facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كشف المستور


د. محمد أبو رمان
06-12-2009 04:10 AM

السيول التي اجتاحت مدينة جدة، عروس البحر الأحمر، وهدمت بيوتاً وأحياءً كاملة، لم تكشف فقط حجم الخلل والهشاشة في البنية التحتية، التي أُنفقت عليها بلايين الدولارات، بل فضحت، أيضاً، حجم الفساد المالي والسياسي الكبير وضعف الإدارة الحكومية وتراكم الأخطاء، وغياب آليات المراقبة والمساءلة القانونية والإدارية والسياسية.

ما حدث في جدة كان صدمة للشارع السعودي، وولد جملة كبيرة من الأسئلة والاستنتاجات، وتجاوز الإعلام السعودي حدود النقد المعتاد إلى المطالبة بفضح الطابق ومحاسبة المسؤولين السعوديين، ممن توالوا على إدارة المدينة، وربما تسببوا في العواقب الحالية.

العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز تدخل بنفسه، بصورة استثنائية، وأمر بتعويض فوري لمئات الضحايا، وبتشكيل لجنة لمحاسبة المسؤولين عن الوضع في جدة “أيا كانوا”.

في الحقيقة، جدة تعكس “نموذجاً مرعباً” على المستوى الرسمي العربي بأسره، وليس فقط ضمن الحدود السعودية، فهي مدينة تمتلك موقعاً استراتيجياً حيويا على البحر الأحمر، وتركيبة سكانية متميزة، فضلاً عن بلايين الدولارات التي أنفقت عليها، والتي كان من الممكن أن تمنحنا أفضل مدن العالم في البنية التحتية والبناء والهندسة، فضلاً عن توفير الشروط الاقتصادية والثقافية المناسبة لتكون مكاناً جاذباً للعالم بأسره.

لكن النتيجة كانت على خلاف ذلك، حتى البنية التحتية لم تسلم من الفساد والاستهتار والعبث بأموال الناس وأرواحهم ومصالحهم، بينما لم يقدَم أي مسؤول إلى المحاسبة والمساءلة قبل أن تكشف السيول المستور وتستنطق الأسئلة الصعبة المسكوت عنها المكبوتة في النفوس لدى الوسط الثقافي والسياسي والإعلامي.

ما حدث في جدة مؤشر على الانهيارات الحاصلة لدى العرب في اللحظة الراهنة، وحجم الفساد المالي والسياسي والعجز الإداري والتنموي والتهاون والاستهتار بالمال العام، وهشاشة نظام المساءلة والمحاسبة المعمول به في أغلب الدول العربية اليوم.

حتى تكتمل الصورة، فإن فاجعة جدة تتزامن مع عودة الحديث عن أزمة دبي المالية، إذ لم تتمكن المدينة الاقتصادية، التي كانت مهوى أفئدة الملايين من الشباب والباحثين عن فرص العمل والاستثمار، ليس فقط في العالم العربي، بل في الغرب، مِن تجاوز محنتها الاقتصادية حتى الآن، وما تزال تعيش تحت وطأة ظروف صعبة ومؤشرات مستقبلية غير مطمئنة.

دبي حُكمت بمنطق السوق وإدارة الشركات، وغُيبت تماماً فيها الأبعاد الإنسانية والاجتماعية والسياسية، وشكل صعودها محفزا لآخرين للتفكير بالطريقة نفسها.

“درس دبي” يتمثل في أن الأوطان ليست كالشركات، هي تبنى بتضافر العوامل الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. والتنمية الوطنية تتطلب تفكيرا مختلفا، يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الأمنية والاستراتيجية والتوازن بين العامل الإنساني والتقني والحضاري.

نموذجا جدة ودبي يصبان في الاتجاه نفسه ويعودان بنا إلى سؤال التنمية الوطنية ومساراتها ووجهتها، إلى ضرورة التوازن والتوازي بين بناء الشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وتطوير القدرات البشرية الذاتية المؤهلة لحمل المشروع، كما حدث في التجارب الغربية واليابانية والكورية والماليزية، بينما نحن في العالم العربي ما نزال نبحث عن وصفات سحرية، لكن بالقراءة خارج الكتاب المطلوب!

m.aburumman@alghad.jo

الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :