facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحوار الوطني .. بين الجدّية والعبثيّة .. !


أ.د عمر الحضرمي
01-10-2018 12:35 AM

يذهب علماء الاجتماع السياسي إلى القول بأن الحوار، بشكله العام،والحوار الوطني على مساحات أضيق، إنّما هو تبادل للرأي حول واحدة من القضايا المهمة. ويقوم عادة، بين مختلف فئات الشعب السياسيّة وفصائله، لذلك تنشأ في الدول وفي المجتمعات فرق تحمل اجتهادات مختلفة.

وتتشكل هذه الفرق والفئات على شكل أحزاب أو نقابات أو اتحادات أو تيارات، تتفرد كل واحدة منها بمذاهب وقيم ومفاهيم ومصطلحات وأفكار ومبادئ، يؤدي هذا التفرد إلى تولّد حوارات ومناقشات بين الأشخاص، وهذا مطلب من مطالب الحياة الأساسيّة حتى على صورة فرديّة، إذ عبر الحوار يتم التواصل بين الأشخاص بهدف الوصول إلى الحقيقة وذلك عندما تتكامل أجزاء الفهم التي يمتلك بعضها، فريقا، ويمتلك الفريق المقابل البعض الآخر.

وكلما تحضّر المجتمع، كلما جاءت الحوارات بين الأطراف والأشخاص والفئات بهدوء واحترام ودون تعصّب أو عنصرية أو جهويّة أو استثارة خلافات واختلافات دفينة يتم نبشها كلما التقى طرف مع آخر، ويتم ذلك إذا ما كان كل فريق يحرص على الوصول إلى الحقيقة لا لتحقيق انتصار ما حتى لو جاء ذلك دون وجه حق، وهنا جاء قول الحافظ الذهبي: «إنما وضعت المناظرة لكشف الحق، وإنارة العَالِم الأذكى لمن دونه، وتنبيه الأغفَلِ الأضعفَ».

هناك فرق كبير بين الحوار وبين الجدال، فالحوار من المحاورة، ويعني المراجعة في الكلام، أمّا الجدال فهو يستعمله ذلك الفرد الذي يهمه الخصام وإن انشغل عن ظهور الحق، ولكن في الدائرة الأوسع للمقاربة يلتقي الحوار مع الجدال وإن عرف الثاني، في بعض الأحيان بالعبثية فقال الناس: هذا جدل بيزنطي، دلالة على عدم الجديّة.

وهكذا فإن الحوار كان محط اهتمام الإسلام الذي أرسى دعائمة ووضع معالمه ومبانيه على أرقى صورة من التواصل بين الناس، لذا فقد رأى فيه وسيلة هادفة ذات قواعد وأصول وآداب ورسالة شريفة، تخدم الحق وتدور في فلكه. لذلك أمر الإسلام بالمحاورة»بالتي هي أحسن»، فقال تعالى: أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن». وقال تعالى:»ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن»صدق االله العظيم.

يعتبر الحوار البناء أساساً للعلاقات بين الناس وله أهمية بالغة في المجتمعات المختلفة في معتقداتها، والمتباينة في مفاهيمها وعاداتها. وهو الوسيلة الأهم للتعرف على ما لدى الآخرين، والتوصل معهم إلى مفاهيم مشتركة، ومجالات للتعاون.

كما أنه من أهم وسائل الأمم للحفاظ على قيمها الثقافية، واستيعاب الثقافات الأخرى، وتوليد قيم نافعة في ظل الانفتاح الحضاري وثورة المعلومات التي يشهدها العالم.

أما على المقلب الآخر، فإننا نرى أنّ هناك فئات من الناس تركن، في حوارها مع الآخر، إلى الفوضى العارمة في الأفكار والمفاهيم والاتجاهات، لذلك نراها منغلقة الأفق، مسدودة المنافذ، الأمر الذي يؤدي إلى تفشّي ظاهرة العنف والتنازع والتصارع بين مكوّنات المجتمع المختلفة، وبين هذه المكونات وبين تلك الساكنة فيما وراء الحدود. وإذا ما ساقنا الحديث إلى مطالعة ثقافة الحوار وطبيعته وسماته في المجتمع الأردني، نجد أن هناك توتراً ما غالباً ما يقوم هنا أو هناك، لا لسبب ولكن لضعف ثقافة الحوار أو انعدامها أحياناً، أو اضطرابها أحياناً أخرى. فإذا ما أثيرت قضية ما في رحاب الجامعة أو في مجالس السلطة أو ردهات المؤسسات أو حتى في الشوارع، نجد أن أوّل ما نحتكم إليه هو استعراض العضلات، واستخدام الألفاظ المتوترة، واتخاذ المواقف غير السليمة وغير الشريفة أحياناً، والاستعانة بالعصبيات والجهويات والعنصريات.

ولنا في تلك التجربة التي مررنا بها أخيراً وهي محاولة الحكومة بناء حالة من الحوار حول قانون ضريبة الدخل، هذه التجربة التي شابها الكثير من انقطاع كل أحبال التواصل بين الحكومة وبين الناس. وهنا لا نقول من يملك الحق؛ أطراف الحكومة أم المواطنين، ولكن ملاحظتنا قد جاءت على أسلوب الحوار، الذي، في الغالب، قد انتهى إلى فضاءات من الفوضى والتضاد وعدم وضوح الرؤيا لبناء حالة من التفاهم والنقاش الصحيح.

علينا أن نعرف أنّ للحوار مستلزمات وله أدبيات وآداب وله أساليب لا بد من الإحاطة بها، وهذه كلها ستكون مدار تناول في حديث قادم إن شاء االله، وذلك لضرورة الفهم والتصحيح والتعديل.

Email ohhadrami@hotmail.com

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :