facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فساد الحكومة


د. جواد العناني
06-08-2019 12:39 AM

كنت أتساءل لماذا سمینا استھلاك الموارد الطبیعیة والھبات الأساسیة كالماء والتراب والھواء ”بالتلوث“، ولم نسمھ فساداً؟ ویُعرف الفساد من قبل الشیخ محمد رشید رضا في كتابھ ”تفسیر المنار“ بأنھ كل ما یُخرج الشيء عن الطبیعة التي خلقھا بھا الله.

ونحن عندما نعبث علمیاً بتكوین الأشیاء فإننا أیضاً نخلق لأنفسنا مشكلات جدیدة، حتى ولو انطوى ھذا البحث العلمي على نفع كبیر وزیادة في كمیات الانتاج لمواجھة الطلب الناجم عن زیادة أعداد السكان.

ونذكر أن روبرت مالتوس، أحد الاقتصادیین الكلاسیكیین في بریطانیا القرن التاسع عشر، نشر كتابھ في نھایة القرن الثامن عشر بعنوان ”بحث في مبدأ السكان ومقالات أخرى“. وأثار العالم في ذلك الوقت حین قال إن الغذاء في العالم ینمو وفق متوالیة حسابیة، (2 ،4 ،6 ،8 ،10، ....) بینما یتزاید السكان في العالم وفق متوالیة ھندسیة (2 ،4 ،8 ،16 ،32 .(…وبھذا تكبر فجوة الغذاء، ویجوع الناس، ویھزلون، وتقل إنتاجیتھم، وتقع الحروب.

ولكن الذي حصل أن التكنولوجیات تطورت بمعدلات سریعة، جعلت النمو في الغذاء وإنتاجھ یتبع المتوالیة الھندسیة. والمشكلة كما یقر كثیرون أنھا لیست مشكلة كمیة الغذاء، وإنما توزیعھ وانماط استھلاكھ.

وقد تبنى ملك تایلاند الراحل ”بومیبول أدیولیادج“ نظریة الاكتفاء الغذائي لو جرى توزیع الغذاء على سكان العالم بعدالة.

ولكننا بزیادتنا للغذاء أحدثنا تغییراً في تراكیب السلع الزراعیة فتغیرت قیمتھا الغذائیة، واستخدمنا الكیماویات في الرش ومحاربة النباتات الطفیلیة، ولجأنا إلى استخدام البلاستیك للزراعة والتعبئة والتخزین والتوزیع. ونتج عن ھذا مشكلات جدیدة مذكرة إیانا بالآیة الكریمة ”یا أیھا الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقیھ“. وأن الإنسان في كمد ونصب حتى یلاقي خالقھ.

أما الفساد الخلقي فھو نابع أصلاً عن ھلع الإنسان ورغبتھ الجامحة في امتلاك ما یظن أنھ یأتیھ بالحیاة الحلم والسعادة المادیة. وعندما تقصر إمكاناتھ المادیة عن رغباتھ. یلجأ إلى كسر القوانین والقواعد السلوكیة المتعارف علیھا لإبقاء الحیاة على مدنیتھا. فالقوي یستغل مكانتھ، والموظف وإجراء وتنفیذاً لكي یستثمر موقعھ، والقوي یتجرأ على الضعیف. وترى ھؤلاء یتكولسون فكراً یبرروا لبعضھم البعض اعتداءھم على حقوق الآخرین بشكل مباشر أو غیر مباشر.

فالشخص الذي یشعر أن غیاب العدالة یقویھ على طالبي الخدمة منھ یستخدم مكتبھ وموقعھ وتوقیعھ لكي یبتز مالاً لیس من حقھ. وإذا جوبھ بالرفض، لجأ إلى سلطة عشیرتھ أو عائلتھ، وإن لم یسعفھ ذلك لجأ إلى منصبھ إن كان قد حاز على منصب یتفاخر بھ.

لقد سخرنا كل ما یتاح لنا من متاع الغرور وعرض الدنیا إلى وسائل للتكسب لكي نتھرب من مواجھة الجانب القانوني الذي من المفروض أننا كلنا قد اتفقنا علیھ.

ولا نكتفي بھذا، بل إننا نحاول أن نبني قضیة لصالحنا قائمة على تبني منھج نعلم سلفاً أنھ مقبول بعمومھ. وإن لم ینفع ذلك نربك المسؤول بمعلومات فنیة قد لا یحیط بھا فیرتبك، ویؤخر القرار في حالة العطاء. ثم إذا لم ینفع التنظیر ولا العلم نلجأ إلى الضغط عن طریق الاتھام، وإطلاق الاشاعات.

ومما یشجع البعض ھو التناقض في مواقف الوزراء والمسؤولین، فھذا شخص یحبونھ یسعون لفرضھ صلح أم لم یصلح، ویعطونھ مزایا مخالفة إما للقانون او التعلیمات أو الأمر المتفق علیھ.

ویتدخلون في التعیینات، ویضغطون على مجالس الإدارة في الشركات التي تساھم فیھا الحكومة أو الضمان الاجتماعي لكي یتحمل المجلس نیابة عن الحكومة مسؤولیة القرار الخاطئ.

إن محاربة الفساد تبدأ بمراعاة الكبار للأصول والقواعد، أھمھا القانون. وكل تجاوز حكومي یؤدي إلى عشرات التجاوزات على مستوى الموظفین الذین یحتكون بالناس.

الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :