facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تعيينات وتشريفات


طاهر العدوان
04-10-2009 05:32 AM

يُقال عن التعيينات في المناصب العليا بأنها تكليف لا تشريف. هذا القول اصبح جزءا من الماضي, اما الحاضر في زمن هذه الحكومة, وحكومات قبلها فلقد تحولت فيه المناصب الى تشريفات توزع على »علية القوم«, ولم يعُد محرجا لأحد ان يكون هناك وزراء أبا عن جد لثلاثة أجيال, او ربما على امتداد عمر المملكة.

واذا اردت ان تفكر في جذور هذه الظاهرة ستجد اننا امام حالة تنطبق عليها المعادلة القائلة بأن المقدمات تقود الى نتائج من نفس طبيعتها. وبوجود هذا الفقر المدقع في الطبقة السياسية, في غياب مجلس نواب يُنْتخَب على اساس البرامج والكتل والقوائم, وفي اقصاء الاحزاب عن ساحة العمل السياسي في مواقع السلطة والقرار, فان البديل هو »اللي قدّام عيونك«. حيث تجتر النخبة السياسية نفسها وتورث المناصب لابنائها وشيئا فشيئا تتحول مؤسسات الدولة الى مؤسسات تُوزّع فيها الوظائف على الحسب والنسب.

في حوار مع رئيس حكومة سابق, سألته عن الطريقة التي اختار فيها وزراءه, أجاب بصراحة يُشكر عليها »ببساطة اخترتهم من بين الاشخاص القريبين مني والذين اعرفهم« ثم التفت إلي وهو يرفع حاجبيه: وهل تريدني ان اختار على اليانصيب وعلى السمعة?

هذه بعض المظاهر المَرَضِيّة لحالة الفقر الشديدة في الحياة السياسية في البلاد, وهي مظاهر تكاد تكون مهملة او منسية في اجندات الحوارات الوطنية والحزبية, لكنها اصبحت جزءا من الاعتقاد الراسخ في الوعي الشعبي الذي بات مستسلما لاحوال ينطبق عليها هذا المثل الذي استخدمه من باب الاستعارة »المال بجر مال, والقمل بجر صيبان«.

لقد سمعت على مدى الشهور الاخيرة كثيرا من الانتقادات على التعيينات الحكومية لبعض المناصب العليا. التي لم تفارق المربع نفسه, وهو مربع الوساطة, او ان التعيين إكرامية لشخص ما على الاغلب هو وزير او مسؤول سابق, ومن آخر هذه الانتقادات تلك التي نسمع عنها في معان والطفيلة والمرتبطة بقرار التشكيلة الجديدة لمجلس اقليم البتراء.

وانا شخصيا لا أؤيد ولا أقف في صف أية دعوات مناطقية تطالب بأن تكون المناصب العليا, من محافظين الى مجالس اقليمية الى دوائر الى جامعات حكرا على ابناء المحافظة التي تعنيها هذه المناصب. فالاردنيون لهم الحق في الوظائف بمعزل عن مسقط رأسهم او مكان سكنهم او انتماءاتهم العشائرية والجهوية.

لكن الوقوف عند هذه الظاهرة مسألة مهمة, لانها تؤشر على رد فعل سلبي من المجتمعات المحلية على قرارات التعيينات في الحكومة, فعندما يرى الاردنيون ان هذه القرارات تعتمد الحسب والنسب والوراثة في تقليد المناصب التي اصبحت ضمن دوائر محدودة من النخب السياسية والاجتماعية وفق قاعدة »المناصب تشريف لا تكليف«, فان رد الفعل الطبيعي هو العودة الى مفهوم المحافظة, والعشيرة و»ابن المنطقة« للاحتجاج على »عدم التشريف« والتعيينات من خارج المحافظة.

ومن اللافت للانتباه, انه في الوقت الذي تشتغل فيه الحكومة على مشروع الادارة اللامركزية في المحافظات يأتي تشكيل »مجلس اقليم البتراء« ليتناقض مع هذا المشروع وفكرته الاساسية في الادارة اللامركزية باختيار القيادات المحلية.

على أي حال, ان الاستخدام الحكيم والعادل للتعيينات في مواقع السلطة السياسية والادارية وغيرها في المحافظات وحتى في الحكومة المركزية, هو اداة لتجنب الصراعات والخلافات بين فئات المجتمع المختلفة, وهي كانت دائما أداة وعاملا قويا لاستقرار البلاد واشاعة الثقة بين المواطنين وبين الحكم.

وبالمقابل, فان الاستخدام السيئ لهذه التعيينات اعتمادا على ارضاء بعض النُخب سيحوّل مؤسسات الدولة الى مؤسسات تقوم على توريث المناصب ومأسستها عائليا, وهو ما يُنمي الفساد بكل انواعه, ويجعل المصالح الشخصية لنخب معينة فوق مصالح الوطن والمواطنين.0

taher.odwan@alarabalyawm.net





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :