facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كورونا و الرومانسية الحالمة


سارة طالب السهيل
20-05-2020 07:06 PM

الانسان لا يمكنه الحياة دون تأجج مشاعر الحب، فالحب ماء الحياة  واكسيره ، والإنسانية ترتبط عضويا بالحب ، ومنسوب الحب يتناسب طرديا مع السمو الإنساني في ارقى تجلياته وعكسيا مع الشر في ادنى صوره.

والتاريخ الانساني  حفل بالعديد من قصص الحب الخالدة، واكتسبت خلودها مما واجهه ابطالها من مآسي وما أدت اليه من حروب ، وشهدت البشرية فواجع وكوارث تحديا لصراعات الحب ، واصبحت مضربا للمثل في الوفاء والإخلاص، وفي هذا الإطار تأتي ملاحم روميو وجولييت، وأنطونيو وكليوباترا، وقيس وليلى، وعنتر وعبلة، وجميل وبثينة، وكثير وعزة، وقيس ولبنى وغيرهم من كامل جغرافيا المعمورة ، ولكل ملحمة تفاصيلها التي تتفق والبيئة التي شهدت أحداثها .

البعض كان يلتقي في البوادي والبساتين و بئر الماء بعيدا عن أعين الناس، بينما كان روميو يقف لجوليت اسفل شرفة منزلها ليحظى بنظرة عشق تروي كيانه كله وتشعره انه يعيش في الجنة ونعيمها .

الحب لا يختلف كثيرا من زمن لاخر و من مكان لمكان ، وقد رصدت أغنية الفنان محمد عبد المطلب و هو يروح ويغدو لحبيبته ماشيا على قدميه من منطقة السيدة زينب الى حي الحسين بالقاهرة ، تجربة خاصة عبر عنها الفنان القدير بأغتيه الشهيرة " ساكن في حي السيدة وحبيبي ساكن في الحسين وعلشان أنول كل الرضا يوماتي اروح له مرتين من السيدة لسيدنا الحسين" .

كان المحب ينتظر اطلالة محبوبته من شرفة منزلها  ، بينما يقف اسفل المنزل بدراجته متعللا للجيران بأي سبب لوقوفه اسفل منزل المحبوبة، كما كانت أسطح المنازل من اشهر أماكن لقاء الاحبة بعيدا عن اعين الأهل و المتلصصين ، وسط موجات حب كهربائية شديدة مغلفة بأشجان الحب العذري الطاهر بينما تسبح الرومانسية في بحار الاشواق ولهيبها بروحانيات شديدة التالق والوجد والنور.

ولقد وثقت السينما حال المحبين في ستينيات القرن الماضي قبيل التكنولوجيا فائقة السرعة التي نعيشها، كانوا عندما يلتقون يبدون وكأنهم قد خرجوا من جحيم الاشواق وسعار أنينه الى جنة فيها ماء السلسبيل الذي يروي عطشهم ويبرد نيران عواطفهم بمجرد الرؤية والكلام.

وفي الألفية الثالثة كانت المنتزهات والكافيهات والسينمات اماكن لقاء الاحبة دون حظر أو عوائق ، الى أن جاءت جائحة كورونا فوضعت الحواجز بين المحبين وعزلتهم عن بعضهم ، وانحسر التواصل ، وأصبح حصرا عبر وسائل التواصل الاجتماعي .

وكما يقال في الاثر الانجليزي" الحاجة هي أم الاختراع "، وكذلك القول في الاثر الشعبي العربي " الممنوع مرغوب "، فان جائحة كورونا قد غذت مشاعر البشر بمعاني الفقد من  الاحبة، وأشعرتهم بنعمة وأهمية انتماء الانسان لبني جنسه وانه لا يستطيع الحياة بدون من يكمل نقصه ويعوض فقره ويحقق به كمال وجوده على الارض ويشعره بنعمة الامان والسلام النفسي والطمأنينة التي لا تتحقق الا بلقاء الاحبة.

لذلك قاوم المحبون العزل الاجباري لكورونا وتحدوها بأساليب جميلة وشيقة، وهو تحدي صحي جدا من أجل البقاء والسعادة، مثلما وجدنا الشاب اللبناني محمد الصمد عبر اليوتيوب وهو يتسلق شرفة محبوبته ليقدم لها خاتم الزواج رافضا تأجيل الخطبة لحين انتهاء الجائحة، هو مقطع هاجمه الكثير واتهموه بأنه يقلد الغرب، وبرأيي ان هذا المقطع على اليوتيوب أكد على ان المشاعر الانسانية أقوى من اي اخطار للامرأض والأوبئة.

وظهرت العديد من قصص الحب والغرام التي قاومت كورونا وتحدتها في مختلف دول العالم، فقد ألقى كيبوبيد  بسهامه بين "أحمد" المرشد السياحي المصري و"تشو" الصينية  قبل عام  وتوجا حبهما باعلان الخطبة الرسمية في 22 يناير الماضي أثناء زيارته للصين، لتظهر بعدها أنباء عن فايروس كورونا ووسط مطالبة الاهل لابنهم بالعودة السريعة الى مصر واضطر للعودة لوطنه لكنه عاد ادراجه للصين ليداوي قلبه بدفء محبوبته.

الحب دائما هو مفتاح التحدي لأي ازمة حتى لوكانت وباءا، ولم يكن هناك وباءا لاخترعه الانسان لكي يمرر من خلاله مفتاح التحدي مثلما فعل الكاتب العالمي غابرييل غارسيا ماركيز في  روايته  "الحب في زمن الكوليرا" فالبطل المحبوب يطلق شائعة وباء الكوليرا على السفينة التي يركبها مع معشوقته  ليتخلص من المسافرين، ولتتاح له فرصة التعبير عن عشقه لها رغم ان عمرها سبعين عاما.

واخترع ماركيز وباء الكوليرا على لسان بطل روايته الشهيرة، انما أكد من خلاله حاجة الانسان للحب الحقيقي والصادق في كل مرحلة من مراحل عمره وحتى الشيخوخة، وربما يكون الله قد من علينا بجائحة كورونا لنتخلص من رتابة حياتنا المادية وهيكلتها الرأسمالية التي قتلت فينا اجمل المعاني، ولتحيي كورونا فينا زمن الرومانسية الجميل ونستعيد انساينتا بالحب الصادق.

ولفتني مؤخرا وأثناء الحظر تجلي معاني الحب في أبهى واجل صورها ، فهناك من المحبين من تحمل المشي لعدة كيلومترات في مناخ قاسي ليحظى برؤية حبيبه ، ومنهم من استقل دراجة هوائية لعدة كيلومترات في سبيل ان يكحل عينيه برؤية الحبيب ، في مشهد يعيد للأذهان ملاحم الحب الخالدة .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :