دعم القمة والطريق إلى بيت المقدس .. أ.د. ناجي معلا
04-04-2010 12:25 AM
انعقدت الدورة الثانية والعشرون للقمة العربية في مدينة سرت التاريخية بليبيا تحت شعار " دعم صمود القدس " ومدينة سرت هذه قد شدت منها الرحال لتحرير بلاد المغرب . وقد كان من أبرز قرارات هذه القمة ، رصد مبلغ 500 مليون دولارا لدعم صندوق القدس . والحقيقة ، أن هذا قرارا رائع في شكله ومضمونه ،ويدعم مشاعر كل العرب والمقدسيين بالذات ويعززهويتهم ويزيدهم تمسكا ببيت المقدس. ولكن السؤال هو، هل ستأخذ هذه الأموال طريقها إلى القدس؟ وكيف؟ ومتى ؟ أن الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب نظرة تحليلية متأملة إلى الواقع الذي تعيشه المدينة وأهلها .
أن دعم صمود القدس والمقدسيين يحتاج والى حزمة من الإجراءات السريعة والفاعلة التي يجب أن توازي على الأقل تلك التي تقوم بها إسرائيل من جانب واحد أن لم تفوقها في أحداث الآثار المرجوة .فكيف ستسهم الأموال في دعم هذه الحزمة من الإجراءات العربية؟هذا أن وصلت .في أعتقادي أن ذلك يتطلب خططا مدروسة مع وجود نموذج تطبيقي متكامل لتحويل هذه الخطط إلى واقع حياتي ملموس في المدينة . فهل طور العرب الإستراتيجية التي يمكن أن تترجم في شكل برامج عمل فاعلة تتحول من خلالها معاناة المقدسيين إلى الأمل الذي يريده لهم الحلم العربي. من وجهة نظري الشخصية ، الأمر يحتاج الى أكثر من رصد الأموال أذا أردنا لهذا الدعم أن يأخذ مفهومه المدرك .
في الواقع ، أنني لا أملك المعرفة بالكيفيات والآليات التي سيتم بواسطتها إيصال الدعم وتحويله إلى واقع حياتي جديد ترنو إليه عيون أهل القدس ويستطيعوا فيه أن يتنفسوا الصعداء. فإذا كان قرار تحديد من يدخل القد س ، وكم من الوقت يقضي فيها بيد سلطة الاحتلال الإسرائيلي كما هو بيدها تحديد من يصل إلى مساجدها وكنائسها ويفوز بالصلاة فيها. وإذا كان بناء كنيس الخراب قد تم في ظل جدار من الصمت العربي غيرالقادر إلا على مسيرات الشجب والاستنكار التي مجها الحس العربي، والتي لا يقو الذين تهفو قلوبهم وتتطلع أفئدتهم صوب بيت المقدس سوى القيام بها .وإذا كان أسفل القدس قد تحول إلى شبكة من الأنفاق التي لا يعرف مداها واتجاهاتها إلا من قام بتصميمها وحفرها. وإذا كان بناء منزل في القدس بلا ترخيص من سلطات الاحتلال أو بدون الموافقة على موقعه من جانبها يوفر مبررات هدمه من قبلها .فكيف سيواجه دعم القمة كل ذلك ؟
أن التجربة العربية تشير إلى أن هذا الدعم سيواجه بحزمة من السياسات والإجراءات الإسرائيلية التي من شأنها أن تعيق جهود تحقيق حلم أهل القدس في دعم صمودهم إن هذه السياسات والإجراءات ستحول تلك الجهود إلى عمليات روتينية بطيئة تقتضي جولات وجولات من الحوار والتفاوض للوصول إلى حلول بشأن فتح الطريق امام دعم القمة للوصول إلى بيت المقدس. ما الذي ستفعله الأموال أذن! هل ستبني أحياء سكنية حديثة لكل الذين قد هدمت بيوتهم؟ هل ستبني مدارس إضافية لتعليم أبناء وبنات القدس لتحفظ هويتهم العلمية والتراثية ؟ هل ستمنع تلك الأموال تحويل طاقات المقدسين اللازمة لتطوير حياتهم ودعم صمود مدينتهم إلى طاقات عمل تحرك المصانع والمزارع الاسرائيلية؟
أن ما أخشاه هو أن يتحول قرار الدعم إلى قرار مع وقف التنفيذ .أو أن يصل الدعم إلى طريق مسدود بألف حاجز وجدار. لندرك حينها أن القدس مثل غزة تحت الحصار ثم تخرج نداءات المقدسيين مرة أخرى لفك الحصار .أن القدس في غرفة العناية المركزة التي تحتاج إلى عمليات إسعاف سريعة قبل أن يقتضي الأمر جدلا وحوار حول إمكانيات الموت الرحيم . ويبقى الدعم وراء الحدود. والصمود بأرض الجدود. فربما تعود. لتصبح الظروف قد نضجت لعقد جولة جديدة من التفاوض للبحث عن أفضل السبل للوصول إلى بيت المقدس.والله أعلم.