facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شيوخ الوزارات ووزارات الشيوخ


د. محمد حيدر محيلان
14-10-2019 01:49 AM

أما أنا فيعجبني العجب والصيام في رجب، وألين بعد الغضب، ولا أحمل على أحد، وأحترم كل الناس وخصوصا أبناء البلد، الشيوخ والعبيد، البدو والفلاحين، الكبير والصغير، واحترم وأُجِلْ الوزير والمدير، والعتال والحراث والراعي وبياع الحمير.

وأني أشهد الله أنى أحترم العائلات المتوارثة للوزارات والمناصب العليا من السابقين السابقين، أقصد أولئك المقربين، ثلة من الاولين، وقليل من الاخرين، احترم والداً ومنْ ولدْ، ممن لم يقدرْ عليهم أحد، فهم الذين أهلكوا أموال البلد، وهم يحسبون أنهم لمْ يرَهمْ أحد، ولأنهم لغاية الآن لم يقدر عليهم أحد.

واحترم أكثر، الأردنيين الذين خلقوا في كبد، وجلهم اما يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة، او عائلا مجهود البلاء، ذا مغلبة ومقهرة، من كثرة العيال وقلة المال، ومرت عليهم أيام عصيبة وذو مسغبة، ولم يتواصى بهم أحد من هؤلاء المتنفذين أصحاب المشأمة، لا بالعدل ولا بالمرحمة، ولا في أموالهم وحساباتهم الوظيفية والتعينية حق للسائل والمحروم من أبناء الطبقات الكادحة، فلا يذكرونهم عند توزيع المنافع والمناصب والاعطيات، باعتبارها حق موروث عن الإباء والاجداد.

أما ما لا يعجبني ولا أحترمه ويستفزني النسخ المتكررة من شيوخ الوزارات، المفصلين لها، وهي على مقاسهم، ولا تصلح لسواهم، فهي اما واسعة او ضيقة على غيرهم، ولا تليق الا بهؤلاء الشيوخ او أبنائهم، وإذا تعذر وجود أحد هؤلاء لانشغاله بمنصب اخر، يتم اجترار ونفض الغبار عن شخصية من الشخصيات التراثية الثمينة، تم ركنها جانبا، فازدادت قيمة مع طول الزمن، واصبحت كنز نادر، وان إعادة تقديمها في منصب او وزارة يضفي على الوزارة الهيبة والوقار.

ففي حكومة الرزاز من هذه الكنوز النادرة، من جيء بهم من متحف الشخصيات الأردنية النادرة والثمينة، وكان يغط في سبات عميق. فأيقظ الشيخ من مرقده فظلموه وظلموا الاردنيين والوزارة التي يمتطيها، أما كان أفضل للعجوز لو بقي على فراشه وقهوته ودلاله العامرة !!

لماذا ارهقتم شيخوخته الوقورة ونبهتموه من جميل غفوته؟ فها هو الانزعاج يبدو على جبينه، وكشرته الدائمة تومئ بأنه فز لصرخة دخيل، أو طنيب، أو منتاب، جاءه على حين فجأة من ليل العمر الطويل، وسكينة الرحيل.

فأنتبه من نومه وفز قائما على عجلة من امره، لسماعه صوت يناديه، حتى لم يملك ان يعتمر حطته ولا عقاله، وخرج راكضا يفتش عن (الفاعل) ليعتقله، ووجهه يقدح نارا، وعيناه تشزران الريح، وكفه تقبض على اول ساند للبيت صادفه في طريقه، عاضا على طرف ثوبه المرفوع مطلقا ساقيه للريح، بنجدة البدوي الحاضرة الاصيلة، وغوثه الهاطل كالمطر ليمنع انهيار المصيبة ووقوع الواقعة، ولما أدرك المنادي: حياه الرجل، وهدأه وأجلسه، وناوله حقيبة الوزارة.

جلس الشيخ يلقط أنفاسه، ويلم زفيره المتقطع، محدقا بالرجل وهو ممسكا بالحقيبة وقال:(هيك لعاد، وزير! أنا واثق الا تحتاجوني) كم لبثت غائبا عنكم؟ فقال الرجل: يوما أو بعض يوم، ولكنك لم تغب عن بالنا ولا دقيقة، فأنتم لها وهي لكم، ومهما تقلب على متنها من فرسان وخيالة شيوخ كابر عن كابر، فأنتم خير من اعتلى سنامها وقاد خطامها، فأنتم باري القوس المؤزر وفارس الخيل المظفر، فابعث أحد الصبية بدنانير الى المدينة، فلينظر أيها أجمل بدلة وأحدث حذاءا فليأتكم به، وليتلطف ولا يشعرن بالمنصب أحدا حتى تقسموا اليمين امام جلالة الملك.

وينطلق الشيخ مجددا يحمل الراية، بعد أن ألقى عصا الترحال، من تعاقب الوظائف القيادية والادارية في الوزارة الموروثة، التي ربض على سدتها حينا من الدهر، ولم يكن ليبرح الكرسي حتى عاد اليه مزمجرا، متوعدا، مشتتا ومبعثرا عش الوزارة، ومقلقا راحة الموظفين، عاد يكر كأسد يغزو قطيع من المها الهاجعة، ترتع في فلاة وادعة، فشتت جمعها وانكد مرتعها وكدر صفوها، وراحت تركض كل واحدة باتجاه ترجو النجاة من سطوته وبطشه وهديره. ثم يعود ليربض في متحفه إذا أقيلت الوزارة على أهبة الاستعداد والنفير.

وقد تأهب لتعديل أخر على وزارته، هل ينبش الرزاز عن هذه الوجوه التي عليها غبرة وترهقها قترة، فينفضها ويعيد ألقها ويدب فيها الحياة من جديد، ليضفي الهيبة على حكومته المهترئة والبالية من تعاقب الاحداث والمصائب، ليمد في أجلها؟! أم يحيل الملك الرزاز وطاقمه الى المتحف الوطني للشخصيات الأردنية النادرة والثمينة، لحين الحاجة وندرة الرجال الرجال؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :