facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كي نبقى تحت مظلة المشروعية


د. جهاد الجراح
18-04-2020 03:46 PM

إن أهم ما تميّزت به الدولة الأردنية عبر تاريخها السياسي بأنها دولة قانونية تخضع نفسها وكافة سلطاتها للتشريع بمفهومه الواسع مما أدى إلى سيادة حكم القانون، وبالتالي اتسمت تصرفاتها بالمشروعية سواء في الظروف العادية أو الاستثنائية، حيث تطبق الدولة النظام القانوني والتشريعي بكافة مشتملاته ووفق النسق المرسوم لذلك في الأحوال العادية، ولذا يمكن وصف المشروعية في هذه الحال بالمشروعية العادية، ولكن قد تطرأ ظروف استثنائية تهدد كيان الدولة مما لا يجدي معه الاستمرار بتطبيق المشروعية العادية، حيث تجد الدولة نفسها مدفوعة لمقاومة هذه الأخطار بشكل سريع وفاعلية عالية، ولا يكون ذلك إلا بالخروج على قواعد الشرعية العادية وإحلال شرعية استثنائية محلها، بحيث يتاح لها من خلال هذه الشرعية الاستثنائية سلطات وصلاحيات غير عادية تمكنها من تجاوز تلك الحالة الاستثنائية والعودة بالنتيجة إلى الشرعية العادية.

لذا نلحظ أن الدولة تتقلب في جميع أحوالها من شرعية إلى شرعية، ومعنى هذا أن الظروف الاستثنائية لا تعني بحال خروجها من عقال المشروعية، ولذا تنبّه المشرع الدستوري لهذه الظروف الاستثنائية ونظمها مسبقاً وقبل قيامها بموجب أحكام المادتين (124) و (125) من الدستور الأردني، حيث تعتبر المادة (124) هي المحدد الدستوري لإعلان حالة الطوارئ، بينما المادة (125) تولت معالجة حالة الأحكام العرفية، وفي كلتا الحالتين كرّس المشرع الدستوري مبدأ المشروعية والمحافظة عليها، حيث صدر قانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992 بالاستناد إلى نص المادة (124) سالفة الذكر.

والذي يعنينا في هذا المقام هو كيفية الحفاظ على مبدأ المشروعية أثناء ممارسة السلطة التنفيذية لسلطاتها في ظل هذه الظروف الاستثنائية، حيث يحسن التذكير بالنقاط التالية:

أولاً : أن المشرع الدستوري قد منح الصلاحية إلى الشخص الذي يعيّنه قانون الدفاع لاتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية لتأمين الدفاع عن الوطن، وغنيّ عن البيان أن معنى اتخاذ التدابير والإجراءات هو اتخاذ الخطوات التنفيذية والعملية لأجل هذا الهدف، وبالقدر الضروري لذلك.

ثانياً : أعطى المشرع الدستوري لصاحب الصلاحية – من جملة التدابير والإجراءات الضرورية للدفاع عن الوطن – صلاحية وقف قوانين الدولة العادية، والنص ناطق بما فيه، حيث يقتصر هذا الحكم على وقف العمل بأي نص تشريعي ورد في قانون عادي؛ في حال أعاق هذا النص إجراءات وتدابير الدفاع، وهذا هو السقف لهذه الإجراءات ودون أن يتعدى ذلك إلى إعطاء الحق لصاحب الصلاحية إلى تعديل أو إلغاء هذه النصوص ، فالنص لم يمنح صاحب الصلاحية سلطة التشريع ، وإن أي تغيير في أي حكم موضوعي بإضافة أفعال تشكل جرائم جديدة غير منصوص عليها أصلاً في المنظومة التشريعية ، أو تغليظ عقوبات لجرائم منصوص عليها ، او استحداث أوضاع قانونية لم يتم النص عليها في القوانين العادية ، كل هذا يخرج عن نطاق التدابير والإجراءات ويدخل ضمن سلطة التشريع ، وهو ما لا يملكه صاحب الصلاحية ولم يتضمنه النص الدستوري والحالة هذه .

ثالثاً : إن القول أن أوامر الدفاع تعتبر من أعمال السيادة التي تقوم بها السلطة التنفيذية باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة في سبيل تحقيق مصالح الدولة العليا أثناء حالة الطوارئ ، يمكن الردّ عليه بالقول أنه يتوجب التفريق بين إعلان حالة الطوارئ أو وقفها من جهة ، وبين مضمون قرارات الدفاع التي تستند إلى حالة الطوارئ من جهة أخرى ، فإعلان العمل بقانون الدفاع أو وقف العمل به هو لا شك عملٌ من أعمال السيادة تقدّره السلطة التنفيذية تحقيقاً للصالح العام وسلامة الوطن ، وبالتالي يفلت من الرقابة القضائية .

أما أوامر الدفاع ومضمونها وحسب ما يجمع عليه الفقه والقضاء فإنها يجب أن تتغيّا الحالة الاستثنائية التي قامت من أجلها من ناحية وأن تكون متناسبة مع تلك الحالة من حيث إجراءاتها ولا تتجاوزها من ناحية أخرى ، وإلّا طالتها رقابة القضاء ؛ باعتبار أنها قرارات إدارية – وإن كان لها صبغة التشريع- يجوز التظلم منها أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء (نص المادة 8 من قانون الدفاع المشار إليه) ، كما يجوز طلب التعويض من رئيس الوزراء على أن يكون للمتضرر في حال عدم موافقته على القيمة المقررة للتعويض المطالبة بالتعويض العادل أمام المحكمة المختصة (نص المادة 9 من قانون الدفاع ذاته )،وهذا موقف محمود يُسجّل للمشرع الأردني حيث أنه وفي ظل استثنائية الظروف أقام الموازنة بين المصلحة العامة و مصلحة الأفراد ، وبطبيعة الحال يكون ذلك لدى القضاء النظامي صاحب الولاية العامة ، باعتبار أن اختصاص القضاء الإداري بالتعويض اختصاص استثنائي من جهة ، بحيث لا يمكن القياس عليه أو التوسع فيه ، ومن جهة أخرى فهو اختصاص تبعي مقيّد بنص المادة (5/أ) من قانون القضاء الإداري .

رابعاً : إذا تفاقمت جسامة الخطر الموصوفة في المادة (124) من الدستور ، بحيث أصبحت التدابير والإجراءات المتخذه وفقاً للمادة ذاتها غير كافية للدفاع عن المملكة ، فيحق لجلالة الملك بناء على قرار مجلس الوزراء أن يعلن الأحكام العرفية (المادة 125 من الدستور) ، وصلاحية تقدير ذلك تعود للسلطة التنفيذية ، ومرةً أخرى يعد إعلان هذه الحالة عملاً من أعمال السيادة لا يتم إلا بعد استنفاذ الغرض من إعلان حالة الطوارئ ، وهنا فقط يكون لجلالة الملك إصدار تشريعات بصورة تعليمات وبقطع النظر عن أحكام أي قانون معمول به بحيث يجوز لهذه التعليمات ، ليس فقط وقف العمل بالقوانين ، وإنما وضع قواعد موضوعية تشريعية تنشئ أو تعدّل أو تلغي أحكاماً في النصوص القانونية القائمة ؛ لأن هذه التعليمات لها قيمة التشريع العادي في الهرم القانوني لمنظومة التشريع .

ربّ اجعل هذا البلد آمناً





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :