facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




النصيبُ المفروضُ من التوريثِ الوزاريِّ بالمصاهرة


أ.د. خليل الرفوع
06-12-2018 08:51 PM

هناك آياتٌ قرآنية في بداية سورة النساءِ تتناول النصيبَ المفروض للورَثة ، بحيث لم تتوقف عند الأبناء والبنات فقط بل أعطت غيرهم من أولي القربى ، ولم يحرم اليتامى والمساكين إن حضروا القسمةَ ، وقد اقتصر الأمر في كل الآيات تلك على الميراث المالي ، وأما ما يُتَورَّثْ من الأنبياءِ لم يكن مالا بل كان علما ؛ فكان العلماءُ الربانيونَ ورثةً للأنبياء ، وكان دعاءُ زكريا عليه السلام أنْ يرزقَـه الله وليَّـا يرث النبوة من بعده ، فاستجيبتْ دعوتُـه فوهبه الله تعالى يحيي وجيها في الدنيا والآخرة ، وكان قتْـلُه على أيدي نفر من بني إسرائيل ملمحا تاريخيا عَـقَـديًّا يوحي بأن الله وحده هو من يحدد الوراثة في النبوة والحكمة ، وأما نحن فقد نُسِخَتِ الآيات أو نُسِئَت عندنا ؛ فكان للمصاهرة نصيبٌ مفروض ؛ فيورِّث ـ مثلا ـ رئيسُ وزراء لزوجةِ ابنه وزارةً أو يورث نائبُ رئيسٍ للوزراء وزارتين اثنتين لصهريه اللذين لم يبلغا أشدهما .

في وطننا كان ثَـمَّةَ نفر من الملأ تقلدوا مناصبَ وزارية ، لعل قليلا منهم قد أفلح ، وكثير منهم لم يترك غير لَعَاناتٍ تلاحقه كلما ذكرَه الذاكرونَ ، والغريبُ أن كثيرا من هؤلاءِ يؤمنون إيمانا مطلقا بأن حقهم في التوريث الوزاري كائنٌ برغبة الراغبين أو بسَـخط الساخطين ، وحينئذ تشعرُ أن قلوب القوم على أبنائهم وحسب وليس على الوطن الذي اتخذوه كنزا دفينا دافئا ثم نبذوه وراءهم ظِـهريا ليشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يكنزون ، وحسبُـنا أن نستقرئ الخارطة الوراثية التوريثية في وطننا منذ تأسيسه إلى يومنا هذا لِنُصَابَ بدهشة غرائبية عجائبية ، فأين هم أولئك الذين لم يورثوا أبناءهم ؟ وأما الذين وَرِثوا أو وُرِّثوا فهم كُثُرٌ حسب رأي الشاعر أبي فراس الحمداني على لسان محبوبته التي ساءلته من أنت ، فقال لها : قتيلُـك ، فردت عليه أيُّـهم فهم كثر؟ ولقد كثُر هذا التوريث حتى ظنناه حقيقة لا يأتيها باطل أو يمسها ناقد أو يتحسسها كاتب أطلق قلمه للحرية الديمقراطية المبتورة التي هزلت حتى بدا من هزالها شحمها ولحمها وعظمها وحتى سامها كل شامت حاسد .

إنها لبئست المرضعة ولبئست الفاطمة إن كانت حقا أو باطلا ، وما هو غريب مريب أن تُـتَوَارَثَ المناصبُ الوزارية ولو كان دونَها خَرْطُ القتاد أو لو قُطِّعَت دونها الرقاب وأخرست دونها الحناجر ، فهنا تتبدى مقولة : كن أو لا تكون تلك هي المسألة بقضها وقضيضها وعُجْرِها وبُجْرِها . ولقد وصلَ التوريثُ بسبب العقم الذكوري إلى الأصهار وأزواج البنات سالمًا غانمًا ، والغريب قلةُ التوريث للإخوة والأخوات فلعله كان بسطوة الزوجات اللواتي يقررن بمكرهن أن الوراثة الوزارية دائمةٌ في الولد وولدِ الولد ومنقطعة في الأخ والأخت وأبناء العم ، أليس الولد هو الأغلى !؟ فليكن كذلك وفي حالة عدم إنجاب الولد فلتكن في البنات أو في أزواجهن بردا وسلاما وعسلا مصفَّى، فلا ندري فلعل آلة التوريث تعود (جَذَعَةً) ثانيةً إلى المُـورِّثِ الأول ما دام على قيد الحياة ولم تتخطفه المنايا في ساحات الصراع الوزاري ؛ فالكرسي الوزاري، أكان رئاسة أم وزارة ليس بمعزل عن الترويض ولن يجدوا خيرا منه وليا ومولى وطائعا ومطيعا ، وقد صدقتِ الرؤيا بالباطل ليدخلُنَّ أبوابا مشرعةً لِطَائِـفَـة من بني أبيه وجده وحفدته ما شاء الله لهم أن يكونوا من أهل الديار ومن أولي الطَّـوْل والمغالبة ، ألم تطبعِ الصكوكُ وتُخْتَمِ الأختامُ بأنهم الباقون المؤبدون في كراسيهم حتى يحدثَ الله وليس الناسُ أمرا كان مفعولا.

وبعدُ ، فيا أيها الطبيبُ العَـلْماني إنَّ قَـسَمَ الطبّ يُمْلي عليكَ أن تُعالجَ كلَّ مريض يشكو ألمًا جسديًّا ، أمَّا أن تُسَرْطِنَـهُ بأباطيلَ وهميةٍ فتلك مهمة لا يليقُ بأي طبيبٍ أنْ يكونَهَا فضلا عن (المعلولية) التي واريتها بالحجاب ، فهناك آلافٌ من ذوي العقول والخبرات ما يزيدُ على أصهارك سنين شمسية أو قمرية إن شئت ، أَمَا وقد فضَحْتَ ما توسوسُ به نفسكُ فلو قالها غيرُ طبيبٍ لقلنا إنه الضعف والشَّـيْبَةُ والهرم والهذيان ، ولو كانا من غير أنسبائك لما سقطا على مناصبهما بقوة ممزوجة بكل ضروب عصير التفاح الذي دار على الملأ بكؤوسٍ مُشْعَـشَعَة بصدأ القلوب ذاتَ هزيع معتمٍ وليل أليلٍ ، وقد تَغَـلْـغَـلْتَ أيُّـهذا المتخمُ باللبراليةِ الشيفونية في الوزارات كما تغلغلَ الماءُ في أصولِ الخِرْوَعِ ، وقد صَـدَرْتَ عن مناصبِـك المستوبَـلة المُـتَـوخَّمَة ولم تكتفِ بعدُ ولمَّـا ترتوِ ، أفلمْ يأنِ للذين تكرشتْ عقولهم أن يخشعوا لفقر الوطن ساعةً منْ نهارٍ ؛ فيكتفوا بما أفيض أو فاضَ عليهم في غفلة من الزمن ، فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم بل هي أشد قسوةً وعُـنْجُـهية واسْودادا ، ثم مَـنْ تَـزْعُـمُ أنه أوتِـي به من الشارع فليس كما ادعيت بل هو فتى له ما ليس لَكَ ، ولم يأتِ إليه إلا بقوته هو ، أكانَ صادقا أم غيرَ صادق ، فلماذا تُـحرِّمُ على غيرك ما تحلله لأمانيك ، إن عقدة التوريث بكامل دسمها نفختْ كروشا وكبَّـرت روؤسا وفيهَقَتْ أشْداقًا ما كان لأصحابها أن يكبروا وينتفخوا ويتفيهَقُوا وقد اتخذهم الناسُ سِخْرِّيا وهُـزءا، وكأنَّ الوطنَ جنتُّهم وحدَهم لهم منه الغَـلُّ والمغنمُ والمُجْتَبَى والمُجْتَنَى.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :