facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صفقة القرن والحقيقة المتوارية


فيصل تايه
29-01-2020 11:33 AM

تسارعت الخطوات الترويضية بعد أن تم التطبيع الرسمي للعديد من الأنظمة العربية مع اسرائيل ، في كل الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية ، وليكشف النقاب رسمياً على ما سمىّ بصفقة القرن ، بمقارباتها المتمثلة بالندوات والمؤتمرات الاقتصادية والسياسية ، بغرض التمكين الاقتصادي في المنطقة العربية ، بحيث تصبح إسرائيل هي المهيمن على مقدرات وجغرافيات الوطن العربي اقتصاديا ، والعبث بالعقلية الاجيال العربية وارثها الثقافي .

تحققت الاهداف وتمكنت الادارة الامريكية من تسويق الأوهام الاقتصادية ، واغداق المنطقة بالاموال والوعود من أجل تنفيذ مشاريع اقتصادية في مصر والأردن ولبنان وفلسطين ، مع تسويق شعار "الأمن مقابل الازدهار " واستبداله بشعار إسرائيل "الأرض مقابل السلام "! لكن الدلالات لا تنصرف إلى حق الفلسطيني والعربي بشكل عام في العيش في أرضه بأمن وأمان ،وإنما لتأكيد أمن إسرائيل ، بتمددها جغرافيا إلى حيث تصل احلامها وأساطيرها وأوهامها ، وتتحقق بذلك الأطماع الامبريالية ، بدولة لا تكتفي بمزاعم الحدود التوراتية من " النيل إلى الفرات " ولكنها تشمل كل المنطقة العربية ومنافذها وممراتها البحرية!

لم تاتي تسمية "صفقة القرن" اعتباطاً فكل المشاريع الاستعمارية الاستيطانية التي سيطرت على الوطن العربي هي صفقات امتدت إلى قرون ، بمساعدة عملاء زرعوا من ابناء جلدتنا ، لتسهل السيطرة والهيمنة فوق ركام من الدماء والدموع ،
فكل (صفقة) استعمارية كبرى يتناسل منها عديد صفقات ترهن الوطن والثروات ،وتستعبد الإنسان لصالح المستعمر الغاصب وتتحول الشعوب العربية بعد ذلك إلى حارس لمصالح المستعمر ،وجنود تحت بيادته التي تدوس الكرامة والعزة والإباء ،وكل ما يمت لمكارم الأخلاق العربية .

قضيتنا المركزية "القضية الفلسطينية" قضية وطن عربي سلب بالقوة ، وشعب يتعرض خلال أكثر من مائة عام للتقتيل والتهجير والترحيل ، فهي ليست مجرد قضية ظلم وقع على شعب اعزل فحسب وانتهاك للقوانين والحقوق ، إنها قضية صراع وجود ، لا قضية حدود وحقوق جزئية منقوصة ، قضية سيادة وثروة ، لا قضية صفقات وملهاة ،قضية وعي لا قضية لهو ولعب ، ويجب ان نعي نحن كعرب ان قضية الصراع العربي الاسرائيلي ليست قضية انتهاكات صهيونية للقانون فحسب ،فهذا الاختزال هو بحد ذاته تعزيز وتطبيع وتطويع لاغتصاب فلسطين ،ونقلها من قضية وطنية في مواجهة مستعمر استيطاني إلى قضية مطلبية وانتهاكات ومظلومية حقوقية! ومصادرة لحق الشعب الفلسطيني أرضا وإنسانا ومقدسات، تأتي في سياق المؤامرات الأمريكية في المنطقة لصالح المحتل الغاصب لبوصلة المسلمين الأولى وتأتى ضمن مخطط "وعد بلفور" فمن لا يملك يعطي من لا يستحق .

ان كل تكريس للخصوصيات بين الأقطار العربية يخدم في مآلاته الصهيونية ، وهذا ما جعل الشعوب العربية بالفعل في هذه الظروف العصيبة شعوبا متغايرة ومتنافرة بالخصوصيات! هناك فرق بين ثراء التعدد وبين تنافر الغرباء! ما جعلنا اليوم امام مرحلة صعبة تتطلب إسقاط ما يسمى بـ "صفقة القرن" بوعينا أولا ،بالتنبه لكل حيلها وأشكالها ولبوسها، في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي ،وفي الاقتصاد والسياسة ،وفي التكتيكات والاستراتيجيات الغربية في المنطقة ، أي أن إسقاطها بحاجة إلى وعي وفعل شامل ، يبدأ فكرا موازيا لحركة مناهضة لكل أشكال التطبيع والتطويع مع الغرب الامبريالي ووكلائه في المنطقة، وفي مقدمتهم الكيان الاسرائيلي ،كذراع امبريالية تم غرسها في قلب العروبة النابض ،فلسطين ،خاصرة الأمة ، وبوصلة الضمير العربي .

تتطلب هذه المرحلة العصيبة من تاريخ امتنا العربية تعزيز وتمتين حائط الصد العربي ، على المستوى الشعبي ، لأنه بعد تماهي الكثير من الأنظمة العربية وتطبيعها وانخراطها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا مع المشروع الغربي الصهيوني في المنطقة ، ليصبح الهدف هو تتويج غلبة الامريالية والصهيونية على الشعوب العربية ، أي إماتة الأمة كشعب ،بجعل العبودية قدرا ،واستلاب العقل واقعية، وضمور الشعب العربي ازدهارا !

صفقة القرن فرصة للاستعمار الجديد التي تروج ملهاة سوداء ،باستخدام التلاعب والغموض في الدلالات والمقاصد ، عندما بدأت بترنيمة الأرض مقابل السلام ، وكانت مقاصدها الفعلية أن أمن إسرائيل لا يتم إلاَّ بالمزيد من احتلال الأراضي العربية ، وهاهم اليوم يرفعون شعار ، الأمن مقابل الازدهار ، والمقصود منه أن أمن اسرائيل وازدهارها لا يكون إلاَّ بالتخلي عن الأرض والثروة لصالح ازدهار الامبريالية وذراعها في المنطقة ومزيد من الخنوع والاذلال للامة .

"صفقة القرن" تعبير مبهم وليست صفقة وإنما (فرصة) كما اسماها كوشنر وكل عمليات التطويع منذ إعلان بلفور يتم تقديمها على أنها فرص ولا ضياع إلاَّ للوجود العربي، وطمس متدرج مدروس للقضية الفلسطينية ،ملازم لضياع الوجود العربي أرضا وإنسانا ، يخرج من مشكاة صهيونية استعمارية واحدة ،وإن تعددت مسمياتها ،فكلها ترجمة فعلية للزمن الإسرائيلي الذي يبشروننا به ولكن تبقى الارداة والعزيمة والعروبة متاصلة في دماء شرفاء الامة ، وبئس ما صنع الخونة ويصنعون !
والله المستعان .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :