facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ثقافة الاقصاء والتفرد .. محمد الحسيني


21-10-2009 04:18 PM

التقيت مؤخرا عددا من اعضاء مجالس الطلبة ضمن برنامج تدريبي يهدف الى تنمية قدراتهم في مجال عملهم ويركز ضمن التدريب على ترسيخ مفهوم العمل ضمن الاطر الديمقراطية، والحقيقة انني قد فوجئت بل وصعقت من الفكر الذي يحمله اغلب هؤلاء الطلاب والذين من المفترض انهم وصلوا الى عضوية مجالسهم من خلال الانتخابات والتي تعتبر احد اهم ركائز الانظمة الديمقراطية في العالم.

فكما نعلم وهذا ما تأكد لي من خلال حواري معهم ان معظم هؤلاء الطلاب لم ينجح في الانتخابات بناء على برنامج يحمله او حتى على الاقل موضوع يتبناه سواء بالنقد او بالتعزيز، فمعظهم استند الى خلفية عشائرية او اقليمية وحتى من نجح من ممثلي التيارات الاسلامية فقد حصلوا على اصوات الطلبة تحت تأثير الدين وليس تحت تأثير البرنامج الطلابي لهذه الحركات.

ان الخطر الذي تحمله مثل هذه الانتخابات انها لا تأتي ضمن اطار ديمقراطي متكامل، بحيث تحولت من اداة رافعة للديمقراطية الى وسيلة لتعميق الانتمائات العشائرية والاقليمية والدينية، وحتى لا يتم فهمي بطريقة خاطئة فانني هنا لا احاول التقليل من اهمية الانتخابات وانما ادعو الى ربطها بمنظومة القيم الديمقراطية بشكل متكامل حتى تصبح فعلا وسيلة لايصال صوت الطلبة ومعالجة مشاكلهم داخل الحرم الجامعي وحتى تساعدهم على ان يكونوا اصحاب قرارهم بعيدا عن الوصاية من اي جهة كانت، وفي النهاية فان ذلك سيصب بالتأكيد في صالح الحركة الطلابية بشكل خاص والوطن بشكل عام.

اعود للقائي مع الطلبة والذي ادهشني فيه مدى تمكن الفكر الاقصائي من طريقة تفكيرهم، فالتنافس بين التيارات المختلفة انحرف عن مسار المنافسة الديمقراطية وتحول الى محاولة كل طرف ان يتفرد بالسلطة ومكاسبها وبدلا من تعزيز العمل الجماعي بعد الانتخابات فان السائد هو محاولة كل طرف ان يقصي الاخر عن الساحة بأي طريقة كانت وليس فقط من خلال العمل الحقيقي وصندوق الانتخابات.

هذا الفكر يتجلى بوضوح في كيفية نظر كل طرف الى الاخر والذي قد يصل في بعض الاحيان الى التخوين والاتهام بعدم الوطنية، وبالتأكيد فان معايير الوطنية هنا تختلف بين الاطراف ويقوم كل منهم بتفصيلها بما يحقق مصالحه وبما يضمن استغلالها ضد الطرف الاخر، وتكمن الخطورة في محاولة الاغلبية ايا كان اتجاهها الفكري ان تنصب نفسها وصيا على الاخرين وقاضيا يصنف تصرفاتهم الى وطنية غير وطنية، مما يؤدي بالتأكيد الى اثار سلبية على العمل الطلابي.

في احدى الجامعات رفض مجلس الطلبة الذي يسيطر عليه تيار معين ان يمنح تيارا اخر يمثل الاقلية الترخيص اللازم لتشكيل فرق ارشاد للطلبة الجدد، والحجة كانت ان هذا الطرف لم يشارك في النشاطات (الوطنية) التي نظمها الطرف الاول وبالتالي فانه لا يستحق منح الموافقة، وبالتأكيد فان هذه (الحجة) كانت تهدف بالدرجة الاولى الى منع التيار الثاني من التواصل مع الطلبة الجدد وجذبهم اليه، وحتى لا نوجه اصبع الاتهام الى تيار الاغلبية فان تيار الاقلية ايضا لا ينفك يتهم الطرف الاول بخيانة قضايا الطلبة وذلك لقربهم من مراكز صنع القرار في الجامعات ويتحدث عنهم وكأنهم ممثلوا السلطة وليس ممثلي الطلاب معتبرا انه الوحيد الذي يمثل الطلاب وهذا ايضا فكر اقصائي تفردي.

في الحقيقة لا يمكن ان نلوم الطلاب وحدهم على هذا الامر، فهم في النهاية نتاج للمجتمع، كما ان ممارسات اغلب ادارات الجامعات لا تبتعد كثيرا عن فكرة الاقصاء والتفرد، بل ان بعض الادارات تنظر الى الطلبة وكأنهم عدو لها وترى ان السبيل الامثل للتعامل معهم ومع مطالبهم يكمن في مزيد من الضغط والكبت وتقييد الحريات. كما ان عقدة الخوف من الاحزاب السياسية ومن العمل الطلابي المنظم لا تزال تسيطر على صانعي القرار وهذا ما يفسر الرفض المستمر لفكرة اتحاد عام لطلبة الاردن وكذلك منع الاحزاب السياسية من العمل داخل الجامعات بل ومحاولة تشكيل تيارات بديلة لتقف في وجه التيارات الطلابية المسيسة.

المشكلة ليست محصورة في الجامعات بالتأكيد بل انها مشكلة مجتمعية عامة تراكمت عبر عقود من الزمن وتسارعت مؤخرا لتصبح اكثر وضوحا وشدة، ولكن الخطر يكون اعظم عندما يكون مثل هذا النوع من التفكير متأصلا في الطلبة القياديين في جامعاتهم وذلك لأنهم مرشحون لادوار قيادة في المجتمع، سواء كانت هذه الادوار في مؤسسات الدولة او الاحزاب او مؤسسات المجتمع المدني، وبالتأكيد في الاسرة.

علاج هذه المشكلة لا يأتي بين ليلة وضحاها، تماما كما ان هذه المشكلة لم تظهر بالامس، وعليه فان دورا كبيرا يقع على عاتق القوى الديمقراطية وخاصة مؤسسات المجتمع المدني في ان تبذل جهودا اضافية للعمل مع هؤلاء الطلاب، ليس فقط في الجامعات وانما في المدارس والاسر، وان يهدف هذا الجهد الى ترسيخ فكرة الديمقراطية بكافة مكوناتها، وعلى رأسها مبدأ حرية الرأي والرأي الاخر. هذا الامر يتطلب تعاونا من صانعي القرار وراسمي السياسات وخاصة في وزارات مثل التربية والتعليم والتعليم العالي والثقافة وغيرها من المؤسسات الرسمية ذات العلاقة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :