استوقفني ذات مرة, جواب على سؤال ,كان السؤال موجها الى رجل أخذت منه الدنيا عنفوان الشباب ونعمة الصحة , وتقدمت به العمر حتى أصبح لا يقوى على خدمة نفسه , مما أثار انزعاج أبناءه وبناته الأعزاء , فقاموا ا بوضعه في أحدى دور العجزه , يزورونه خلسةبين الحين والآخر , منتهزين الفرصة كلما غفلت أعين الزوجات عنهم .
سأله السائل عن شعوره اليوم ...! وهو بهذه الوضعية , فجاء جوابه , مغايرا لما هو متوقع , فهو لم يشعر بالحزن قدر شعوره بالندم , ..... فأجاب, ينتابني شعور بالندم الكبير على ذلك اليوم الذي اخترت فيه شريكة حياتي, التي أصبحت أما لهؤلاء الجاحدين , فقد كان لوالدتي رحمها الله رأي آخر ,رفضت هذا الأرتباط , ليس لسبب شخصي, ولكنها علمت أن هذه الفتاه التي تقدمت لها ,عاشت بين أبوين منفصلين , بترت عنها رأفة أمها , وتربت على يد زوجة أب حقودة وقاسية القلب , حرمتها من رؤيةتلك الأم , طوال عمرها , فعندما سألتها أمي , متى رأيتي والدتك...؟ أجابت بغضب , لم أرها منذ ذلك اليوم الذي تركتنا فيه وتزوجت , فهي لا تستحق أن أسأل عنها , أو أراها .... !عندها قالت أمي , من تملك قلبا قسى على من حملت بها وأرضعتها , لن يكون هناك أملا أن تنجب أطفالا عطوفين ..., في ذلك الحين اعتبرت كلام أمي تدخل في خياراتي وحياتي وصممت على رأيي , اليوم, والأثنتين تحت التراب يأكلني شعور بالندم, و أنا أعيش تلك النتيجة , فأبنائي فعلا لا يملكون من الحنان ما يأتي بهم اللي .
أردت أن أقف عند هذه القصة والتي تبدو عادية في نظر البعض , خاصة ونحن نراها تتكرر مئات المرات , أردت أن أوصل منها رسالة, ألى كل الأبناء الذين أصبحوا آباء , وأقول لهم عاملوا والديكم, كما تريدون يوما أن يعاملكم أبنائكم .
فربوا أطفالكم على احترام الجد والجدة , وازرعوا فيهم أن حب الوالدين, على أنه جزء من العبادة , من أغضبهم ,أغضب وجه الخالق عز وجل .
رسالتي أوجها اليك أنت بالذات أيها المدعو الرائع , أبي , يا من ربيتنا على الخلق والمحبة , رسالتي فيها الكثير من الحب والشعور بالتقصير, عيرتني أمي منذ الصغر, بولعي الدائم بك ,وانت تردد دائم عني .... بنت أبوها ..!!!ولكن اليوم , أخبرها أنها هي أيضا بنت أبي ذلك ..... , فكيف لا وهو من أحبها وتوجها على عرش قلبه , على مدى السنين ...! . رسالتي لك يا والدي الحبيب , تقول أعلم أننا جميعا بحاجة حبك وحنانك , ولكن هي من تحتاج ذلك أكثر , أتمنى أن, تبقى أمي في عينك تلك الحبيبة , التي ترى الدنيا من خلال حدقة عينها , فهي شريكتك الى المنتهى ... انشالله .
رسالتي الى كل أب أعطاه الله المال , فاصبح يهجس ليل نهار بالحصول على المزيد,أهمس بأذنه .... اترك كل العالم , و اذهب لها قبل فوات الأوان , وضمها الى صدرك الذي أرضعتك منه لبن الحياة , وعندها ستملك كل العالم .....
رسالتي الى من ملئوا الدنيا فرحا عند قدوم مولود ذكرا , وطأطأؤ الرأس محزونين, عند قدوم الأنثى , أقول لهم لا تنسوا تلك الأنثى المقدسة التي كانت سبب قدومكم الى هذه الدنيا .
رسالتي الى كل أب تشبع صدره بالحقد والقسوة .... على طليقة لم يكمل معها المشوار ... وأصبح يهددها ليل نهار بأخذ أطفالها منها , أقول له , استمع لصوت ضميرك الحي ... يردد.... الأمومة كيان لا تنتزع ولا تقايض....فاترك لها أمومتها .
رسالتي في عيد الأمهات الى طفل في صف الروضة .... عاد فرحا يحمل بطاقة معايدة ووردة لأمه في عيدها .... رسالتي تقول , احرص أن , لا تنساهما حين تصبح أنت أبا أيضا ...
رسالتي الى كل مشروع أب قادم ... ينتظر بلهفه قدوم المولود ...... رسالتي تقول لا تنسى أن تعايد شريكتك في عيد الأم , فقد أصبحت أما منذ النبضة الأولى لجنينها .......
رسالتي أخيرا الى زوجي الحبيب , تقول أغدق دائما بالحب , على تلك الوالدة العظيمة التي أنجبت لي زوج محب .... الى كل الآباء فوق هذه البسيطة ..... تقول أعضدوا أمهاتكم وزوجاتكم أمام أطفالكم .... حتى يصبح ذلك ناموس لهم في حياتهم ..... وكل عام وكل الآباء بخير , حتى تبقى كل الأمهات بخير .