إن الاختلاف في قانون العقلاء لايعد خلافا، فإذا اختلفت مع خصمك فجادله باحترام، وإذا اختلف معك لا تنتقص من قدره بل اسمع له بود، فعندما تمر الأيام ونكتشف أن الحياة قصيرة وتمر سريعًا، ندرك أننا اليوم أفضل من البارحة ونأمل أننا غداً سنكون أفضل من اليوم، فلا داع لتعكير مزاجنا بأمور تقصر من أعمارنا وتقودنا إلى الشيخوخة المبكرة! فلنجعل من وجود الأعداء في حياتنا نعمة، لأنهم هم من يدفعوننا لنحافظ على نجاحنا، ولأننا نعلم أن هناك من يترقبنا دومًا فنحاول أن نحمي أنفسنا من الزّلات والفشل، وانك عندما تسامح عدوك مرات فإنك تغضبه أكثر وتجعله يشعر بالنقص في داخله فلا شيء سيزعجه أكثر من مسامحته والصفح عنه.

يقول طلال أبوغزالة: وجود الكثير من الأعداء والمنافسين والخصوم والحاسدين وأنت في رحلة طريقك إلى النجاح أمر صحي. بل أن وجودهم في حياتنا هو أحد عوامل النجاح، علينا أن نعتبر من يتربص بنا ويتمنى فشلنا مساعداً لنجاحنا ودافعاً لإنجازاتنا. وقد صدق من قال: إن لم تجد لك حاقد فأعلم أنك إنسان فاشل. إذا أضعت وقتك في الرد على كل من ينتقدك، لن تجد الوقت لتحقيق رسالتك. ويقول الصينيون سامح أعداءك ولكن لا تنسهم. أي أن وجودهم في ذاكرتنا ومتابعتهم لنا يجعلنا أكثر حرصًا على تجنب الأخطاء ويحثنا على النجاح منعًا لشماتتهم.

و في كتابه "شكرًا أيها الأعداء" يقول سلمان العودة: شكرًا أيها الأعداء فأنتم من درَّبنا على الصبر والاحتمال، ومقابلة السيئة بالحسنة، والإعراض وكم أنا مدين لأقلام طريرة كحد السيف؛ علمتني كيف أمضي في طريقي مبتسمًا هادئًا.

فلا يوجد أقوى من صوت الحق وصوت النجاح، فلتعش حياتك رغم وجود الأعداء محلقًا كالنسر ولا تسامح مِن ضعف بل انتظر حتى تقوى وتصبح أشد وأصلب وانتصر على أعدائك بالمسامحة. ولاتخف فأنت من يستحق البقاء لأن الإرادة والمسامحة والترفع عن الإساءة كبرياء. وإذا ضحكت فلتضحك بصوت مرتفع ودائمًا أعط خصمك عشرات الفرص لأجل السلام. وإذا شعرت أنك بحاجة لأحد فلا تلجأ إلا إلى الله تعالى.

فحين يلجأ المظلوم إلى محكمة الدنيا ليحصل على العدل يكون قد استنفد كل الحلول للوصول إلى حقه، فستجير مرتميًا بحضن القضاء عله ينتصر له وينصفه، وكذلك هم الأعداء فحين يستنفذون كل الطرق للإيقاع بك فهم يلجؤون إليك مستجيرون بحضنك الدافئ لاحتوائهم وطلب الصفح، فهنا تكون قد سامحت أعداءك وغفرت لهم بوقت قوّتك ولكنك عرفتهم جميعا، فسامحهم ولكن لا تنس أسماءهم.