كنا قد وصلنا في المقال السابق إلى أن الإنسان قادر على تغيير كثير من ظروف حياته استنادا إلى وجود قدرات وقوى دفينة في أعماقه،يمكن إيقاظها عن طريق مؤثرات داخلية وأخرى خارجية,وخاصة إذا ما كان لديه القدرة على الاستغراق بالسببية وتفحص النتائج،واليوم نوجه إليك دعوة ونقول:

أيها الإنسان.......أيقظ قواك الخفية،فأنت تمتلك قوى عظيمة مكنونة في أعماق أعماقك وهي ترقد في سباتها تنتظر منك أنت أن تستفيق أولا ، فالقدرات والمهارات التي يكتسبها الإنسان خلال مسيرة حياته الاغترابية من لغات واستخدام الحاسوب وتطويره وصناعة السيارات والطائرات وقيادتها والاستمرار في تطويرها.........الخ ما هي إلا قوى كانت كامنة ومخفية في أعماق اللاوعي الإنساني إلى أن جاء المؤثر المحرك الضاغط للتأثير على مكمن هذه القوى.

وتبدو الإشارة ملحة هنا إلى ضرورة التفريق بين المؤثر المحرك الضاغط الخارجي،المدفوع بقوى داخلية لتلبية حاجات غريزية ضرورية وأخرى غير غرائزية ،وبين المؤثر الداخلي المدفوع بتبني نتائج محددة في منظومة التبادلية المستثارة بقاعدة السبب والنتيجة بشكل عكسي،فمن المعلوم علما والثابت بالتجربة أن لكل سبب بالضرورة نتيجة تنتج عن الفعل (السبب)،وهذه قاعدة علمية لها نتائج مادية ملموسة،فالبذرة سبب وجود الشجرة ، والثقب في الجدار سببه المقذوف الناري ، فالشجرة نتيجة للبذرة والثقب في الجدار هو نتيجة اختراق المقذوف الناري للجدار، والشكل العكسي لهذه القاعدة هنا هو وجود الشجرة قبل الحصول على البذرة ، وهنا (( لماذا لا نتمتع بثمر الشجرة ؟ وهو أفضل بكثير من انتظار الحصول على البذرة أي (السبب) لوجود الشجرة (النتيجة) أي وجود النتيجة قبل وجود السبب)) ، وهذا أمر يخالف قاعدة السببية،وهو غير مقبول في العلم المادي الصرف، ودعني أهمس في أذنك أيها القارئ الكريم بأن ذلك ممكنا إلى حد بعيد ، و أن الأمر أشبه بحلقات متواصلة، تدور في فلك واحد .

فالقوى الخفية التي بداخلك أيها الإنسان تستطيع عند إيقاظها أن تمكنك من كل ذلك ، لأن العلم علمان ، علم أديان وعلم أبدان،ولا بد من تذكيرك : بأن فيك نفحة من روح الله تبارك وتعالى ،حيث أن الله تعالى خلق ادم من طين ثم نفخ فيه من روحه،ولهذا يموت جسدك و لا تموت روحك،ولأجل ذلك أنت مكرّم عند الخالق تبارك وتعالى (ولقد كرمنا بني ادم) .



فيمكن تقديم النتيجة على السبب كأن تكون سعيدا قبل حصولك على الشهادة العليا بوقت طويل وتعيش اللحظة، فالفرحة جاءت كنتيجة للحصول على المؤهل العلمي الذي تأخر عن السبب، وهذا يحتاج إلى شروط أولها الإيمان المطلق بتحقق ذلك وأن تعيش اللحظة واترك باقي الأمر على الله الخالق فإنه سوف يتكفل بالسبب والنتيجة.وهذه قضية مجربة وأنا شخصيا مررت بها فعندما كنت في مرحلة البكالوريوس كنت على يقين أنني سأحصل على شهادة الدكتوراة وكنت أتصرف بناء على ذلك أي أنني قدمت النتيجة على السبب وفعلا تكفلت مختلف القوى التي سخرها الله تبارك و تعالى وتهيأت جميع الظروف،ولحق السبب بالنتيجة،كما أنك إن جربت ذلك لن تخسر شيئا، على الأقل فإنك سوف تشعر بالسعادة،وهذا سر من الأسرار الذي استخدمه كثير عظماء العالم بقصد أو بدون قصد .

عزيزي القارئ... لك مني أجمل التحيات متمنيا عليك أن تتابع هذه السلسة لأنني سوف أقدم لك أسبوعيا التطبيق العملي المدروس لكيفية إحداث تغيير ملموس على مقاييس حياتك وذلك على صعيد أنماط العادات اليومية والعمل ومشاريعك المختلفة المؤجلة......الخ,وترقبوا كل ذلك قريبا....

ولنرفع معا أجمل وأصدق مشاعر الفرحة والولاء لجلالة مولاي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم بمناسبة عيد مولده الميمون ونرفع أكف الضراعة إلى الله العلي القدير أن يمد في عمر جلالته ويمتعه بموفور الصحة و العافية وأن يحفظ الأسرة الهاشمية الشريفة والشعب الأردني والوطن الغالي...إنه سميع مجيب الدعاء...