facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الشّائعات تدمي عين الإعلام الرسمي والحقيقة الرسمية


د. نزار قبيلات
30-12-2018 12:12 PM

تُوصف الشّائعة بأنها عِبارة لغوية يتم تداولها باطّراد، عبارة تَحمل في ثناياها أخباراً غير متوقعة للنّاس، وعلى ذلك تُحدث الشائعة صدمةً وخيبة في التوقع متركزةً على عنصري المفاجأة و الذهول اللذين يصيبان مَن يسمعها مباشرةً، كما وتكمُن قوة الشائعة في عدم وجود عبارة رسمية جاهزة قادرة على دحض الشائعة أو تفنيدها على الفور، لذلك ورغم أنّ الشائعة تتبع لمركز تكوين غير مُنظم إلا أنها استطاعت مُناطحة إعلامٍ رسمي لم يستطع مُنذ البدء مَنع جريانها أو وقفَ تدفّقها، والشائعة على عكس الخبر الرسمي تنتشر وتتكون في البدء داخل الأوساط الشعبية غير التَابعة للمنظومة الرّسمية، وإزاءها لم يتمكّن الرّسمي الثّقيل من تَمحيصها وتفنيدها وإقناع متلقيها بعدم أُهليتها أو صلاحيتها، فرغم مهارة رؤوساء تحرير الصّحف والمنصّات التي أطلقتها الحكومة وغيرها من "حقك تعرف" و "أكيد" والمعهد الاعلامي وهيئة المرئي والمسموع... إلا أن الشائعة ببساطتها وسهولة تحركها وبثها استطاعت خَرق كل هذه المتاريس والتشكيك بها. فما هي الشائعة؟! هذه البلاغة الأردنية الجديدة!
لقد استندت الشّائعة في الساحة الأردنية على مبدأ التسخير و الهزل و الإمساخ مقابل إعلام رسمي حنّطته فوقيتٌه وقلعويته التي يعيش فيها، وهنا يبرز فرقٌ جلي بين الإعلام الرسمي الذي لم يتحوّل إلى إعلام وطني يعبر بإخلاص عن المواطنين من شتى مرجعياتهم وطبقاتهم لتحل الشائعة محلَّه، فصارت الشائعة بطلاقتها وخلوّها من التلوين الخطابي تعبّر عن الرأي الوطني وتشير له أكثر من الناطقين باسم الحكومة، فقد صارت الشائعة تقترب من الوجدان الأردني و تتحسّسه أكثر من إعلام الدولة و الصحف الرسمية، فقد ظلّ الإعلام الرسمي رهن سلوكه وتشريعاته وليس معلوماته وبياناته التي يبثّها، وهنا فإن المعلومة أو الرأي الانفعالي يصعب تنفيسه واحتواؤه ما لم يُقَابل بذات الأداة وبنفس مسافة القرب من قلب المواطن وليس من أُذنه، فالشّائعة بحاجة لضبط عقلاني وليس لقانون جرائم إلكترونية، ذلك بعد أن صَار الفضاء الإلكتروني اليوم تحت سيطرة الشائعة التي كانت مطموسة إبان مدة حكم الإعلام الرسمي غير المرن والرافض لتقبل الصغير قبل الكبير، لقد ملأت الشائعات الفراغ بعد فتح "سدود الحرية التي صار سقفها السّماء" وأشبعت إذ ذاك عطشَ المتعطلين وأولائك الذين استصعبوا النهوض، وامتهنوا التعريض بالنّاس؛ الصالح منهم قبل الطالح.
اليوم تكثُر المواقع الإخبارية الإلكترونية التي يفقد بعضها حتى أبسط شروط الصّحة العامة والسلامة الإخلاقية، ولو تم تدقيق أصولها ومنَابعها ومن يقف خلفها لتراجعت الدّولة الأردنية عن مبدأ تلك الحريّة التي استثمر سقفَها متنطعون ومشككون، فقد صارت السّماء تسقط "حصرما" بدلا من العنب كما يقول درويش. وصارت تمسّ الشرف وتغتال الشخصيات والمقدرات وتبني سياستها في الإخبار دون برهان عملي، فالفضاءُ اليوم مفتوح وشرطة الضمير غائبة.
لقد أساءت الشائعة و الصّحافة الصفراء وكذا المتنطعون للكتابة و المواقع العشوائية للاقتصاد الأردني تحديداً؛ فعلى سبيل المثال ألغى أكثر من ثلاثين طالباً أمريكياً فرصةَ التحاقهم بمعاهد تعليمية في الأردن نتيجة طريقة تغطية بعض الفيسبوكيين لأحداث قلعة الكرك التي ضُخّمت أكثر مما يجب، وتناولها بعضُ الهواة بطريقة أظهرت أجهزة الأمن الأردنية ضعيفةً والإعلام الرسمي الأردني هزيلاً، لذا يلزم ضبط الصّحافة الإلكترونية أولاً فهي التي مهدت نشوء ما عًرف بـ "صحافة المواطن" فصار البعض يشك بكل ما يسمعه حتى بالخبر الرسمي ذاته الذي عادةً ما يتأخر في التّدخل او يسيء التدخّل، اليوم نحن بحاجة لتقنين الكتابة الإعلامية وتحديد مدونة سلوك ومجلس رقابي حرّ لها، ففي قناة "بي بي سي" هناك علماء اجتماع و علم نفس سياسي وأساتذة إعلام إلكتروني" مهمّتهم هي التدريب والتمرين و التشريع.
الشائعة بإمكانها ان تتدحرج حتى تتحول إلى مصيبة، والمستفيد منها هو طبعا ليس الفاسد أو الاقتصاد الوطني؛ المستفيد منها هو مطلقها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :