facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شمس .. أمل يولد من رحم الألم


ندى شحادة
08-11-2020 11:30 AM

"أجهضت طفلي بعد أن داهمني ذلك المرض اللعين" هكذا استهلت الثلاثينية غفران حجازي حديثها حول معاناتها مع سرطان الثدي.

وتعود حجازي بذاكرتها للوراء لتروي حكايتها وتقول: "2016... سنة بدأت بخوف وشكوك بعد أن شعرت بوجود كتلة صغيرة في ثديي الأيسر، آنذاك سيطرت على تفكيري مشاعر القلق والتوتر، ولأقطع الشك باليقين ذهبت للطبيب فهدأ من روعي وأخبرني بأنها ليست سوى ألياف لا خطر منها".

وتابعت: "في ذلك الوقت عدت أدراجي وكلي ثقة بأن مخاوفي ليست سوى أوهام لا داعي لها، ومرت الأيام سريعا وشاء الرحمن أن أحمل بعد ثلاثة شهور من زيارتي للطبيب، ورغم فرحتي الكبيرة الإ أن الجزع والخوف عاوداني مرة أخرى خاصة بعد أن لاحظت زيادة في حجم الكتلة بشكل لافت، فما كان من زوجي الإ أن شد على يدي وشجعني للذهاب مرة أخرى للطبيب للاطمئنان، وللأسف كانت النتيجة عكس آمالي وتوقعاتي، فقد أظهرت نتيجة الخزعة بأن هناك ورما خبيثا ينمو في داخلي ويحارب كي يحتل جسدي... إنه السرطان".

وتشدد مديرة وحدة الكشف المبكر عن السرطان التابعة لمؤسسة الحسين للسرطان الدكتورة يسار قتيبة على: "أهمية التأكد من ماهية الكتل والتحري عنها وتصويرها ومن ثم تشخصيها بالشكل المناسب".

وتلفت إلى أن :"80% من تلك الأورام عادة ما تكون حميدة ومع ذلك فيحب متابعتها للتأكد من أن حجمها لم يكبر أو يختلف".

وبحسب آخر إحصائية لمركز الحسين للسرطان عام 2017، فإن الأردن سجل حوالي 1800 إصابة جديدة بسرطان الثدي، منها 1266 إصابة لسيدات أردنيات.

الكشف المبكر.. حياة

وبعد صمت عميق تقول حجازي: "في حياة الإنسان، هناك لحظات يتوقف فيها الزمن، ويقف الشخص أمام مرآة روحه ليراها مجردة كما لم يرها من قبل، فينظر للحياة بعين مختلفة، لحظة تنقلب فيها موازين الحياة والأولويات والأحلام، لحظة تعيد تقييم اللحظات والأشخاص، بالنسبة لي كانت هي تلك اللحظة التي ما عدت بعدها ذات الشخص ولا نفس الروح، فمريض السرطان تكفيه كلمة واحدة لتفصل حياته كلها ويقف بين خيارين لا ثالث لهما، إما الاستسلام والتسليم أو المحاربة والتشبث بكل ما هو جميل في هذه الحياة".

توالت اللحظات الصعبة على حجازي وتوضح: "لم يتجاوز عمر جنيني ثلاثة أسابيع حينما قررت إجهاضه، فخوفي عليه من أن يصاب بأي مكروه جعلني أتخلى عنه، لأبدأ بعدها رحلة العلاج الطويلة والتي تمثلت بثماني جلسات كيمياوي تبعتها عملية لاستئصال الورم الذي استجاب بحمد الله للعلاج وصغر إلى الحد الذي مكن الأطباء من محاصرته بحلقة ومن ثم ازالته ولاحقا خضعت لثلاثين جلسة أشعة".

وبحسب الأخصائيين فإن نسبة الشفاء في حال الكشف المبكر تزيد عن 90% في الحالات المبكرة، و95% في الحالات الصفرية، كما تصبح فترة العلاج أقصر والتكاليف أقل من تلك الحالات التي تكتشف متأخرا بالإضافة إلى عدم انتشار الورم خارج الثدي.

وتؤكد قتيبة على أن :"الكشف المبكر يعد السلاح الأهم في القضاء على المرض وتدعو إلى ضرورة إجراءه في عمر الأربعين، معللة بأنه يصعب الشعور بوجود كتلة عميقة في الفحص الذاتي أو السريري إلا أنها تظهر في حال وجودها في فحص "الماموغرام"، فيمكن اكتشاف المرض وهو في مرحلة مبكرة تتراوح بين الصفر والأولى".

وتدعو الفتيات اللواتي في سن العشرين بإجراء الفحص الذاتي، وأيضا عمل فحص سريري كل عامين، وتطالب كذلك ممن هن في سن الثلاثين بضرورة إجراء الفحص السريري كل عام.

وتكشف أرقام مؤسسة الحسين للسرطان بأن نسب تشخيص الحالات عند الفحص المبكر تراجعت من المرحلتين الثالثة والرابعة من انتشار المرض إلى المراحل الأولى والصفرية خلال السنوات الأخيرة.

حياة صحية

وتذكر حجازي بأنها التزمت باتباع نظام حياة صحي والمشي لمدة نصف ساعة يوميا إلى جانب العلاج انطلاقا من إيمانها بأن الغذاء هو وقود الجسم.

وتبين أخصائية التغذية العلاجية مي المومني بأن طرق الوقاية من المرض تشمل تجنب زيادة الوزن، واتباع نظام غذائي صحي ونمط حياة رياضي، والإمتناع عن التدخين، والفحص الدوري للثدي، والرضاعة الطبيعية مدة عام على الأقل.

تحولات جذرية
لا زالت ذاكرة حجازي تنبض بتلك التجربة والتي شكلت مرحلة انتقالية وفارقة في حياتها وتبين منذ الجلسة الأولى في العلاج بتاريخ 26-9-2016 ،وحين بدأ شعري ينساب بين أصابعي متحررا من أي روابط، كانت روحي تتحرر أيضا معه، تتحرر من ضعفي، من خجلي، من هدوئي وسكوني، صار المرض يحررني من نفسي القديمة شيئا فشيئا ـ فتحولت إلى بركان لا يهدأ ـ أريد استغلال كل لحظة من عمري لتكون لها قيمة بعد أن أفارق الحياة، تحولت إلى إنسانة قوية ومثابرة تتعرف إلى الناس وتترك بصمة في حياتهم.

أسست حجازي نادي المرأة والذي يعنى بالدورات التوعوية الخاصة بالتعريف عن سرطان الثدي وأهمية الكشف المبكر للقضاء عليه، وشملت نشاطات النادي إقامة رحلات ودورات للحرف اليدوية والقيام بحملات توعوية للكوادر التعليمية والطالبات في المدارس ومراكز السيدات في المنطقة.

وتؤكد الأخصائية الإجتماعي لمى الحرباوي على أن :"العمل التطوعي هو أحد الوسائل المتبعة للتعامل مع مريض السرطان ،فانخراطه في التطوع يساعده في الإنتقال من حالة العجز والإحباط إلى الشعور بالمسؤولية وحب العطاء".

وتقول:" العمل التطوعي يرفع من نسبة هرموني السيرتونين والأدرينالين اللذين لهما أثر إيجابي في تعزيز الشعور بالسعادة والسكينة والأمل ،كما أنه يزيد من فرص الشفاء ويشعر المصاب بأنه لا زال قويا وله قيمة وفائدة في المجتمع".
رغم الجائحة...حملات التوعية مستمرة

ورغم جائحة الكورونا الإ أن الحملة السنوية لرفع وعي السيدات بأهمية الكشف المبكر انطلقت هذا العام تحت شعار"ليس مجرد رقم ...وراء كل رقم حياة" ،وحافظت الحملة على بث رسائل التوعية المكثفة عبر وسائل الإتصال المختلفة الرقمية وغير الرقمية .
ويقول مدير عام مركز الحسين للسرطان الدكتور عاصم منصور بأن :"الوضع الوبائي الجديد فرض على المركز وضع استراتيجية محكمة لحماية المرضى والكوادر الطبية والعاملين في المركز،فقدعملنا على أخذ جميع الإحتياطات اللازمة وسبل الحماية والوقاية وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية للمرضى والتواصل معهم بشكل دائم لأن إهمال أمراض السرطان في هذه الجائحة سيؤدي إلى عواقب وخيمة قد تكون أسوأ من الإصابة بفيروس "الكورونا".

ويبين أخصائي علم الإجتماع الدكتور حسين الخزاعي بأن :" تلك الحملات التوعوية أثبتت نجاعة ثقافة الكشف المبكر في الأعوام الأخيرة التي أدت إلى رفع نسبة السيدات اللاتي يكتشفن المرض في المراحل المبكرة وخفض نسبة الوفيات من سرطان الثدي".
من رحم الألم...يولد الأمل

لم تنته قصة حجازي بعد ،وكأن الله أراد أن يكافئها على صبرها وعزيمتها وتقول:" حينما بدأت العلاج لم أعد أفكر في موضوع الحمل على الإطلاق، لكن بعد سنتين وتسعة أشهر من فقداني لطفلي الأول شاءت الأقدار بأن أعاود الحمل مرة أخرى ، وللمرة الثانية أصبحت بين قرارين صعبين ،فإكمالي بالعلاج يمكن أن يشوه طفلي ،وتوقفي عنه قد يؤثر على وضعي الصحي... ولكن بعد استشارة الطبيبة النسائية ولأن مشاعر الأمومة طغت على كل شيء قررت أن أكمل حملي بعد أن أوقفت العلاج الهرموني ".

وتتابع:"مرت الشهور بطيئة يشوبها الترقب والقلق ،إلى أن جاءت اللحظة التي أشرقت فيها "شمس" جديدة حياتي، فقد أطلت طفلتي الصغيرة من رحم أنهكه المرض والعلاج، لكنها أتت بصحة جيدة ووجه مضيء لتنير دروبي من جديد".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :