facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل نعود إلى زراعة القمح؟


داود عمر داود
29-04-2020 12:27 AM

عندما انهار الاتحاد السوفياتي، نهاية عام 1991، تحول وريثه، الاتحاد الروسي، من النظام الاشتراكي الى النظام الرأسمالي، فنتج عن هذا التحول كساد اقتصادي خطير، استمر لسنوات، فانتشرت حالة من العوز والفقر، فقامت دول كثيرة بمد يد العون، من بينها السعودية التي أرسلت، من ميناء جدة، باخرتين كبيرتين محملتين بالقمح السعودي. فكيف لدولة مثل السعودية، مساحتها 2 مليون كيلومتر مربع، وتشكل الصحاري جزءاً كبيراً منها، ولا يوجد فيها أنهار أو بحيرات رئيسية، وتعتمد على المياه الجوفية، أن تساهم في إطعام شعب دولة عظمى مثل روسيا، الأكبر مساحة بين الدول، وفيها ربع المياه العذبة في العالم، وأكبر احتياطات الغابات والبحيرات؟

القمح السعودي: قصة نجاح لم تستمر
الجواب على التساؤل هو السياسة الزراعية التي بدأت بإتباعها الحكومة السعودية، مطلع الثمانينات، بإنتاج القمح، عندما شاعت مقولة، غير موثقة علمياً، ان المياه الجوفية في البلاد تعادل مصب نهر النيل. وفي غضون 5 سنوات وصلت السعودية الى حد الاكتفاء الذاتي والتصدير. وفي عام 1992، بلغ حجم إنتاج القمح السعودي أكثر من 4 ملايين طن، ما يفوق حاجة البلاد بنسبة الربع. وكانت الحكومة تشتري كيلو غرام القمح من المزارعين، بسعر تشجيعي، بلغ ثلاثة ريالات، ما يعادل ستة أضعاف سعره العالمي، البالغ أنذاك، نصف ريال للكليو غرام.

لكن في العام 2008، وبعد ثلاثة عقود على بدء زراعة القمح، شاعت مقولة اخرى، غير موثقة علمياً أيضاً، عكس المقولة الأولى، تتحدث حول نضوب مخزون المياه الجوفية. وقد جاءت هذه المقولة في تقرير للبنك الدولي، لم يكن يستند إلى أي دراسة جيولوجية دقيقة. وكان هذا الرأي كفيلاً بوقف زراعة القمح، بعد قصة نجاح دامت ثلاثين عاماً. وهكذا أصبحت السعودية تستورد حاجتها من القمح، البالغة 3.5 مليون طن، بعد أن كانت تعتمد على محصولها المحلي، وتصدر الفائض.

شبكة أمن غذائي خليجي
وفي ذروة أزمة كورونا، بعد أن أخذت بعض دول العالم تتبع اسلوب القرصنة لتأمين احتياجاتها، خاصة الطبية منها، استشعرت دول مجلس التعاون الخليجي خطورة الأمر، ووافقت على مقترح كويتي بإنشاء شبكة أمن غذائي متكاملة، للدول الست الأعضاء.

العراق وسوريا: اكتفاء ذاتي
أطلق العراق، عام 2010، مشروعاً لتنمية زراعة القمح، ووصل، العام الماضي 2019، إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي لأول مرة، إذ بلغ انتاجه 4.75 مليون طن، بفائض نصف مليون طن عن احتياجاته. وكذلك كان الحال في سوريا، قبل الحرب. إذ بلغ محصولها من القمح 4 ملايين طن سنوياً، عام 2011، ضعف حاجتها تقريبا، فيما بلغ استهلاكها 2.3 مليون طن.

الاردن: من الإكتفاء إلى الإستيراد
انتعشت زراعة القمح في الاردن، منذ العهد العثماني، وأصبح المزارعون يأتون من فلسطين لزراعته، بتشجيع من الدولة العثمانية، التي سنت القوانين لهذا الغرض، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وفي منتصف ستينات القرن الماضي، بلغ انتاج القمح حداً منعت معه الحكومة استيراد أية كميات منه، بل وقام الاردن، عام 1965، بتصدير القمح الى مصر والسعودية.

وفي منتصف السبعينات، كانت مساحة الأراضي المزروعة قمحاً 2 مليون دونم، إلا أنها تقلصت، في العقود التالية، حتى وصلت حالياً إلى 250 ألف دونم، وذلك لأسباب متعددة، أهمها إغراق السوق بقمح أمريكي أقل كلفة، مما جعل زراعة القمح غير مجدية. لذلك اعتمد الاردن كلياً على إستيراد القمح.

لبنان: ينتج ربع حاجته من القمح
يتراوح محصول لبنان من القمح الصلب ما بين 100-140 الف طن سنويا، يجري تصدير معظمه، لأنه لا يُستخدم في انتاج الطحين، إنما في انتاج البرغل والمعكرونة، ويتم استيراد القمح الطري، بدلاً منه، حيث تبلغ حاجة البلاد أكثر قليلاً من نصف مليون طن، في العام. وقد شجعت الحكومة اللبنانية، في أواخر 2019، الفلاحين على زراعة القمح، وقدمت لهم الدعم.

فلسطين
تنتج الضفة الغربية وقطاع غزة 40 ألف طن من القمح سنوياً، بينما تحتاج إلى 360 ألف طن، وتتم تغطية الباقي عن طريق الاستيراد. أما فلسطين المحتلة، منذ عام 1948، فتحتاج إلى مليون طن سنويا، تُنتج منه 100 ألف طن، وتستورد الباقي.

مصر والسودان
تستهلك مصر 16 مليون طن من القمح، تنتج منها 9 ملايين طن، وتستورد الباقي. وتُعتبر بذلك أكبر منتج للقمح عربياً، وأكبر مستورد عالمياً. ويُعتبر القمح المصري من أجود الأنواع في العالم، لا يضاهيه إلا القمح الأمريكي. أما السودان، فأنتج، هذا العام، أكثر من 30% من احتياجاته السنوية من القمح، وهي كمية تكفي لنحو 3 – 4 شهور، ويستورد ما تبقى.

اليمن
يستهلك اليمن نحو 3.4 مليون طن من القمح سنوياً. وخلال سني الحرب، تدهور إنتاج الحبوب عموماً. لذا فإن البلاد تستورد معظم احتياجاتها، بكلفة أعلى من الطبيعي، بسبب ظروف الحرب.

المغرب العربي
تنتج ليبيا 200 ألف طن من القمح، فيما تستهلك 1.6 مليون طن سنوياً، وتستورد الباقي. أما تونس فتُنتج 1.7 مليون طن. تشكل 60% من احتياجاتها، وتستورد مليون طن. فيما حققت الجزائر الإكتفاء الذاتي، واستغنت بذلك عن استيراد القمح الصلب، بينما ما زالت تستورد القمح الطري، لأغراض الطحين والخبز. وفي المغرب بلغ انتاج القمح، في الموسم السابق، 4.81 مليون طن، بينما انخفضت الكمية في الموسم الحالي، وستلجأ البلاد إلى الاستيراد لتغطية العجز.

تركيا وايران وباكستان: إكتفاء ذاتي
وعلى الصعيد الإقليمي، نجد أن تركيا مكتفية ذاتيا من القمح، حيث تنتج أكثر من 20 مليون طن سنويا، فيما يبلغ إستهلاكها 19 مليون طن. أما ايران، فهي أيضاً مكتفية ذاتياً، وانتجت الموسم الاخير 14.5 مليون طن من القمح، وحققت بذلك فائضا بمقدار 1.2 مليون طن. كما أن الباكستان مكتفية ذاتياً، أيضاً، ولديها فائض من القمح، حوالي مليون طن سنوياً، تقوم بتصديره.

نادي القمح في العالم
يُعتبر القمح سلعة استراتيجية، مثلها مثل السلاح، يهيمن على صادراته 5 جهات هي: روسيا، يليها الاتحاد الاوروبي، ثم كندا، وأمريكا، وأوكرانيا. وهناك 5 دول اخرى تصدر القمح بكميات أقل هي أستراليا، والأرجنتين، ورومانيا، وألمانيا، وكازاخستان.

خلاصة القول
يُجمع الخبراء أن العالم، بعد أزمة كورونا، سينتقل من حال إلى حال، على جميع الأصعدة، فهل يصحو عالمنا من سكرته وغيه، فيعيد توزيع ثروته بعدالة، بين فقير مهمش، وغني متكبر؟ وهل تعيد حكوماتنا العربية ترتيب أولوياتها، فتوفر لقمة العيش الكريم لشعوبها، وتركز على الانتاج المحلي، للسلع والخدمات، لتصبح مكتفية ذاتياً، قدر الإمكان؟ وإنه لمن المنطق أن تحذو باقي الحكومات العربية، حذو مجلس التعاون الخليجي، في استشعار خطورة الأمر، والتفكير جدياً في مسألة توفير الأمن الغذائي لشعوبها، وأن تقتدي بتركيا، وباكستان، وايران، والعراق، وسوريا، والجزائر، التي تكتفي ذاتياً من القمح، بدلاً من الإنفاق على ما لا ينفع الناس. وربما أيضاً تغتنم فرصة التغيير كي تتحرر من بعض القيود في هذا المجال. ثم تعيد ترتيب علاقاتها بشعوبها، وتركز على رفاه الإنسان، الذي هو أساس وجودها، وأغلى ما تملك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :