facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صمت في السراب


د. محمد القضاة
06-02-2019 01:07 AM

تسرقنا الحياة وتشدنا أحوالها ننسى في لحظة من الزمن أننا في قصة لها بداية ونهاية، قصة تعجز عن الوصف بمشاهدها وحلوها ومرها، بعجرها وبجرها وصورها وتفاصيلها، إنها قطار يمضي في طريقه يضع كل واحد منا في محطة، والذكي من يعتبر من وحيها وتجاربها، فهل نتأمل معانيها وحقائقها ومظاهرها؟ لكننا نغفل عنها، وماذا نقول لمن يأكلون حقوق العباد، ومَنَ يتعالون على الناس بخيلائهم، ومَنَ يفترسون جوع الفقراء بغيهم، ومَنَ يظنون أنّ النفاق والكذب وجلد الناس بالباطل والظلم أحسن من المحبة الصادقة، ومَنَ يتظاهرون بالمحبة وهم يضمرون عكس ذلك!؟ هؤلاء لا يعرفون أنّ العداوةَ موتٌ، والصداقة حياةٌ، ولا يفهمون أنّ المحبةَ الصادقة بين الأفراد والشعوب تغني الناس عن الظلم والنفاق، وأن التواضع سموٌ للنفس، ودليل على عظمة من يتصفون بها، وأن الذئاب أشرف من بعض البشر؛ إذ لا يمكن أن يفترس ذئبٌ ذئبا ولو قتله الجوع، غير أن البشر يفترسون بعضهم بعضا بعد التخمة، وأن من يعادوك هم من مرضت ضمائرهم، ويحزنهم أن يروا ثوب النعمة على أحد، وهم من الحساد؛ خاصة أن أشرف الناس عرضة للحسد، ومن المقصرين في شأوهم، ولذلك علينا أن نملأ حياتنا بالفضائل والحب والكرم والسخاء والعطاء دون حساب لأحد.

وحين نتصفح صحائف الافندي وأوراقه بطل هذا الزمان تجده يقبع في احلامه واحباطاته وبحثه الدائري المفقود حتى في نفسه؛ وكأننا في صورة متموجة لرجل فقد طعم الحياة وغاب في حسابات تافهة وخيارات تلهث خلف جدر متقاطعة لا تظهر الا في ظل الماء بلا لون ولا طعم أو رائحة، انها مغرقة في صفرة اللهب والتعب يبلع لسانه ويمضي ويتعثر في احجار الطريق، هذا الأفندي لا يهمه في نهاية الأمر سوى تلك الذات التي تتسول الصدقات تمد يدها الى صمت العابرين، تتنهد وتتأمل وتتألم ولا تعرف الى اين المنتهى! ولا كيف تتدبر أمرها حين يختلط الحابل بالنابل؛ وكأننا به يحاور ذاته وينادي بأعلى صوته فيجد صداه في دار السراب مثقلا بالسهر، هكذا هو في جموحه وخيالاته وعبقريته يراقص فضاءاته ومواويله يترنح في مجتمعه، ومجتمعه في صمت وغياب، والنتيجة أنه المتعجرف والاناني الذي يمثل الانسان في كل تقلباته وشطحاته، خاصة بعد اختفاء كل القيم النبيلة والجميلة من حياتنا المعولمة، وبعد ما احوجنا إلى الصدق لكي نعبر الحياة من غير سراب ما احوجنا الى الحق والجد والصبر كي لا يمضي ذلك الافندي كما البدوي في الصحراء، يمشي ساعة تلو أخرى ليبلغ حجرا، وقد يسير يوما بطوله قاصدا سرابا.

الراي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :