القدس العربي : احتفالات عشرية الملك .. مشاهد فنية وشبابية تمزج بين خيارات " الديجتال "
12-06-2009 08:26 PM
عمون - القدس العربي ـ من بسام البدارين - تطلب اخراج المشاهد التي تخللها الثلاثاء الماضي احتفال المملكة الاردنية بالعشرية الاولى في عهد الملك عبد الله الثاني الكثير من الجهد والعمل والتوقف عند التفاصيل ورمزيتها ودلالاتها، لكي تقول مؤسسة القصر الملكي رسالتها للجميع هذه المرة وبعيدا عن القراءات الاحادية التي برزت لخطاب الملك قبل الاحتفال بنفس المناسبة.
المعطيات المعلوماتية التي رصدتها 'القدس العربي' تؤكد بأن كل تفصيلة في مشاهد الاحتفال درست بعناية وكانت مقصودة خصوصا بعدما تبين ان تفاصيل التنفيذ والسيناريو والاخراج برمجت بأيدي مسؤولي الديوان الملكي من الجنود المجهولين والدوائر العسكرية بدون اي دور للحكومة ومؤسساتها.
وبوضوح شديد تجنب العاهل الاردني بمناسبة عشريته خيارا سهلا يلجأ له بالعادة الرؤساء ويتمثل في تنظيم عرض عسكري عملاق وسط الجماهير فكان البديل لوحات فنية وسياسية بدلالة وطنية رسمت باناقة ونفذت بحرص ودقة بدون تهويل او مبالغة.
وعلى سبيل المثال من سعى لرؤية طائرات مقاتلة في سماء استاد عمان الدولي حيث نظم احتفال العشرية تمكن من الحصول على الجرعة التي يبحث عنها، فعناوين القوة والمتانة العسكرية تحديدا عامل اساس في الاسترخاء الشعبي وثقة الرأي العام الاردني بالمؤسسة العسكرية تتزايد كلما نقصت الثقة بالمؤسسات الادارية والنخب المدنية والحكومية.
وبدا واضحا من البداية ان مخططي الاحتفال تقصدوا الاشارة لهوية العهد والمرحلة عندما رفعوا شاشات 'رقمية عملاقة' من فئة الديجتال لعرض مشاهد للفرسان والهجانة مستوحاة من الثورة العربية الكبرى.
ولم يكن صعبا على المراقبين الاستنتاج بأن الرسالة هنا تقول بأن المملكة الرابعة عصرية ورقمية دون التخلي عن الاصالة، وبدلا من الاستعراضات العسكرية المهيبة اكتفى المنظمون بقطاعات موسيقية وفنية وعروض جماعية تمثل بعض القطاعات والاسلحة والمؤسسات العسكرية الوطنية رمزيا.
بنفس الوقت استعان المنظمون بفرق شابة تعدادها العشرات وتم احضارها من المحافظات والبوادي والمخيمات ونوع الازياء التي استخدمت في السياق تدلل على تمثيل جميع الاردنيين ومن شتى الاصول والمنابت، فكانت تلك رسالة موازية ترد ضمنيا على دعوات الفرقة والانقسام والعنصرية التي تختبىء خلف هاجس الوطن البديل وتنثر الخوف والانقسام.
عمليا يقول رجال الملك المنظمون للاحتفال ضمنيا هنا بأن المرجعيات مؤمنة بدلالات المشهد الاحتفالي وليس بالنظريات الدارجة في السوق سواء تلك التي تروجها نخب تجلس في الخوف والقلق او اقلام موتورة.
وتنظيم هذا العرض الشعبي عبر مزيج من الفولكلور والرقمية فسر فورا وسط السياسيين على انه نداء يوضح مجددا باسم القصر الملكي رفض الاعتراف بالتصنيفات الدارجة في السوق ما بين حرس قديم وحرس عصري وجديد وهي مسألة طرحها الملك شخصيا علنا وعدة مرات.
وسط الاهازيج والمنشدين في ساحة العرض ارتدت فتيات لباسا عصريا وآخر تراثيا وارتدى البعض كوفية والبعض الآخر طاقية وظهرت سراويل تقليدية وسراويل الجينز الاعتيادية وتواجدت شابات راقصات بغطاء الرأس واخريات بالماكياج.
هذه الخلطة لا يمكن رصدها بالصدفة في احتفال من هذا النوع وسط عمان وبحضور الملك وكبار اركان حكمه ومن قبل الاطقم المعاونة في القصر التي تحسب بالعادة كل كلمة وكل خطوة..هذا ـ قال احد السياسيين لـ 'القدس العربي' - دليل اضافي على رسالة محددة ارادها الملك وارادها المطبخ المنفذ حوله.
وفي عمق الاحتفال رسم عبر اللوحات الرقمية دفتر عملاق يحمل اسم المملكة وتتضمن كل صفحة فيه قيمة محددة، ولاحقا فهمت الخارطة الاعلامية الرسمية بأن كل صفحة مع قيمتها تختزل فكرة يؤمن بها القصر الملكي وتشكل هدفا مستقرا ودائما لأي قرارات او توجهات او تفاعلات.
ورغم ان احتفال العشرية لم يكن مبهرجا وتميز بالبساطة الا ان دلالاته الرمزية غذت على مدار ثلاثة ايام سجالات السياسيين والاعلاميين خصوصا الذين تحركهم شهوة البحث عن مقاصد 'المراجعة الشاملة' التي قصدها الملك في خطابه الاثنين الماضي عندما قال 'اننا عازمون على مراجعة شاملة لتقييم كل تجربتنا في السنوات العشر الماضية'.
لذلك وعلى اساسه يمكن القول ان احتفال العشرية المبسط والرمزي لم يكن بالمعنى السياسي مجرد احتفال.