منذ انطلاق اعمال ورشة البحرين في المنامة الشهر الماضي لم يتوقف نشاط الفريق العامل على خطة السلام في البيت الأبيض عن استكمال ومتابعة مخرجات الورشة حيث تم الطلب من المشاركين دولا وافرادا إرسال توصياتهم وملاحظاتهم ومقترحاتهم حول الخطة الاقتصادية , ومن المتوقع وصول مستشار الرئيس الامريكي جارد كوشنر وفريقة الى الشرق الاوسط اليوم مساء في جولة تشمل السعودية والاردن واسرائيل ومصر وقطر والامارات, اضافة الى ذلك تتجه النية لإنشاء صندوق للتمنية يكون مقره البحرين لتنفيذ المشروعات التي تم طرحها في اجندة الخطة الاقتصادية التي لن تكتفي بمبلغ خمسين مليار دولار وإنما استقطاب استثمارات اكبر ,كما وعد المستثمرون الذين حضروا الورشة بضخ عشرات اخرى من المليارات اذا ما تحقق شرطا الاستقرار والسلام , حيث لن تقتصر الخطة على مبلغ خمسين مليار دولار كما يتم الترويج لذلك.

إعلاميا يبذل كلا من جارد كوشنر وجيسون غرينبلات مقابلات مطولة مع صحافيين عرب وقنوات عربية لشرح نتائج الورشة كمقدمة لعرض الخطة السياسية وأبرز ما في هذه المقابلات والتصريحات هو دحض الشائعات حول الخطة الاقتصادية كبديل عن السلام السياسي , والتأكيد على ان تطبيق الخطة الاقتصادية مرهون بالحل السياسي فلا سلام اقتصادي دون سلام سياسي ,لكن اي عملية سلام في العالم تحتاج الى مستوى معقول من التنمية الاقتصادية, وبالمناسبة يتسق الطرح الامريكي في هذا الخصوص مع الموقف العربي والموقف الفلسطيني. اضافة الى هذه الجهود يقوم الفريق الامريكي بالتواصل مع الفلسطينين عبر قنوات خلفية وهناك بعض الاختراقات في هذا الشأن .

في العالم العربي هناك مساران للتعامل مع ورشة البحرين ومخرجاتها ، المسار الاول يعيش حالة انكار ويعتقد ان الورشة فشلت بسبب مقاطعة الجانب الفلسطينيي وغياب الاتحاد الأوروبي وروسيا والتمثيل المنخفض لكل من مصر والاردن وغياب الجانب الاسرائيلي الرسمي، كما ان المبلغ المرصود في الخطة ضئيل نسبيا ولايمكن ان يغير معادلات التنمية والازدهار في المنطقة .

كما يستند هذا المسار الى مقولة ان الشعوب العربية بمجملها ترفض الخطة وان هناك تفاوتا بين موقف الأنظمة السياسية العربية وموقف شعوبها ، وكأن الخلاف في وجهات النظر بين الشعوب والأنظمة متوقفة على خطة السلام الامريكية , ويحق لنا أن نسأل هل الشعوب العربية راضية عن معادلة الحكم وعن العلاقة بين الحاكم والمحكوم وهل ترضى بالسياسيات الاقتصادية ,هل ترضى بقوانين الانتخاب وأطر التمثيل السياسي هل للشعوب دور في ادارة التعليم والنظم الصحية وغيرها.

الامر الاخر هو قدرة هذا التيار الحقيقية على مواجهة تحدي خطة السلام الامريكية وهل يملك من الادوات والبدائل ما يكفي للحيلولة دون تطبيقها كما حدث خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة وضم الجولان ام هي مجرد شعارات ومناورات فارغة تضلل الرأي العام وتمنعه من العمل على تحسين شروط التفاوض.

المسار الثاني : يعتقد ان الورشة كانت المقدمة الاولى لتغيير معادلة الصراع العربي الاسرائيلي حيث انتقلت دول الخليج العربي ومصر من طرف في الصراع الى وسيط جنبا الى جنب مع الولايات المتحدة ، اضافة الى تبلور مفهوم جديد يعتبر ان القضية الفلسطينية صراع مزمن يمكن التعايش معه واحيانا تأجيله وان هناك اولويات تتقدم عليه منها الأمن الوطني والاقليمي وبالتالي يمكن التعاون مع اسرائيل في هذا المجال دونما اعتبار القضية الفلسطينية كعائق امام هذا التعاون.هذا المسار تمثله دول ومنظمات وأفراد في المنطقة العربية تعتقد ان ورشة البحرين نجحت في وضع اساسات جديدة للعلاقة مع الولايات المتحدة واسرائيل اساسها التهديدات المشتركة والمصالح المتبادلة.

اردنيا نحن بانتظار زيارة كوشنر وفريقه يوم الاربعاء وتأتي زيارة جلالة الملك الى الامارات ومصر للتشاور في هذا السياق, هناك بعض السياسيين الاردنيين الذين ينصحون الدولة بالذهاب الى تركيا وايران وسوريا وحزب الله لمواجهة صفقة القرن وليس الى مصر والسعودية والإمارات ، اقول لهم هذه ليست نصيحة ,هذه وصفة انتحار للدولة والنظام في الاردن .

Mutaz876@gmail.com