إلزام الشركات بتوكيل محامين هل هو مخالفة دستورية؟!.
20-03-2010 03:14 PM
إنهاء التوكيل برضا الطرفين.. والشركة مصيرها مرتبط بقناعة الطرف الآخر.
كتب: زياد الشلة..
الأصل أن النشاط الفردي وفقاً للمبادئ العامة للقانون والأصول والقواعد القانونية أن يكون هذا النشاط حراً، ومن هذا النشاط مزاولة الأعمال التجارية ولا يتم تقييد النشاط الفردي إلا بالقدر اللازم للمحافظة على النظام العام في الدولة ولكن تأتي التشريعات وتفرض التزامات وقيود على نشاط الأفراد مثل توكيل الشركات للمحامين.
إنّ توكيل الشركات الإلزامي للمحامين جاء تطبيقاً لأحكام قانون نقابة المحامين النظاميين الحالي وتعديلاته رقم (11) لسنة 1972 وذلك بهدف تأمين مصدر دخل للمحامين بالرغم من مخالفة هذا الهدف لأحكام الدستور حيث تنص المادة 43 من قانون نقابة المحامين على كل مؤسسة تجارية أو صناعية عامة وشركة مساهمة وشركات ومؤسسات أجنبية أو فروع أو وكالات يزيد رأسمالها عن 150 ألف دينار تعيين وكيل مستشاراً قانونياً من المحامين المسجلين وبموجب عقد خطي مسجل وفرض غرامات بدفع مبلغ دينارين إلى صندوق النقابة عن كل يوم تتأخر فيه بالتعيين مما يضطر الشركات الملزمة قانونياً بتوكيل محامين.
ومن هنا، فإنّ الشركات المُلزمة قانونياً بتوكيل محامين وتجنباً لوقوع الغرامات القانونية عليها توكيل محامين إجبارياً ودون قناعة ودفع أتعاب محاماة بحدود هذه الغرامات مما يؤدي إلى نشوب خلافات بين الطرفين بسبب اجبارية التوكيل وتدني الأتعاب المدفوعة والتي ينجم عنها عدم تقديم الخدمة القانونية بالشكل المطلوب.
ويرى العديد من الشركات المساهمة التي تنطبق عليها نصوص المادة تلك أن هذه المادة مخالفة للدستور وهي بمثابة الزام واذعان حيث أن توكيل الشركات الزامي للمحامين تطبيقاً لأحكام قانون نقابة المحامين مما يدفعنا كشركات إلى توكيل محامين في كثير من الأحيان لا يمارسون أيّ عمل إلا الحصول على الراتب وفق العقد المبرم ما بين الشركة والمحامين والعديد منهم عندما تضطر الشركة للجوء إلى القضاء لا يمارسون دورهم المطلوب في المرافعة أمام المحكمة ويلجأون إلى إرسال محامين لديهم في المكاتب ويتم تأجيل القضايا لمرات عديدة أحياناً لعدم حضور المحامي أو حضور محامي الخصم أو عدم استكمال المرافعة والبعض وهم قلة كما تقول تلك الشركات يلجأ لمحاولة التسوية خارج أروقة المحاكم وقد لا تكون لمصلحة الشركة وإذا رغبت الشركة المساهمة في عدم الاستمرار بالتعاون مع المحامي لا تستطيع ذلك كما تقول العديد من الشركات حيث أن القانون ملتزم بتوكيل المحامي وتنفيذ العقد الخطي والمسجل لدى كاتب العدل ولا تستطيع الشركة فسخ العقد إلا برضا المحامي أو اللجوء للنقابة والتي يجب عليها الاقتناع بأسباب ومبررات فسخ العقد لأن العقد كما تقول النقابة هو شريعة المتعاقدين حتى لو أن هذا المحامي لم يكن يمثل المصلحة الحقيقية للشركة ولا يقوم بعمله على أكمل وجه وكما هو مطلوب.
صاحب احدى الشركات يقول بعد توقيع العقد مع المحامي كوكيل للشركة استناداً لقانون النقابة الذي اعتبره مجحفاً بحق الشركات اكتشفت انه لا يستطيع أن يمثل الشركة بالشكل المطلوب أو تمثيل مصالحها لدى الجهات المختلفة وحاولت بالتراضي فسخ العقود وإنهاء التوكيل الا انني لم استطع لأن الأتعاب التي يحصل عليها كبيرة.
ورفض بل وهدّد باللجوء إلى نقابة المحامين التي من المتوقع أن تقف إلى جانبه ويتساءل: ما العمل في هذه الحالة؟ وهل سيبقى التوكيل ملزماً إلى نهاية العقد رغم ان النص يشترط التراضي بين الطرفين إلا أن هذا النص هو لصالح المحامي فقط حين لا تستطيع الشركة فسخ العقد.
ويقول محام إنّ هذا القانون الذي صدر عام 1972 كان الهدف منه ايجاد عمل للمحامين النظاميين حيث تزايد عدد المحامين وأصبح لا بُدّ من البحث عن مصادر جديدة لتوفير فرص عمل للمحامين فكان صدور القانون الملزم للشركات المساهمة بتوكيل محامين حيث يستطيع المحامي أحياناً الاكتفاء بتوكيل تلك الشركة نظراً للأتعاب المادية المدفوعة له.
ويعترض أحد أصحاب الشركات المساهمة بقوله إنّ هذه المادة تغلّب مصلحة المحامين على مصلحة الشركة والمواطن في الوقت نفسه حيث ان مصلحة المحامي توقيع عقد توكيل الزامي مع الشركة التي يزيد رأسمالها عن 150 الف دينار حيث يوفر له دخلاً مشروعاً جيداً ومستمراً، أما مصلحة الشركة نفسها التي يفترض ان يمثلها ويراعي أعمالها وإجراءات تصرفاتها وأوضاعها المالية ومدى قانونية اجتماعات مجالسها وتقديم الدراسات والاستشارات القانونية اللازمة لأعمالها وغاياتها التجارية إضافة إلى الترافع أمام المحاكم يمكن أن يكون ليس بنفس الاهتمام.
ويضيف ممثل احدى الشركات: صحيح أن أيّ شركة أو مؤسسة ملزمة بتعيين محام بموجب عقد قانوني الأصل فيه رضا المتعاقدين (الطرفين) والعقد شريعة المتعاقدين، إلا أنه لا يجوز لطرف خاصة الشركة إلغاء العقد لأن هذه العقود ملزمة ولا يجوز العزل أو الفصل إلا بأسباب تجد القناعة والاثبات والأدلة القانونية في حال إذا كان هناك أخطاء أو أضرار جسيمة تلحق بالشركة ومن هنا، فإنّ تحقيق تلك الأدلة وفق مصلحة الشركة تحتاج لأدلة ووقائع واقتناع مما يعني أحياناً كثيرة عدم استطاعة الشركة فسخ العقد أو إنهاء توكيل المحامي.
ويقول الدكتور بشار عبد الهادي، أستاذ القانون الإداري المُشارك في كلية الحقوق بالجامعة الأردنية، وعميد كلية الحقوق الأسبق: إنّ المُشرّع الأردني اشترط في قانون نقابة المحامين النظاميين النافذ المفصول على ان يكون لكل شركة اردنية يزيد رأسمالها على (150000) مائة وخمسين الف دينار محامي وكيل استاذ مُسجل في سجل المحامين الاساتذة.
ويعود السبب في ذلك الى حكمة تشريعية تتمثل فيما يلي:.
اولا: مصلحة الشركة نفسها، حيث يراقب المحامي الوكيل اعمالها واجراءات تصرفاتها واوضاعها المالية وصحة اجتماعات مجالسها، فيبدي رأيه القانوني في هذه الامور لتكون جميع اعمالها متفقة مع التشريعات الاردنية وصحيحة وخالية من اية عيوب تشوبها وتسبب لها مشكلات قانونية مع أي شخص او اية جهة اخرى تتعامل معها، بالاضافة الى انه يقوم بتقديم الدراسات والاستشارات القانونية اللازمة لاعمالها وغاياتها التجارية، وبالاضافة ايضا الى دراسة القضايا المرفوعة عليها او التي ترفعها هي على الغير لاقتضاء حقوقها، والترافع في هذه القضايا وفقا للاحوال القانونية اللازمة امام المحاكم المختصة، وكل ذلك يجعل هذه الشركة في مأمن قانوني يصون لها اعمالها ويحيمها من اية مشكلات يسببها الخروج على المشروعية.
ثانيا: مصلحة المحامي، حيث يوفر له هذا الامر دخلا مشروعا جيدا ومستمرا ويزيد من خبرته القانونية العملية وبالتالي رفع مستوى كفاءته وتحسين ادائه، بالاضافة الى دفع جزء من هذا الدخل للنقابة التي ينتمي اليها، مما يحسن قدراتها المالية للوفاء بالتزاماتها تجاه جميع المنتسبين اليها من المحامين.
ثالثا: مصلحة المواطنين، حيث يتعاملون مع هذه الشركة ويكونون بالتالي مطمئنين الى سلامة اعمال تلك الشركة وصحة اوضاعها القانونية واجراءاتها العملية واهدافها وغاياتها لا سيما في اهم واخطر وادق الامور، الا وهي الامور القانونية التي تتعلق بحقوقهم ومصالحهم التجارية والمالية.
اما الدكتور المحامي عصام الدبس الاستاذ المساعد بكلية الحقوق في جامعة الشرق الاوسط للدراسات فيقول تأتي التشريعات وتفرض التزامات وقيود على نشاط الافراد، ومن هذه الالتزامات التأمين الالزامي للمركبات وتوكيل الشركات للمحامين.
إن توكيل الشركات الالزامي للمحامين جاء تطبيقا لاحكام قانون نقابة المحامين النظاميين الحالي وتعديلاته رقم 11 لسنة 1972، وذلك بهدف تأمين مصدر دخل للمحامين بالرغم من مخالفة هذا الهدف لاحكام الدستور، وهذا ما نصت عليه الفقرة الاولى من المادة 43 من قانون نقابة المحامين.
ويرى الاستاذ المحامي خليل البنا مستشار وخبير في الشؤون الاجتماعية والقانونية ان قانون نقابة المحامين الاردنيين رقم (11) لسنة 1972 وتعديلاته بالقانون رقم (51) لسنة 1985 الزم كل مؤسسة او شركة بتعيين وكيل او مستشار قانوني من المحامين المسجلين وذلك وفق ما جاء في المادة (43) من هذا القانون، والحكمة من هذا النص كما ورد في القرار رقم (25) لسنة 1972 لديوان تفسير القوانين (هو ان هذا النوع من المؤسسات والشركات له من الاهمية في الحياة العامة والتطور الاقتصادي ما للمصالح العامة من اهمية بسبب ان المشاريع التي تقوم بها مشاريع كبيرة فيها عدد كبير من الناس، فالزمها القانون بالاستعانة بمحام استاذ للحيلولة دون وقوعها في اخطاء قد يترتب عليها الحاق ضرر جسيم بالمساهمين والمواطنين.
من هنا.. فإننا نجد ان أي مؤسسة او شركة ملزمة بتعيين محام او مستشار قانوني لها بموجب عقد او قرار تعيين يوافق مصلحة الطرفين ويسري على هذا التعيين ما يسري على العقود الملزمة (بالارادتين) ولا يجوز في هذه الحالة الارادة المنفردة الا باخطار الطرف الاخر قبل مدة كافية يوجبها العقد المبرم, كما لا يجوز العزل او الفصل الا بأسباب موجبة تجد القناعة والاثبات والادلة القانونية في حال التقصير والاهمال والاخطاء والاضرار الجسيمة التي تحيق بالشركة أو بالمؤسسة.. استنادا الى القاعدة القانونية التي تقول (العقد شريعة المتعاقدين) ومصلحة الشركة بالادلة والوقائع والاثباتات – فوق كل اعتبار – وبما لا يخرج عن الحق والعدل والانصاف وبعيداً عن التعسف والظلم والاجحاف.
ان الزام قانون نقابة المحامين النظاميين ان يكون لكل شركة اردنية يزيد رأسمالها على 150 الف دينار محامياً يثير تساؤلات لدى العديد من الشركات حيث يؤكدون ان هذه المادة من القانون الزامية واذعان من طرف المحامين الى الطرف الاخر وهو الشركات والمواطنون وان هذه الاجراءات والتعليمات غير موجودة في بقية دول العالم لأن ذلك بحد ذاته يعتبر التزاما ولا تجوز الجباية من المواطنين الا من قبل اجهزة الدولة فقط وهنا فإنه يعتبر بمثابة تحكم بالمواطنين ولكن بشكل قانوني حيث تفرض النقابة وفق القانون توقيع عقد من قبل المواطن والشركة مع المحامي والالتزام تجاه المحامي رغم انفه ولا يستطيع الانفكاك من هذا الالتزام الا بموافقة المحامي وفق القاعدة القانونية "العقد شريعة المتعاقدين".
ومن هنا لا بد من تعديل هذه المادة التي وضعت لمراعاة مصلحة الاطراف المستفيدة فقط لأن كل نقابة او جمعية هدفت الى ادخال مواد ضمن قانونها بما يتلاءم مع مصالحها فقط ومتناسية مصالح الاطراف الاخرى والمصلحة العامة بشكل عام.
الراي.