أصبح محمد الوكيل كأعلامي متميز ظاهرة أردنية - ربما غير مسبوقة- تستدعي أن نقف عندها ونحللها بوعي ومسؤولية ونجيب من خلالها على أسئلة لا زالت عالقة على المستوى الوطني. الوكيل ومن خلال البرنامج الإذاعي الذي حمل اسمه أصبح ضميرا من ضمائر الأردنيين الحية القليلة في هذا الزمن وملاذا لكل طالب حاجة أو مظلوم تقطعت به السبل أمام مكاتب المسئولين في الدولة الأردنية أو أم ثكلى أو حرة جاعت فأبت أن تأكل بثدييها أو عائلة نكبتها عاديات الزمن أو تجمع سكاني على أطراف الوطن يعيش في زوايا النسيان والإهمال وعلى مرأى من أعين المسئولين.

محمد الوكيل امتداد لفترة سياسية مضت يستذكرها الأردنيون عندما تحالف السياسي مع الإعلامي للمصلحة الوطنية العليا وكان الوطن الهدف والرؤيا وكان المواطن هو أساس بناء الدولة والعنصر الفاعل. تلك الفترة من الواضح أن الوكيل أعاد قراءتها بتمعن ووعي وحس عال بالمسئولية وبني عليها إستراتيجية برنامجه وهذا سر من أسرار استمرارية البرنامج وسر من أسرار سؤال المواطن الأردني عن الوكيل وبرنامجه كلما غاب الوكيل لأي ظرف من الظروف. نجح الوكيل في الوصول إلى الناس ببساطة معقدة بدءا من استخدامه اللهجات الأردنية على اختلافها مرورا بضحكته الصادرة من (القليب) وانتهاء بعصبيته الأردنية المعهودة والمبررة إزاء أي موقف أو قضية يتم تجاهلها من قبل أي مسئول أو حتى إزاء مواطن تجاوز حدوده على الوطن وانجازاته أو تجاوز حدود الأدب خلال الاتصال بالبرنامج.

الوكيل يذكرنا مرة أخرى بتحالف السياسي مع الإعلامي زمن وصفي وهزاع وحابس وغيرهم أهل القامات العالية، عندما أدركوا أن الأغنية الوطنية أداة هامة من أدوات رفع الروح المعنوية للشعب وتؤكد قيم المواطنة الحقيقية في زمن السلم والحرب وفي زمن طفا على السطح أغان ممنهجة تهدف إلى طمس الهوية الثقافية والحس الوطني لدى جيل أريد له هوية هجين بلا روح وبلا حس وبلا انتماء استطاع الوكيل أن يضع حدا لهذا النوع من الأغاني دون أن يشن حربا عليها وإنما بكل ذكاء طرح البديل المقنع فتقاطعت الناس مع الأغنية الوطنية ورفعت الأغاني الهابطة الراية البيضاء أمام مشروع الأغنية الوطنية التي قدمت الوطن والجيش والقيادة والانجازات ورددها ويرددها الأردنيين أينما كانوا كما رددوا في زمن وصفي وهزاع وحابس (تخسا يا كوبان ما انته ولف إلي، و ريت المنايا اللي تجي يا سلامه تحوم ع الأنذال دار بدار و ربع الكفاف الحمر والعقل ميالة) .

الوكيل أردني يمتلك ضميره بامتياز غير آبه بالضغوط والتهديد ومحاولات الاستقواء ومحاولات تشويه سمعته من قبل أناس يدركون أن الوكيل وبرنامجه خطرا يهددهم كل صباح ويقض مضاجعهم. الوكيل سؤال الوطن المتكرر يوميا في ضمائرنا جميعا.