facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل يمر الإسلام في العالم بأزمة؟


د. محمد طلافحة
02-11-2020 12:17 PM

تابعنا جميعا تصريح الرئيس الفرنسي "ماكرون" الذي يقول: إن الدين الإسلامي بات يمر بأزمة في العالم بأسره وليس فقط في فرنسا، سنحاول في هذا المقال تحليل هذا الادعاء لنرى مدى صحته ومصداقيته.

عندما نتحدث عن الإسلام عبر العصور ابتداء من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، يتبين لنا أن المسلمين عاشوا فترات متباينة، فمن دولة صغيرة تحكم مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى فتوحات بدأت في شبه الجزيرة العربية وامتدت إلى بلاد الشام ومصر، حيث هزمت أقوى امبراطوريتين عرفهما التاريخ في ذلك الوقت ( الفرس والروم )، حتى وصلت حدود هذه الدولة إلى الصين شرقا وفرنسا والأندلس غربا في عهد الدولة الأموية.

تخلل هذه الفترة نهضة علمية وفكرية واقتصادية واجتماعية، حيث انتشرت المكتبات وصناعة الكتب وتجارتها بعد اختراع الورق في القرنيين الأوليين من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم, فقد كانت الكتب تصدر في دمشق وبغداد محملة عبر القوافل التجارية وصولا لقرطبة في غضون شهر, أدى ذلك إلى انفجار معرفي ونهضة علمية في مجالات العلوم والطب والفلك والحساب والهندسة, فظهر ابن حيان وابن رشد وابن سينا والفارابي والكندي وابن الهيثم والرازي وغيرهم الكثير من العلماء الذين كان لهم الفضل الكبير في تطور هذه العلوم, بالإضافة إلى تأسيس الجامعات الإسلامية قبل أوروبا بقرنين من الزمن, فظهرت جامعة الزيتونة في تونس عام 737م, وبيت الحكمة في بغداد سنة 830م, مرورا بجامعة القرويين سنة 859م وجامعة الأزهر عام 970م, كما تم بناء أول مستشفى في عهد الوليد بن عبدالملك سنة 706م, كما تطورت الفنون بكافة أشكالها من التصوير والزخرفة ورسم والغناء والموسيقى.

بعد ذلك بدأت الدولة الإسلامية تضعف تدريجيا في العصر العباسي الثاني حيث بدأت الفتن والحروب الداخلية (862-1.55)م, فاستقل الأمويون في الأندلس بقيادة عبدالرحمن الداخل, والدولة الإدريسية بقيادة إدريس بن عبدالله, والولاية الإفريقية التي ضمت ليبيا وتونس وشمال الجزائر بقيادة إبراهيم بن الأغلب, أضف إلى ذلك تدخل السلاطين الأتراك في الحكم, تلا ذلك حكم السلاجقة والفاطميون في مصر, وظلت الخلاة العباسية متهالكة حتى سقطت أمام غزو المغول التتار وسقوط بغداد ومعها الخلافة العباسية عام 1258 وانتهاء حكم العرب للعالم الإسلامي.

في ذلك الوقت استمر حكم المماليك في مصر والشام حتى عام 1516م والذي انتهى على يد الدولة العثمانية التي استمرت قرابة 600 عام من 1324-1924م, حققت خلالها انتصارات شاسعة في شرق أوروبا ومناطق شاسعة من العالم العربي التي دام حكمها قرابة 400 عام, عانت خلالها البلاد العربية من الفقر والجهل والظلم والاستبداد, حيث كان يمنع انتشار العلم أو قراءة كتب الفلسفة, كما تم تحريم دخول الطابعة إلى البلاد الإسلامية, فكانت تلك النقطة بداية النهاية للحضارة الإسلامية.

في تلك الفترة حققت أوروبا تطورا في جميع المجالات وبدأ عصر النهضة الأوروبية ابتداء من القرن 14 م من خلال اكتشاف القارتين الأمريكيتين وغزوها, تزامنا مع سقوط اخر معاقل الأندلس, مرورا بالقرن 17م وظهور الثورة الصناعية في أوروبا, حينها كان المسلمون يعانون من جهل معرفي على كافة الأصعدة, حيث تفاجأ المصريون عند غزو نابليون لهم بالمدافع والأسلحة الحديثة, حيث كانوا يتوقعون معركة تقليدية بالسيوف والخيول, فلك أن تتخيل عزيزي القارئ بأنه مع انهيار الدولة العثمانية عام 1917م بلغت نسبة الأمية في مصر إلى 95%.

ومع ظهور الاستعمار الأوروبي للبلاد العربية تفاقم الجهل والتخلف حتى بدأت حركات المقاومة والاستقلال التي أسفرت عن استقلال صوري في اغلب الأقطار العربية, ووجود كيان إسرائيلي في قلب الوطن العربي لمنع أي فرصة لاتحاد العرب والمسلمين مرة أخرى, ولم يكن حال باقي الدول الإسلامية أفضل حالا, فقد عانت من الاستعمار البريطاني والثورات والحركات الإرهابية في دول مثل باكستان وأفغانستان.

بالنظر إلى العالم اليوم, لا يمكننا أن ننكر بأننا نعيش في أزمة إنسانية وحضارية وعلمية وتكنولوجية ودينية حتى فما زلنا نكفر ونقتل بعضنا باسم الدين والكل يدعي بأنه على صواب وكل من يخالفه كافر يستباح دمه وعرضه, فما زال العالم الإسلامي يعيش انقسامات كثيرة وجهلا وتخلفا على جميع الأصعدة حيث بتنا في واد سحيق متقوقعين بين الحضارتين الشرقية والغربية ونحن غارقون بينهما في سبات عميق.

وأخيرا جاءت حادثة قتل المعلم الفرنسي الذي قتل بعد عرضه رسوم كاريكاتير مسيئة للرسول لتكون الشعرة التي قسمت ظهر البعير التي هزت صورة الإسلام والمسلمين, وعززتها تعاطف أغلبية المسلمين وتأييدهم لحادثة القتل الشنيعة, فبالرغم لرفضنا للإساءة إلى الرموز الدينية, إلا أنه لا مبرر للقتل مهما كانت الأسباب والظروف, فهذه هي حرية الرأي التي يفتخر بها الغرب مثل فرنسا والتي أعطت حقوقا للمسلمين أنفسهم بممارسة الدين الإسلامي, فلا خطوط حمراء لديهم والحرية سقفها السماء فعلا وليست مجرد شعار كما لدينا.

أختم مقالي هذا بالشكر للرئيس ماكرون, فبالرغم من اختلافنا معه ومع سياسته, لكن وجب قول كلمة الحق, فنحن نعيش بكابوس حقيقي, فما زلنا نفكر في الخلافات بين الصحابة في العصور الوسطى, وشغلنا الشاغل بجواز الترحم على الكافر أو جواز اخذ القبلات أثناء الصيام, فلا سبيل للتقدم إلا من خلا نبذ خلافات الماضي والاختلافات الفكرية والعقائدية بيننا, فلا بد من رص الصفوف والاتحاد معا للنظر إلى المستقبل كي لا تزداد الفجوة الهائلة بيننا وبين باقي الأمم والشعوب في العالم.






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :