facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من سلوكيات مجتمعنا الأردني -2-


أبو جون
18-09-2019 05:48 PM

أمام غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات الرئيسية، يقف عشرة شباب، منهم من طاقم المستشفى – بحكم الزي- ومنهم من المرافقين لمرضى ICU، الجميع يشعل سيجارته تحت يافطة كتب عليها " ممنوع التدخين تحت طائلة المسؤولية" تتبعها عبارة تبين القيمة المالية للمخالفة بحق المدخن. والجميل في الأمر أن جهة إنفاذ هذا القانون لا تطبقه، والمواطن بدوره لا يحترم وجوده أصلاً، وطرفي المعادلة هما من نفس المجتمع؛ ولعل ذلك هو الخلل بعينه.

يرتبط السلوك اليومي للفرد في أي مجتمع بالثقافة التي شكلت عقله ووعيه وإدراكه، فالسلوك هو: مجموعة الأفعال التي تحكم الشخصية، وهو نشاط يُعُبر عن علاقة الإنسان بمن حوله.

فظاهرة التدخين في الأماكن العامة في مجتمعنا الأردني، تنتشر على نطاق واسع جدا، بالرغم من وجود قوانين وتشريعات تحظر التدخين في الأماكن العامة، إلا أن الشريحة الكبرى من المجتمع ما زالت ترفض الفكرة.

تلك الظاهرة جعلتني أتساءل مع نفسي حول جدوى صدور قوانين وتشريعات، إذا كانت النتيجة عدم الالتزام بها. وبالتالي يجعلني أظن أن بعض شرائح مجتمعنا مصابة بالفصام؛ لأنها تطالب بسيادة القانون والمساواة أمامه في الوقت الذي لا تلتزم به عند صدوره.

ومن المثير للاستغراب أن مجتمعنا لديه منظومة كبيرة من العادات والتقاليد والتدين لم يحسن توظيفها إيجابيّاً نحو التحضّر؛ فلو تم الالتزام بالقيم الإيجابية في العادات المنبثقة من أصل معيشي تراكمي أو ذات الجذر الديني نحو مسألة حظر التدخين، لرأينا تغيراً سلوكياً واضحاً يحترم القانون والمجتمع المحيط المتضرر من عملية التدخين السلبي.

أدرك جيداً أن هناك ضرورة لوجود التلازم بين وجود القانون والمستوى الثقافي للفرد، وعليه يكون مكمن الخلل قد أتى من الحواضن الاجتماعية الأولى في التنشئة، والتي تتمثل في: الأسرة والمدرسة والمجتمع؛ فطبيعة التنشئة هي التي شكلت ثقافة الفرد الأولى ليكون سلوكه على هذه الصورة. مما يعني أن إصلاح العطب يحتم علينا أن نبدأ من هذه الحواضن لتغيّر من طريقة بنائها لشخصية الفرد.

ولذلك كله أقول إن شرائح واسعة من مجتمعنا ما زالت بحاجة إلى امتلاك الوعي بأهمية سيادة القانون كمنظومة حقوقية وأخلاقية تهدف إلى ضبط إيقاع المجتمع والرقي به. فصدور القوانين دون الوعي بأهميتها ودون امتلاك ثقافة متحضرة تراعي الخاص والعام، لن يؤدي بنا إلى أن نكون في مصاف المجتمعات المتحضرة. فالقانون كنص أو تشريع لن يتمكن وحده من تغيير ظاهرة اجتماعية، إن لم يكن عند أفراد المجتمع الاستعداد والوعي والثقافة المستنيرة حول ضرورة التغيير كمبدأ عام نحو الأفضل. ولا يمكن أن ننسى أن القانون كنص يحتاج إلى جهة تطبقه بما يتناسب وثقافة وطريقة تفكير المجتمع، فلا يجوز أن نصدر القوانيين ولا نضع آلية للتطبيق وعقوبات على التراخي في التطبيق أو الامتناع المبطن عن التطبيق.

طرفا المعادلة في الأردن هم من نفس المجتمع والبيئة، وهما من يعارضان تطبيق القانون، بحكم طبيعة الرفض الكامنة في نفوس بعض إخواننا.

هذا المقال قد يزعج الحكومة لأنني أنادي من خلاله بتقليل التدخين في الأماكن العامة، وبالتالي تقل نسبة التدخين بشكل عام، الأمر الذي سيقلل واردات الخزينة من الضريبة على الدخان؛ والتي أنصح دائما برفعها إلى مستوى أكبر.

﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ صدق الله العظيم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :