هناك الكثير من الناس من ينعتون أنفسهم بالمثقفين دون العلم بمعنى المثقف أو ما هي الصفات التي يجب توافرها في الشخص كي ينعت بالمثقف . فتعريف المثقف ليس بالأمر الهين و السهل و البسيط ، فهناك الكثير من الكتاب من حاولوا جاهدين أن يعرفوا المثقف ، فقد أصبح مفهوم المثقف واسعاً جدًا ومن الصعب أن يحصر مفهوم المثقف في تعريف واحد ، فقد اتسع هذا المفهوم ليشمل جميع الذين لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالثقافة من حيث الإبداع أو غير ذلك .فالبعض عرف المثقف على أنه الشخص القادر على وضع نظرة شاملة لتغيير المجتمع ، و هناك من قال إن المثقف هو الذي يملك القدرة على نقد المجتمع . و هناك من كان له رأي آخر في تعريف المثقف ، فقد عُرّف المثقف على أنه شخص يفكر انطلاقا من مثقف سابق يستوحيه و يسير علي منواله و يقلده . من خلال هذا التعريف نستدل على انه لا يوجد مثقف يفكر من العدم أو من الصفر ، بمعنى أن المثقف يمتلك على خلفية فكرية و معرفية سابقة عن الموضوع الذي ينوي الحديث عنه .
كذلك هناك عدة تعريفات للمثقف ، و منها أن المثقف هو ناقد اجتماعي همّه التحليل و العمل و التجديد لتجاوز العوائق و المصاعب التي تمنع من الوصول إلى نظام اجتماعي جيد يمتاز بالعقلانية و الإنسانية الأمر الذي يجعل المثقف يقوم بدور القيادة و الإرشاد في زمن أصبح فيه الحكم فناً من القول قبل أن يكون شيئا آخر . هذا ويمكن القول إن المثقف هو أي شخص يحمل فكرة و يستطيع أن يترجمها على أرض الواقع و تؤثر في المجتمع .
هذا و لا بد من سمات يجب أن تتوفر في الشخص كي يسمى مثقفا ، فالمثقف يجب أن يكون واعياً و فاهماً لحاضر الأمة و التي يعيش فيها و ينتمي إليها مع ضرورة أن يكون المثقف منسجماً مع ذاته في المقام الأول بالإضافة إلى صدقه مع الأفكار التي يحملها و الكلمات التي يتحدث بها أو يكتبها في المقام الثاني .
ومن السمات الأخرى التي يجب أن تتوفر في المثقف هي ضرورة التفاعل بين ثقافته الأم و الثقافات الأخرى التي تحيا و تعيش في زمانه مع ضرورة التعامل مع تلك الثقافات بصورة موضوعية و علمية واعية . كذلك لا بد من أن يكون المثقف مالكاً لدرجة علمية كي يتمتع بمعرفة فكرية متميزة ، و لا بد من الإشارة إلى أن هناك سمات أخرى غير المذكورة سابقا .
أما بالنسبة إلى أصناف المثقفين فيمكن القول إن هناك مثقف مسيطر ، و الذي تعمل السلطة على تسخيره لنفوذها حيث سيعمل على تسويق برامج السلطة داخل المجتمع . أما الصنف الثاني فهو المثقف الوطني و الذي يلتزم الصف الوطني و يتبنى هموم وقضايا أمته و مجتمعه و شعبه ويدافع عنها ، و هناك المثقف المهني و الذي يمتاز بامتلاكه لتخصص معين أتقنه و عرف كل خباياه فأصبح ماهراً و حاذقاً بكل ما يتعلق به .
و هناك المثقف الليبرالي وهو يتصف بالتزامه بالدفاع عن الحقوق و الحريات ملتزما بالمنطق العلمي البحت ، و هناك المثقف السلفي و الذي يسعى إلى القيام بعملية اتزان بين النسبي و المطلق و المثال و الواقع و بين تأكيد الذات و مواجهة الآخر .
و من خلال ما تم ذكره نلاحظ أن الخروج بتعريف موحد للمثقف هو أمر ليس بالسهل أو البسيط، فقد عرّف كل كاتب المثقف حسب ما يراه مناسبا إلا أنهم لم ينجحوا بالخروج بتعريف موحد و شامل للمثقف .
أ. محمود درعاوي /بيت لحم / فلسطين
darawym@yahoo.com