facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إجازات التفرغ لمَ ولمَنْ يا وزارة الثقافة!!!


أ.د. خليل الرفوع
10-10-2018 02:36 PM

عُرِف عن كثير من الشعراء القدماء وحتى المحدثين سعيهم للمدح بحثا عن المال ، وما سُمِّي مالا إلا لأنه يميلُ بصاحبه عن الحق، وكانوا يقطعون البيد الواسعة ليصلوا إلى ممدوحيهم ليُزَيِّنوا لهم القول حقا وباطلا، وهذا معروف لدارسي الأدب العربي ، وأكثر شاعر عُرِفَ بذلك قديما هو النابغة الذبياني ؛ فكان يمدح المناذرة طَمَعًا في عصافير النعمان وهداياه (والعصافير نوق كرائم من ذوات السنامين) ، وذكر الشاعرُ الأعشى أنه طوَّفَ في كل البلاد بحثا عن المال ، وكانت الأموالُ تُعطى بلا رقيب من ديوان محاسبة أوميزانية يفتك بها الفساد فتكا ، وإذا ما أُعطيت الأموالُ في زمانهم فإنها تعطى لشعر راقٍ فقد ذهبت الأموال التي أُعطيت للمتنبي وبقي شعره العظيم خالدا في روح الأمة ولسانها .

إنَّ إجازات التفرغ الإبداعي الثقافي بدعة ابتدعتها وزارة الثقافة ، فهي تعنى أن يتفرغ المبدعُ عاما كاملا كي يقول قصيدة أو يكتب قصة أو رواية وربما مقالة وأثناء كتاباته تلك يتقاضى مبلغًا مقداره خمسةَ عشرَ ألف دينار في السنة مقابل ذلك الإنجاز الأدبي ، ولي ملاحظات أقيِّدُها على هذه الأعطيات :

أولا : ما هو الدافع الذي دفع الوزارة لإنفاق الأموال على أعمال لم تُنجز بعدُ ، أي على أعمال افتراضية لم تُكتب ، فالأدب ليس عملا يدويا أو عقليا يُخطط له قبل إنجازه ، ثم ما هو حجمه ونوعه وعن أي أدب يتحدثون؟ ونحن نعلم أن الأدب الحقيقي لا يُصْنَعُ بطريقة مبرمجة زمانيًّا.

ثانيا : إن أولئك الأدباء الذين أعْطُوهَا كان بعضُهم يعمل في وظيفته ويبدع ، وبعضهم يتقاضي راتبا تقاعديا ينضاف إلي راتب الضمان الاجتماعي ؛ أي أنه متفرغ أصلا براتبين ، فَلِمَ هذا العبث بأموال الشعب ؟.

ثالثا : كيف يُختار المبدعون الذين سيتفرغون للكتابة الإبداعية ، أعَلَى العمر أم على نتاجهم أم على حروفهم الهجائية أم على الأقرب من قلوب المسؤولين وعيونهم في وزارة الثقافة أم على لا شيء؟! وبخاصة أن العمل المفترض صناعته لم يُبدأْ به لحظة تقديم الطلب ، أم المهم هو صرف المال بما أنه ليس مالا خاصا ؟!.

رابعا : سُمي ذلك المشروعُ : مشروعَ التفرغ الإبداعي الثقافي ، وقد تقاضى أموالَه اثنان وعشرون أديبا منذ عام ألفين وثمانية إلى ألفين وأربعة عشر، وكلهم من كتاب الرواية والقصة والشعر، فعن أي إبداع يتحدثون ؟ وهل الإبداع عندهم شعر وقصة ورواية وحسب ، وكم مجموع هذه الأموال التي أنفقت عليهم وعلى اللجان الإدارية والفنية والمحكمة حقا وكيف أنفقت ؟

خامسا : من هم الذين قيَّموا أعمال هؤلاء الأدباء، قبلا وبعدا، أم أن الأمر بيد الوزير له أن يختار اللجان الإدارية والفنية كيفما يشاء ؟ نعم هم أدباء لم تزدهم أموالُ وزارة الثقافة إبداعا ؛ فقد تجاوزوا سن الأربعين حين كتبت مشاريعهم الإبدعية ،وسحيم بن وثيل الرياحي التميمي ( وقيل جرير وقيل غيره )هو من حدد سن الأربعين قمةً فنيَّةً للعطاء الإبداعي في قوله :

وماذا يبتغي الشعراءُ مني وقد جاوزتُ حدَّ الأربعينِ

وللأسف فإن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من تعليمات تلك الإجازات تنص على : أن لا يقل عمر المتقدم عن خمس وثلاثين سنة ، ولا نعلم من حدد هذا العمر، ولِمَ؟وهل سمع من وضع النظام الخاص بذلك وتعليماته أن بعض الشعراء الكبار ماتوا دون ذلك العمر، وأين موقع الشباب المبدعون من أعطيات وزارة الثقافة ، أم أن ما وراء الأكمة ما وراءها !
خامسا : وبما أن الفائزين بأعطيات الوزارة من الأدباء ، فيحسن القول إن الأدب كتابة لا تحتاج ليُصْرَفَ عليها من أموال الشعب كي تنجز ، ولا نعلم أن أحدا دفع جزءا من ماله مسبقا لشاعر كي يكتب ديوان شعرعن قضية لا تخصه ، ومن قال إنهم تفرغوا للكتابة وحدها ولا يخرجون من بيوتهم ولا يعملون ويتاجرون ويسافرون كما يعمل الناس في أيامهم ولياليهم .

سادسا : مال الدولة مال الشعب لا يجوز أن ينفق لأغراض استعراضية ، فمن أراد أن يتفرغ للإبداع فليجلس في بيته ولينفق مما أتاه الله ، سواء من تقاعده أم مِنْ نتاج بيع كتبه، ثم أين تلك الإصدارات ؟ وماذا قدَّمت للوطن والأمة أو ماذا قدمت للأدب ؟ .

سابعا : على وزارة الثقافة أن تعيد التفكير في ذلك المشروع ؛ فمن يريد الإبداع حقا لا يأخذ أموال الشعب فليبدع ويتفرغ أيام عطله وساعات تخيِّله ، ومن أراد الإنفاق بلا محاسبة فلينفق من ماله الخاص أو من تبرعات الموسرين وليس من مستحقات الوزارة.

وبعدُ ،
فهذا فرع من أصل ، ولا بد من النظر في الأصل حتى نعرف لما اعوجَّ الفرعُ وذبُلَ حتى بان اعوجاجه وظهر ذبولُه جَهارا نهارا، ثم إن الأدب أكبر من مشاريع لا يُعرف لمَ وجدت ، ولمَنْ رُصِدتْ ، وقبل ذلك وبعده فالأردن أكبر منا جميعا ، ومال أهلهِ هم أولى به، وإذا كانت الفكرة قد نُقِلَت نقلا سطحيًّا من مشاريع التفرغ العلمي في الجامعات الأردنية فإن أسبابها ومعطياتها وتعليماتها وشروطها تختلف اختلافًا كاملا وإن كان لا بد من السير في مشروع وزارة الثقافة، ولا نعلم هل أوقِفَ أم لا ؟ فإن للمثقفين الأردنيين حقًّا في إبداء آرائهم فيه من خلال مؤتمر يُدْعَوْن إليه ، بدلا من فرض تصور لا يعنيهم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :