منذ أن بدأت منظومة القمّة العربية بالإنعقاد، إلى يوم 28/3/2010 الذي شهد انتهاء أعمال القمة الثانية والعشرين التي عُقدت في سِرت بليبيا، لم يتغيّر شيء أبداً، وكل ما تغيّر فعلياً، وفقط، هو أن مسؤولين عرب جدد قد جاءوا، وآخرين قد ذهبوا. أما أكثر من ذلك فلم نقرأ أي اختلاف بين البيانات الأولى وبين ما صدر عشيّة البارحة. نفس النصوص، وحتى الفواصل وُضعت في أماكنها، ونفس النقاط وُضعت في أواخر نفس الأسطر. وأخالني أستمع إلى عبد الرحمن عزام، ولمن لا يعرفه فهو أول أمين عام لجامعة الدول العربية. حتى نصوص القرارات هي هي، تبدأ بجملة "أقرّت القمّة" وتنتهي بلا شيء.

فقط أريد أن أسأل، كمواطن عربي عادي، وأنا في الواقع لا أتجاوز ذلك، هل يمكن أن تقول لنا مؤسسة القمّة ماذا أنجزت؟ وماذا قدمت؟ الصراعات توسعت والاختلافات تعمّقت والاصطفافات أصبحت مرعبة بعد أن تجاوزت حد المعقول واللامعقول، وإسرائيل لا تزال تكبر وتتجاوز حدودها، وكثير من دولنا العربية قد أضافت "مداميك" جديدة لتعلّي جدران حدودها العازلة بين بعضها البعض. وكلما اجتمعت قمّة قدّمت لنا إسرائيل مزيداً من الاعتداء والاستهتار والاستهزاء، والعجيب أن كثيراً من هذه قد جاءت مُصاحبة لكل مؤتمر قمة.

في مؤتمره الصحفي الذي عقده الأستاذ عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية، الذي فعلاً لا يحسد على ما يعانيه، بعد انتهاء لمؤتمر، قال كلاماً يجعل المواطن العربي ينقلب على قفاه من الضحك. قال بعد تمجيده للقمة،وهذا ما يفعله عادة بعد كل اجتماع قمة، إن هناك حِراكاً قريباً سيبدأ وربما خلال أشهر قليلة، يهدف إلى دراسة إمكانية قيام اتحاد عربي، أو وحدة عربية، وما أن أتمّ جملته حتى تخيلّت أن "عبدالرحمن عزام" قد أخذ الميكرفون، وراح ينادي بملء صوته على أحد يوقف عمر موسى عند حدّه.

استحلفكم بالله قولوا لي، لو أن أعقل الناس وأكثرهم دهاءً، وأطهرهم وطنية، وأسماهم قومية، حمل يافطة مكتوب عليها "تحيا الوحدة العربية"، ماذا سيلاقي من استهزاء واستهجان، ربما من اندفاع الأطباء النفسيين ليلبسوه ال "روب" الأبيض بالمقلوب، وليقتادوه إلى أوّل مستشفى أمراض عقلية، لمعالجته من اللوثة التي أصابته.

الدعوة إلى الوحدة العربية أو إلى الاتحاد العربي، يا سيد عمرو موسى، أصبحتا ضرباً من الجنون، ولوثة عقلية لا يمكن السكوت عنها.

وبعد، فنحن لا نزال نسمع تصريحات عبدالرحمن عزام التي زادت عن حدّها حتى أصبحنا نختصر الخبر ونقول "صرّح عز" أي صرعز" أي صرّح عبد الرحمن عزّام.