلاب، وهو مرشدهم وناصحهم الأمين، وهو المعين للباحثين على التعلّم وتنمية قدراتهم الذهنيّة ومهاراتهم العمليّة، وتشكيل شخصياتهم وانضاجها في مختلف أبعادها وجوانبها.

ويقول د. عبد الفتاح ماضي: إن الأستاذ الجامعي صاحب رسالة نبيلة وسامية في بناء الأجيال التي يوكل إليها، في المستقبل، تحمل أمانة المسؤولية المجتمعيّة والارتقاء بالمجتمع والمساهمة في تقدمه ونهضته. وارتهاناً بذلك فإن احترام الأستاذ الجامعي هو واجب مقدس مُلقى على عاتق المجتمع وعلى أفراده كافة خاصة الطلاب منهم، وعلى هؤلاء أن يتعاملوا معه بكل ما هو أهل له من توقير وإجلال، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وأن الأساتذة يكادون يكونون رُسُلاً، وأي مساس بهم وبقيمتهم ومكانتهم يعد انتهاكاً لقيم العِلْم ذاته، لأن أستاذ الجامعة هو ضمير مؤسسة الجامعة وقلبها، ولأنه بقدر قيمة الأستاذ تكون قيمة الجامعة، وتكون بالتالي قيمة المجتمع.

وعلى المقلب الآخر، فإن تلك المكانة السامية للأستاذ الجامعي، تُلقي على كاهله عبئاً ثقيلاً ومسؤوليّة جسيمة، إذ يتعيّن عليه أن يثبت أنه أهل لتحمل تلك الأمانة، وأنه أهل لاحتلال تلك المكانة. وفي ذات السياق يتوجب عليه أن يبذل كل ما في وسعه من جهد ووقت وإمكانات، لتنمية قدراته العلمية لمساعدته في بذل المزيد من أجل تنوير عقول طلابه، وإمدادهم بكل أدوات الفهم والتحليل وتنمية القدرات والمهارات العلميّة والمهنيّة، وهذه كلها مسؤولية الأستاذ الجامعي والجامعة والدولة، لما يمثله ذلك من كفالة حقوق الطالب الأساسيّة وضمانها.

وأما الإداريون في الجامعة فهم جزء من مجموعة الأمناء على انتظام العملية التربويّة وسريانها على النحو المطلوب من مستويات الجودة والكفاءة والفعاليّة، الأمر الذي يقتضي كفالة حقوقهم الأساسيّة ومعاملتهم بما هم أهله من توقير واحترام ورعاية، سواء من جانب الطلاب، أم من جانب أعضاء هيئة التدريس، أم من جانب إدارة الجامعة، أم من جانب المؤسسات الرسميّة في الدولة، لأن ذلك سيساعدهم على أداء عملهم بما يُفْضي إلى نجاح العملية التعليمية والعملية التربوية، وبالتالي حسن خدمة المجتمع. ومن جهة أخرى فإن عليهم تقع مسؤولية صيانة الجامعة إدارياً وسلوكياً وقيميّاً، واحترام قوانينها، ورعاية طلابها، والالتزام التام بقواعد السلوكيات واخلاقيات العمل الجامعي.

إن تبادل الاحترام بين هذه الأطراف الثلاثة، والتكامل والتناغم فيما بينها، يمثل السبيل الوحيد للوصول إلى حياة أكاديمية تتسم بالرقي والتحضر والجودة، وبالتالي الوصول بالدولة إلى الحداثة.

ويضيف د. ماضي أن من واجب الجسم الجامعي، ابتداءً من الكليات ومرورًا بالعمادات ووصولاً إلى الإدارة العليا للجامعة، أن تضع «ميثاق الاخلاقيّات والتقاليد الجامعيّة» كصيغة تعاقديّة متبادلة تضم مجموعة من القيم والمبادئ والاخلاقيات والأداب العامّة والحقوق والواجبات التي على الجميع احترامها وصيانتها والمحافظة عليها، ترتكز في مجملها على حماية استقلاليّة الجامعة وقدسيتها، وصيانة الصرح الجامعي، والابتعاد به عن هواجس التسييس والجهويات والمناطقيات، وكل ما يحملُه الفكر الرخيص الذي يخلق أجواءً مسمومة تؤدي بكل العملية البنائية في المجتمع نحو الهاوية، ويكون ذلك بإدراك أن التعليم الجامعي هو رسالة سامية ونبيلة، وأمانة ومسؤولية، وهو ليس مجرد وظيفة. فدعونا نحترم الجامعة بكل مكوّناتها، وذلك حتى نحقق احترام أنفسنا لأنفسنا.

الراي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :