facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قراءة في المشهد الدعائي الانتخابي


فيصل تايه
18-10-2020 03:33 PM

رغم انطلاق الحملات الدّعائية للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في العاشر من نوفمبر القادم، لا زال يطغى على المشهد الانتخابي حقيقة الوضع الوبائي العام ، ومع أننا نثق بالهيئة المستقلة للانتخابات ، فهناك تأكيدات بأن الانتخابات ستُـجرى في موعدها وفي أجواء آمنة وضمن اشتراطات صحية تضمن المحافظة على صحة الناخبين في اليوم الموعود للاقتراع، إلا أن الخوف يبقى حاضراً بقوة لدى مختلف الأوساط ، لاسيما مع تزايد حدّة الاصابات وتفشي غير مسبوق لفيروس كورونا ، لكننا سنبقى في حفظ المولى عز وجل .

لكن ما يتسيد المشهد هو الخطاب الدّعائي المتحمس بين المرشحين والذي يزداد ضراوة وينزلق إلى منافسات حادّة في ظل حشد تعبوي كبير لمختلف اطياف المجتمع ، فاليوم ونحن في خضم الدعايات للانتخابات البرلمانية واشدها والتي تبلغ اوجها يوما بعد يوم ، نجد ان المرشحين يسلطون خطاباتهم وأنشطتهم الدعائية على أسلوب مفاضلة النفس على الغير بلغة صاخبة وبعبارات انفعالية مستفزة ، وبخطاب استعطافي موسوم بانتقاد الحاضر ، ويمنون نفوس ناخبيهم باوهام ومعجزات ، ذلك بلا شك يكشف عن قصور في الإلمام بفنون الدعاية الانتخابية ، وعن افق ضيق في شفافية الخطاب الدعائي ، وكذلك في نقص معرفي في سيكولوجيا التأثير النفسي على الناخب ، فالدعاية الانتخابية ليست مجرد تعليق صور وشعارات وبث خطابات ومناشدات ، بل الأهم ان السيد الناخب واع لاحتياجاته وطموحاته ، ولا حق لاحد ان يستخف بعقله ووعيه وإنسانيته وآماله للمستقبل الوطني .

أجواء التنافس الحاد هذه تطرح العديد من التساؤلات حول المآل الذي ستنتهي إليه هذه الانتخابات ، حيث ينظر المراقبون والمتابعون تفاعلات العملية الانتخابية التي تتجه إلى تصاعد نَـبرة الخطاب بين المرشحين بقدر كبير من المنافسة والتوجس ، لكن وبكل الاحوال لن تزيغ هذه الانتخابات عن قواعد اللّـعبة المُـتعارف عليها في الأنظمة الديمقراطية ، سيما أن الاردن لديه التجارب الناجحة في ذلك ، اضافة للكثير من العوامل التي تُوَجّـه المنافسة الانتخابية بعدالة وشفافية ، والتي تجعلها لا تحيد عن غاياتها المنشودة رغم الاعتبارات السوسيولوجية والمناطقية والعشائرية .

ان المراقبين للمشهد الانتخابي يرون ان المدخل إلى انتخابات نظيفة وشفافة وحضارية لن ياتي الا بتلطيف الخطاب الدعائي وترشيده خاصة من قبل المرشحين الذين يعلون من حدة اصواتهم بما فيهم الكومبارس " حشوات القوائم " ، الذين لا حظوظ لهم في الانتخابات ولا دور سوى حشد الاصوات وتسخين معركة الدعاية الانتخابية متمنين ان لا تخرج عن مسارها الطبيعي باستعراض القوة والجاه والحسب بالوسائل المتاحة تارة ، وإطلاق أقذع الأوصاف الانفعالية تارة أخرى ، بل يحب احترام حدة الخطاب التعبوي الانتخابي عبر المهرجانات الاستعراضية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ، والملاحظ أن الكثير من المؤشرات تؤكّـد بجلاء أن التنافس بلغ اشده بعيدا عن الحُـشود المهرجانية الكثيفة بأمر جائحة كورونا ، حيث ان كافة المرشحين مضطرين للذهاب الى الوسائل الدعائية الرقميه مما يُـنبّئ بمعركة انتخابية رقمية حامية الوطيس ، تم الاستعداد لها وفقا لما ذهب إليه المراقبون والمتابعون، لأنها في خضَـمّ التَّـباري الانتخابي الرقمي غير المعهود ، قد تخرج المنافسة عن التوقعات ، خاصة يوم الاقتراع الذي بات البعض يتوجّـس منه خيفة وحذرا ، نتيجة تداعيات خطر كورونا وضرورة الالتزام بالبرتوكول الصحي المعد للغاية ، اضافة لهيمنة البُـنى الاجتماعية التقليدية وقلة البعض معرفتهم بفنون الدعاية الانتخابية الرقمية وكيفية ايصال محتواها لمختلف شرائح الناخبين .

على ان قدرات المرشح على الحشد الكمّـي للناخبين ، لابد أن نقرأها ضمن سياق مُـعطيات الواقع الاردني ، فالاردنيون طغت على محياهم الخيبات المتكررة من مجالس برلمانية سابقة محبطه لامالهم وطموحاتهم ، لكن السيد الناخب سيصر ان يُـمارس حقه الانتخابي وفقا لثقافته الاردنية ويصبغها بثقافته الخاصة ، فالانتخابات كما نعرفها ، هي إحدى شواهد ومؤشّـرات المشاركة السياسية ، باعتبارها وسيلة للصّـراع عن طريق التصويت ، لكن الاردنيين سيُـمارسونها بثقافتهم ويستحضرون كل المُـعطيات المجتمعية والمحلية في معركتهم ، بما فيه المكون العشائري الذي لم يـعد بتلك البنية التي لها أعرافها وتقاليدها، وإنما سيشكل ذلك طابعا هجيناً لان البنية التقليدية، ليست كما كانت في الماضي مع الوعي العام لدى كافة شرائح المجتمع الأردني.

ان الملاحظ لوسائل الدعايه هي كثافة الشعارات واليافطات الانتخابية التي نرها للمرشحين والتي تعتبر من المؤشرات الباعثة على القلق حيث التعدي على المرافق العامة واسطح المنازل والشوارع والحدائق بصورة غير حضارية ،وانا اجد ان حملات الدعاية الانتخابية بهذه الطريقة هي خروج عن الضوابط المنظمة والقوانين ، فانتشار الصور بصورة عبثية فوق بعضها البعض خارج المألوف ، هو الملح الطاغي على المشهد الانتخابي ، الأمر الذي يُـسهم في خروج الدعايات الانتخابية عن هدفها ، في الوقت الذي يتباهى المتنافسون على أنهم يتبارون من أجل بناء دولة النظام والقانون ، وفي هذا المعترك، بدا أن الكثير من المُـلْـصقات قد جانبت القواعد المرعية في هذا الشأن وخرجت عن منطق الدعاية، إلى الاساءة الى وجه الاردن الحضاري .

كذلك فان ما يطغى على الحملات الانتخابية ايضا ظاهرة النّـفي للأخر ، والملاحظ وجود تعبئة أكثر منها مشاركة ، فبدلا من أن يكون محور الاهتمام هي البرامج الانتخابية ، هناك نفي متبادَل وخرُوج عن قواعد اللّـعبة الانتخابية، وعدم احترام القوانين المنظمة للحملات الدعائية ضمنيا ، وهذا الخروج والتجاوز يؤثّـر على فعالية النظام الديمقراطي الحقيقي عند البعض ، ويعكس في الحقيقة نزعة استحواذية مسيطرة ، فهناك وللاسف استحواذ للنائب السابق ، فهو يُـصر على أن يظل نائبا حتى يأتيه عزرائيل أو إلى أن يأتيه من يُـزيحه عن مقعد النيابة ، هذه معضلة ثقافة التملك الموجودة لدينا ، وهي موجودة لدى كل الفرقاء من المترشحين ، ومن الواضح أن الكل يُـدرك جيّـدا أن ثمة بوادر تشنج دعائي يروم إلى استقطاب الناخبين بأي ثمن كان، في الوقت الذي تتعالى الأصوات من كل اتجاه بعدم الذهاب بعيدا عن طريق المشاركة ، وضرورة أن تجري الانتخابات في أجواء آمنة.

واخيرا يبقى نجاح العملية الانتخابية مرهون بمدى احترام قواعد المُـنافسة الديمقراطية من جهة، ووعي السيد الناخب والانتقال الى إبداء الرغبة في المشاركة الفاعلة وتجنّـب العزوف ، في انتخابات حرة نزيهه يريدها سيد البلاد ، وهذا يقتضي التوجّـه إلى إلجام منابع تأزّم الموقف بين المرشحين ، فالانتخابات القادمة ستضعنا أمام اختبار حقيقي وفي مفترق طرق ، ولننتظر إلا بعد يوم العاشر من نوفمبر القادم .
والله ولي التوفيق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :