قراءة في التشكيل الحكومي الجديد ..
د. مأمون نور الدين
13-10-2020 12:41 AM
ورثث اليوم حكومة د. بشر الخصاونة مجلّد مُتخم بملفات محلية متأزمة منها ما ورثته حكومة د. عمر الرزّاز عن سابقتها ومنها ما استُحدث بعهدها، ومنها ما جاء به القدر ليزيد تحدي المهمة وصعوبتها. لم يكن عهد د. الرزّاز يسيراً لا عليه ولا على حكومته ولا على المواطن، واليوم بقي من الحقبة السابقة المواطن ومشكلات الوطن وبضع وزراء فقط! وجاء الرئيس الجديد بتوليفة حكومية نستطيع وصفها بالخارجة عن المألوف من حيث التنوّع الفكري والأيديولوجي للأفراد. في هذه التشكيلة نرى مزج بين ما يُعد الحرس القديم والتكنوقراط والجديدين تماماً على العمل الحكومي ومجال عمل وزاراتهم، ولا يجب أن ننسى مجموعة المستوزرين والضاغطين ومن فصّلت لهم وزارات تناسب مزاجهم وطموحاتهم! ( هنا لا بدّ أن نذكر أن وزيراً قد يتبع لأكثر من فئة مما سبق ذكره). وطبعاً يكتمل التشكيل مع المحافظة -نوعاً ما- على عرف التوزيع الجغرافي والديموغرافي.
قد يبرز تحدٍ بالمستقبل القريب لإيجاد إنسجام داخل الجسم الوزاري نفسه، حيث أنه من المعلوم وجود أعضاء دأبوا على انتقاد أعضاء الحكومة السابقة بشكل مكثف ولاذع بنى شعبيتهم بشكل كبير بالإعلام ووسائط التواصل الإجتماعي، والآن يجب أن يجلسوا على طاولة واحدة مع خصومهم السابقين علّهم يتناظروا ويتفكّروا ويبدعوا لما فيه مصلحة الوطن والمواطن! قد يصحّ التعبير أن بعض نجوم "السوشال ميديا" والإعلام دخلوا الحكومة في حين رحل منها نجوم الحكومة السابقة الذين غاب منهم أبطال معركة كورونا الغير منتهية بعد مثل د. سعد جابر وأمجد العضايلة.
من زاوية أخرى يتوقع أن تشهد هذه الحكومة تقارباً أكبر وأكثر انفتاحاً وجديّة مع القطاع الخاص إذا ما تم استغلال الخبرات والعلاقات بالشكل السليم والمفيد، ففي الفريق أيضاً شخصيات مؤثرة كانت على جانب القطاع الخاص من المعادلة واليوم هم في صف الحكومة والفرصة أمامهم لتحقيق ما عجز غيرهم عنه.
على العموم فإن كتاب التكليف السامي واضحاً جداً وقد رسم معالم الطريق التي على الحكومة إنشاء وتعبيده وترميمه حتّى يسير الأردن بالإتجاه الصحيح، ففيه تتطلعات جلالة الملك وأمل المواطن للخروج من أزمات أهمها أزمة كورونا. أما كتاب الرد على كتاب التكليف فإن أبرز ما فيه هو تعهّد الحكومة برفع برنامج تنفيذي مفصّل لجلالة الملك يتضمن الرؤية والمنهجية الشاملة للتعامل مع مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمالية والسياسية والإصلاحية لمختلف القطاعات مربوطة بمواقيت زمنية للتنفيذ، وأدوات واضحة لقياس الإنجاز بعد المائة يوم الأولى من عمر الحكومة. وهذا شيء ايجابي جدّاً يشير إلى جديّة ومسؤولية إتجاه الفعل لا القول وهو ما نريد. والنقطة الأخرى الملفتة للإنتباه بخطاب الرد على الكتاب التكليف السامي هي تعهّد دولة الرئيس بقيام حكومته بدراسات تقيّم امكانية دمج بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية، حيث تنتهي هذه الدراسة بعد مائة يوم أيضاً. من العرف المعتاد أن تقدّم الحكومة إستقالتها بعد الإنتخابات النيابية ليكلّف الرئيس من جلالة الملك مرّة أخرى، إلّا أنّه يمنح فرصة التعديل الأول والسريع، وبحسب المعطيات اليوم قد نشهد تعديل مهم، بل باستطاعتنا أن نعتبر هذه الفرصة كمخرج طوارئ سريع وقريب للحكومة في حال اتسع الإحتقان الشعبي لا سمح الله خلال المائة يوم الأولى وهو شيء متوقع خصوصاً في ظل الظروف الإقتصادية والصحية الحالية.
بالنهاية لم نكتب اليوم لتقييم الحكومة وأفرادها، وإنّما ما كتبت هو قراءة سريعة وتوقعات مبنية على الخبرة. أما دولة الرئيس وفريقه فلا نتمنّى لهم إلّا التوفيق لما فيه خير للوطن والمواطن وخصوصاً أن منهم من شهد تاريخه بحسن سيرة الخدمة. أتمنّى أن نرى بالفعل حكومة برامجية مربوطة بأسقف زمنية للتنفيذ، ومعايير نجاح محددة مسبقاً تنهي حقبة زادت بها القرارات المرتجلة والمتسارعة والمتناقضة التي أربكت الوطن والرأي العام وزادت حالة الإحباط.