أزمة الثقافة المالية تعرقل النمو في أوروبا
13-12-2025 09:39 PM
عمون - خلص تقرير مطول نشرته جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية إلى أن الأوروبيين يواجهون مشكلة كبيرة وهي التي تعطل الكثير من الفرص وتعيق النمو الاقتصادي، وهي أنهم لا يجيدون التعامل مع المال، ولا يعرفون الكثير عنه، كما أنهم لا يتحدثون بصراحة وأريحية عن المال.
وبحسب التقرير فإن الجهل في أمور المال لدى الأوروبيين وتدني "الثقافة المالية" لديهم يُشكل أحد المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها القارة الأوروبية.
وأظهر مسح أجراه البنك المركزي الإيطالي أن 40% من الإيطاليين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً لا يتحدثون أبداً عن المال في المنزل، وأن النسبة نفسها تشعر بعدم الارتياح عند مناقشة الأمور المالية.
وتقول جيوفانا بالادينو، مؤسسة ومديرة متحف الادخار في تورينو، وهو مشروع ممول من أكبر بنك في إيطاليا من حيث الأصول، إنتيسا سان باولو، إن العزوف عن الحديث عن المال ناتج عن إخفاقات تعليمية ومؤسسية وثقافية. وتقول: "نحن ننتمي إلى ثقافة كاثوليكية لاتينية حيث يُنظر إلى المال نظرة سلبية، ويرتبط بالجشع والطمع. لكن فهم المال كغاية في حد ذاته خطأ. المال أداة تُمكّننا من تحقيق رغباتنا ومشاريعنا الشخصية والجماعية".
وتشير بالادينو إلى أن "هذه هي الرسالة التي يسعى المتحف إلى إيصالها إلى زواره البالغ عددهم 15 ألف زائر سنوياً، وإلى 120 ألف طالب يستفيدون من مواده الرقمية حول التثقيف المالي كل عام.
وفي إيطاليا، كما في غيرها، يُترجم التردد في الحديث عن المال إلى انخفاض مستوى الثقافة المالية، مما يُؤدي إلى عواقب وخيمة على الأفراد والمجتمع ككل.
وتُعدّ إيطاليا الأقل ثقافة مالية بين الدول المتقدمة التي شملها مسح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. فأقل من أربعة من كل عشرة إيطاليين يستطيعون الإجابة بشكل صحيح على أسئلة حول مفاهيم أساسية كالتضخم والفائدة المركبة وتنويع المخاطر، مقارنةً بمتوسط ستة من كل عشرة أشخاص تقريباً في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتقول "فايننشال تايمز" إن سكان إيطاليا هم الأقل ثقافة مالية بين الدول المتقدمة التي شملها مسح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ففي بروكسل، تصدّرت الثقافة المالية أولويات السياسات العامة، في ظلّ سعي المشرّعين لمواجهة تباطؤ معدلات النمو في أوروبا وتزايد الضغوط المالية الناجمة عن شيخوخة السكان.
وقد كشفت المفوضية الأوروبية مؤخراً عن استراتيجية شاملة على مستوى الاتحاد الأوروبي لمعالجة ضعف الثقافة المالية، بهدف تعزيز ثقة المستهلك، وتوسيع مشاركة الأفراد في أسواق رأس المال، والحدّ من الهشاشة المالية.
ويُعتقد أن زيادة الوعي الاستثماري لدى الجمهور الأوروبي من شأنه أن يُسهم في حشد جزء من 11 تريليون يورو من المدخرات الخاصة التي تبقى في الغالب راكدة في الحسابات المصرفية.
لكن عندما تكون المعرفة المالية منخفضة، قد تكون التكاليف الجماعية "باهظة للغاية"، كما يقول ستيفانو كابيلو، المدير العام للرقابة والتنظيم المالي في وزارة المالية الإيطالية وعضو اللجنة الوطنية للتعليم المالي، وهي هيئة تأسست عام 2017 لتحسين القدرات المالية للإيطاليين.
ويقول كابيلو: "يُصبح التثقيف المالي بمثابة تثقيف حول الاحتياجات الحالية والمستقبلية. لذا، إذا لم نضمن وعي جميع المواطنين وتثقيفهم، فسيكون لذلك ثمن اجتماعي باهظ".
وقد برزت أهمية الثقافة المالية، التي تُعرَّف بأنها المعرفة والمهارات التي تُمكّن الأفراد من اتخاذ قرارات مالية واعية، لأول مرة في أعقاب الأزمة المالية العالمية، عندما بيعت منتجات محفوفة بالمخاطر لمستهلكين غير مُدركين، مما أسفر عن عواقب وخيمة.
وتُظهر الأبحاث وجود علاقة وثيقة بين الثقافة المالية والمشاركة في سوق الأسهم، وعلى العكس، كلما زادت الأمية المالية لدى السكان، زادت مدخراتهم النقدية.
العربية Business