facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




البحث العلمي في جامعاتنا


د. فرحان عليمات
06-09-2020 01:17 AM

سميت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في وطننا بهذه التسمية لإن التعليم العالي يتربع في كفة ، والبحث العلمي في الأخرى ؛ فأهداف التعليم العالي في المادة (3) من قانون التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 2018جاءت في غالبيتها للبحث العلمي ، وندرك أن تلك الأهداف لا تترجم على أرض الواقع إلا من خلال الجامعات الأردنية ؛ فهي الحواضن الرئيسة للبحث العلمي، وهي المناط بها تحقيق تلك الأهداف.لكن يبدو أن قلة من القيادات الجامعية أطلعت على تلك الأهداف، ووضعت خطط عملية لتحقيقها بشكل علمي منتج يخلق من البيئة الجامعية ( طلبة وأعضاء هيئة تدريسية ) بيئة قادرة أن تسهم حقا في تنمية البحث العلمي والابتكار ، بحيث ينعكس بنتائج عملية مباشرة على الفئات المعنية في المجتمع .
تبدو إشكالية البحث العلمي في جامعاتنا الأردنية معقدة ومركبة ومتعددة ؛ لعل أهمها ينبع من إرادتنا جميعا إلى ماهية البحث العلمي الذي نريد ، فهل ما نريده بحثا علميا ينهض في وطننا ، أم نريده أوراقا تسمى أبحاثا لا تقدم ولا تأخر ، وأن قدمت شيئا يكون مصيرها أرفف المكتبات الورقية والإلكترونية ، هل نريد بحثا علميا لأغراض الترقيات في الجامعات ِوالمشاركة في المؤتمرات الخارجية .و هنا تبرز ضرورة تقييم مدى إنتاجية الأبحاث للمجتمع ؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر هنالك عشرات الألآف من الأبحاث والدراسات لأساتذة وطلبة كليات التربية في الجامعات الأردنية ، فإلى أي حد استفادت منها وزارة التربية والتعليم ( لمعلميها وطلبتها ). وأذكر في هذا المجال أنني شخصيا قمت بإعداد دراستين استغرقتا من الوقت ست سنوات احداهما عن الشباب والبطالة ، والأخرى عن الأطفال واستخدامهم لشبكة الإنترنت ، وكلتاهما غاية في الأهمية للمجتمع الأردني ، وكان الأمل يحدوني بأن تستفيد الجهات المعنية من تلك الدراسات ، لكن للأسف لم تبادر أي جهة معنية للاستفادة من نتائجهما، ويقاس عليه الكثير من الدراسات والأبحاث التي تنتهي بانتهاء مناقشتها أو قبولها.
تعد الجامعات الأردنية من أهم حواضن البحث العلمي على الإطلاق، بما تملك من أساتذة وباحثين وطلبة دراسات عليا، وهي أهم حلقة من حلقات إنتاجية البحث العلمي، يتبعها في ذلك عدد من المؤسسات الحكومية و الأهلية المعنيّة في البحث العلمي لتُلقي جميعها بانتاجيتها نحو المجتمع والمؤسسات الوطنية ليأخذ كل منها ما يعنيه.
من خلال اطّلاعي على بعض الممارسات في الجامعات الأردنية وما يتعلّق تحديدًا منها في البحث العلمي، تبرز تلك الممارسات وكأنها ترى أن البحث العلمي وسيلة لا غاية، فإحدى الجامعات تقدّم دعمًا ماليًا للأبحاث المنشورة أو المقبولة للنشر في مجلات سكوبس بقيمة تصل إلى أكثر من عشرة آلاف دينار سنويا للباحث الواحد ، بعدد أبحاث قد يزيد عن العشرة في المجلات العلمية ذات معامل تأثير عالي - حتى وإن كانت المجلة باللغة السومرية التي انقرضت قبل آلاف السنين- وتبدو المفارقة في هذا الأمر في عدم احتساب تلك الأبحاث المدعومة من الجامعة للباحث تبعًا لطبيعة تعيينه في الجامعة،فلو كان التعيين محاضرا متفرغا فلن يحسب له سوى بحثين، فنخلص إلى أن المهم هو النشر في مجلات سكوبس لتحسين تصنيف الجامعات عالميا، بدلا من تشجيع أعضاء الهيئات التدريسية على البحث العلمي، وأن يكون ذلك التشجيع غايته فعلا البحث . وفي ذات السياق يبرز السؤال عن اللغة العربية و قلة المجلات العربية المصنفة ضمن قاعدة بيانات المجلات ذات معامل تأثير عالي، وما هي فائدة الأبحاث التي تنشر في اللغة الإنجليزية إذا ما علمنا أن ما يقارب 80% من العرب لا يجيدون اللغة الإنجليزية، حتى أن كثيرا من الباحثين الذين ينشرون أبحاثهم في اللغة الإنجليزية لا يجيدونها، وإنما هي مترجمة فقط، وتبرز إشكالية أخرى في المجلات العلمية العربية المحكمة؛ فيورد رئيس تحرير مجلة علمية محكّمة تتبع لإحدى الجامعات الأردنية بأن 70% من الأبحاث التي تقدم للمجلة ترد من قبل المحكمين لعدم صلاحيتها للنشر، وتبرز أيضًا المفارقات الغريبة بأن الأساتذة المحكمين هم أساتذة للباحثين الجدد، و قد تتلمذوا البحث العلمي على إيديهم، وبالتالي فهل الإشكالية تتعلق بهم، ويزداد الأمر حيرة عندما ترسل تلك الأبحاث مترجمة إلى مجلات سكوبس، فنجد القبول بالنشر والإشادة بالبحث. فأين تكمن المشكلة، ربما تكمن بأن رئيس تحرير المجلة لا يختار المحكمين إلّا من أصدقاءه أو معارفه، فيحضرني قديمًا أن عميدا للبحث العلمي و رئيس تحرير مجلة علمية في إحدى الجامعات كان يرسل البحث في علم الاجتماع أو اللغة العربية مثلا إلى صديقه في تخصص اللغة الإنجليزية وهكذا حسب تخصص أصدقاءه لا تخصص الباحث وبحثه، وتستمر قصص الإحباط في البحث العلمي عندما يأتي تقرير من أحد المحكمين بأن البحث صالح للنشر بدون أيّة تعديلات، ويأتي تقرير للمحكم الآخر بأن البحث لا يصلح للنشر. فأي منهجية يسير عليها كل منهما، هل تكون هذه المفارقات لهذه الدرجة في البحث العلمي ، وهنا تظهر المزاجية والشللية وإحباط الباحثين ولجوءهم إلى المجلات العلمية غير العربية ، وتظهر مفارقة أخرى لا تقل أهمية عن السابق ؛ إذ نجد أن جامعة معينة تعترف بمجلة علمية ولا تعترف بها جامعة أخرى، خاصة المجلات العلمية التي لم تدخل بعد التصنيفات المعروفة ، وهذا يدل أن معايير الاعتماد وشروط البحث العلمي وأخلاقياته تختلف من جامعة إلى أخرى، ونرى في جامعة أخرى وخوفا من دكاكين الأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراة معيقًا آخرا من معيقات البحث العلمي يتمثل في نسب الاستلال، فالباحث يقدم إقرارا بأن نسبة الاستلال في بحث ما و حسب البرنامج الذي استخدمه لا تزيد عن 20% ، لتقوم الجامعة بإخضاع البحث لبرنامج آخر ليتبين أن نسبة الاستلال تصل إلى 45% فأي برنامج منهما هو الصحيح ؛ فهل احدهما تقليد و الآخر أصلي.
هنالك العديد من الإشكاليات التي تعتري مسيرة البحث العلمي في الجامعات الأردنية ، وتتراوح بين البسيطة والمركبة، وهذا يتطلب إعادة نظرتنا للبحث العلمي الذي نريد. وأن يتم إزالة جيمع العراقيل التي تعتري تلك المسيرة ، وعلينا أن نستغل الدعم المالي المقدم للبحث العلمي في جامعاتنا بشكل مثالي بدلا من التعلل دائما بقلة ذلك الدعم ، وأن يتم توجيه ذلك الدعم للبحث العلمي المرتبط بمشاريع عملية واقعية تلامس احتياجات المجتمع في مختلف العلوم، مسبوقا بتعزيز ثقافة البحث العلمي فهو منهج حياة. وتدرك القيادات الجامعية في جامعاتنا التي تنادي برفع سوية البحث العلمي في جامعاتنا بأنه لن يستقيم ما دام أننا نضع العربة أمام الحصان، و نشجع البحث العلمي لأجل رفع تصنيف الجامعات ، فنرى من حولنا عدد من الجامعات الإقليمية التي دخلت مراكز متقدمة في تصنيف الجامعات ، لكن في مخرجاتها التعليمية والبحثية لم نر ما يوازي مركزها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :