facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أكتُبُ كي لا أكون وحيداً!


سليمان الطعاني
25-10-2018 03:33 PM

الكتابة عندي استفزاز جميل، وحالة مشتهاة، أُهيم بها لمداواة الجرح النازف والدمعة الحرّى والألم الصامت في قلبي منذ سنوات، رغم أنها عمل شاق يُرهق الفكر والذاكرة، وحالة من حالات الإجهاد الذهني والإرهاق العصبي والتوتر والانفعال الصاخب الصامت وممارسة العصبية والقلق، أشعرُ أنها وجعٌ لذيذ أشعر به حين أغامر بأفكاري وأضعها على الورق، أتركها أنشرها ليقرأها الجميع دون استثناء، فتصبح ملكاً لهم مجّاناً، وليس لي إلا أن أتحمل وزر كل كلمة أكتبها!

وجع لذيذ يدفعني للكتابة ثم لمعاودة الكتابة مراراً، وأنا أعلم تماماً أن الكتابة فعل مُجرًّم، قد يقود الكاتب للنقد أو للتوبيخ أو للسجن، وعندما أكتب وأهيم بالكتابة بجميع سلبياتها، فإنها تصبح عالمي!

أهي لعنة تصيبنا؟ أم هي غواية القلم؟ أم هي لذة الكتابة وصناعة الأفكار؟ أم هي كل هذه الأشياء مجتمعة؟ لا أحد يعلم، ولا أحد يستطيع أن يمنحنا سبباً قاطعاً ومحدداً عن دوافع الكتابة والرغبة الجامحة التي تدفع الكثير منا لهذا الفعل.

أنا شخصيّاً أكتبُ لأنّ حلقات الحياة أصبحت ضيقةً عليَّ أكثر وأكثر، ولأن حدود الكونِ باتت تخنقني وتتلاشى، أكتبُ لأنَ الآخر لم يعد يتقبلني كما أنا فقد وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا، ولكني لم أكن بدعائك ربي شقيّا. أكتبُ بعد أن سئِمتُ تقبّل الآخر لأنادي ربي نداءً خفيّا، فأنا أعرف إن الله حييٌّ كريم يستحيي إذا رفع العبد إليه يديه أن يردَّهما صفراً خائبتين.

أرفع بدي بالقلم لأن أكتبَ ما يرضيني، فالكلماتُ تملؤني وتتكاثر والأحرف ثمرّ سراعاً داخلي وتتناثر وأرى أنّ التأخر في تفريغها على الورق يحوّلها إلى خلايا مرضيّة.

المجروحون وحدَهم يجيدونَ الكتابة، وكلما كان جرحهم عميقاً وغائراً كان النصُّ أعمق، والكاتب نفسهُ يكونُ عميقاً أيضاً، حتى أنك تستطيع أن تعرفه من عزلته، وشروده المتكرر، وحركات يديه غير المنتظمة، ومن قِلة حديثه أحياناً.

لا تستطيع أن تتخيل معاناة الكاتب عندما يتكلم، آلاف الكلمات تتزاحم في رأسه في حين أنه لا يستطيع التفريق ما بين الكلام الذي يريدُ قوله، أو الكلام الذي يريد كتابته، أو حتى ذلك الذي قرأه في مكانٍ ما مؤخرا.ً

أن تكتبَ، يعني أن توقن يقيناً تاماً مقروناً بالرضا أنّ بكاءَك لم يؤثر يوماً في أحدهم، ولن يؤثر، وأن تعلم بأن الآمك تخصُك أنتَ وحدك، وأن حزنك لن يشكل فارقاً ..

أن تكتبَ، يعني أن تنامَ وحدَك وتستيقظَ وحدَك، أن تزعجك الضوضاء والأصوات العالية وأن يثيرَ الناسُ اشمئزازك في أبسط عاداتهم.

أن تكتبَ يعني أن تُقذَف وتُشْتَم وتُتّهم بأبشع التهم، وأن تكونَ منبوذاً في مجتمعك، فقط لأنك تكتب.

أغلب الظن أنني أكتبُ من أجل نفسي، كي لا أكون وحيداً، كي أمارس شجاعتي ولو على الورق، حتى لو قلتُ إنني أكتب من أجل فكرة ما، أو من أجل الدفاع عن مبدأ ما أو عن قضية ما، فإن هذا لا يتعارض مع أنني أكتبُ من أجل نفسي. فالنصوص لا تعني لي سوى لحظات من البوح الإنساني المتدفق، يكفيني أن يقرأها من يهمهم الأمر كنوع من التعويض عما فاتني من وقت في لقاءهم والمسألة لا تعني لي أكثر من تفريغ شحناتي الإنسانية في كتابة تذكرني بهذه التفاصيل والمواقف إن نسيت وتحفظها من الزوال إن لم تقوَ ذاكرتي على استدعائها أسجل فيها لحظات شجوني وحزني وكآبتي الممتدة وبعض أفراحي المحدودة!!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :