facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجريمة الإلكترونية في دائرة الضوء


ليندا عماد عواد
17-12-2020 01:54 PM

مما لا شك فيه ان الجريمة الالكترونية تعد من أبرز وأخطر التحديات الأمنية التي يواجها عالم اليوم سواء كان ذلك على الصعيد الوطني او الإقليمي او الدولي. فبالرغم مما يشهده العالم بشكل مستمر من تطورات هائلة في مجال التكنولوجية المعلوماتية التي حققت طفرة نوعية ملحوظة في التقدم والتطور في شتي الميادين، عن طريق تحسين الأداء وتحقيق الراحة والرفاهية في مختلف القطاعات والمجالات بالإضافة الي سرعة وسهولة التواصل مع الاخرين في جميع انحاء العالم عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة التي يطلق عليها السوشيال ميديا، سرعان ما برز الجانب المظلم لهذا التقدم والذي أخذ شكل ارتكاب جرائم تتسم بالحداثة وكونها فريدة من نوعها، يتم تصنيفها تحت مسمي الجريمة الالكترونية أو كما يطلق عليها البعض جريمة للإنترنيت.

في واقع الأمر، اتخذت هذه الجريمة من الفضاء الافتراضي مسرحاً لعملها، ومن وسائل التواصل الاجتماعي أداة لتصيد ضحاياها لارتكاب جرائم متعدد الصور والأشكال. فقد فتحت وسائل التواصل الحديثة الباب على مصراعيه امام الأشخاص، بل والجماعات، ذات الميول الاجرامية لتصيد الضحايا في سياق عالم افتراضي غير ملموس يبعد عن الواقع كل البعد، لارتكاب جرائمهم واشباع غرائزهم الشريرة لنجد أنفسنا امام صنوف شتي من الجرائم التي اضحت تشكل خطراً على درجة عالية من التعقيد نظراً لما تطرحه من تحديات جسيمه ليس فقط على الفرد ولكن أيضا على المجتمع؛ حيث أنه يصعب اثبات تلك الجرائم في حال وقوعها اذ ان المجرم لا يترك وراءه أي اثر مادي خارجي ملموس يمكن فحصه مما يعقد إجراءات اكتشاف الجريمة والتحقيقات الهادفة إلى التعرف على الجاني، على عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للجرائم التقليدية التي عادة تكشف التحقيقات عن وجود دلائل أو قرائن أو شهادات تسهل التوصل إلى الجاني الحقيقي. ومن جانب آخر، لم يقتصر استهداف هذا النوع المستحدث من الجرائم على الأشخاص بل امتد ليشمل المؤسسات، الخاصة والعام، متخفياً في طيات شبكة إليكترونية لا نهاية لها، مما يجعله في منأى – إلى حد كبير – عن ملاحقة أجهزة الأمن المثقلة أصلاً بالأعباء والمتابعات التقليدية، والتي
تمس أمن الأفراد والمجتمع.

على الرغم من أننا عاصرنا هذا النوع من الجرائم منذ فترة، إلا أنه لابد من الإشارة إلى وجود علاقة طردية بين درجة التقدم التكنولوجي في مجال الاتصالات من جانب وتطور وتعقد هذا النوع من الجرائم من جانب آخر، في وقت تسعي فيه الدول جاهدة إلى سد الثغرات القانونية التي ينفذ منها مرتكبي هذه الجرائم.

جاء الحكم القضائي الصادر مؤخراً في اليابان بتطبيق عقوبة الإعدام على مواطن تم وصفه إعلاميا بــ "سفاح توتير" ليُسلط الضوء مجدداً على خطورة هذا النوع من الجرائم. وتتلخص وقائع القضية في قيام الشرطة اليابانية، عام 2017، بإلقاء القبض على مواطن ياباني اعتراف خلال التحقيقات معه باستغلال وسائل التواصل الاجتماعي " توتير" للتواصل مع نساء سيطرت عليهن الرغبة في الانتحار، ومن ثم قيامه بارتكاب جرائم قتل متتالية طغي عليها الطابع البشع، وعلى حين قدم الجاني نفسه على أنه يساعد ضحاياه على تحقيق رغباتهم في الموت بل وادعي أنه سيفارق الحياة معهم، إلا أنه قام بتحول مسكنه الذي استدرج ضحاياه إليه إلى منزل رعب على حد وصف الصحف اليابانية؛ حيث عثر المحققون فيه على تسعة رؤوس مقطوعة إضافة إلى أشلاء ممزقة مخبئة في ثلاجات و صناديق!

بالنظر إلى أن هذه القضية، وهي ليست الوحيدة، تتأكد مقولة أن التقدم الهائل الذي وفرته ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلوماتية حمل معه، دون أدني شك، الكثير من الإيجابيات التي كان من شأنها أن أصبح العالم قرية صغيرة متواصلة الاجناس والاطياف التي يسهل التواصل بينها بشكل فوري دون حدود. في المقابل، تمكنت نزعة الشر الموجودة لدي الإنسان،و التي لازمته منذ القدم، من الاستفادة بدورها من هذا التطور التكنولوجي الذي وفر لها ارضاً خصبة لارتكاب سلوكيات إجرامية بات يطلق عليها الجريمة الالكترونية.

مما لا شك فيه أن من شأن هذا النموذج المستحدث للجريمة أن يدق جرس الإنذار لدي المجتمع والاسرة والشباب ومؤسسات المجتمع المدني، لحثهم على القيام بالتوعية اللازمة للوقاية من هذا الخطر الجديد وذلك في إطار استراتيجيات واضحة وفعالة لمواجهة هذا العدو اللدود الخفي الذي يفرز سمومه القاتلة في ساحة الانترنيت المترامية. وفي هذا الإطار توجد الأسرة في خط الدفاع الأول لما لها من دور جوهري في عملية المتابعة للأطفال بشكل عام والمراهقين بشكل خاص عن طريق الحوار الهادئ لتوضيح مدي مخاطر إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وما قد يسفر عنه ذلك من تبعات سلبية قد توقع بهم في شباك عنكبوت لا رحمه لها.

على مستوى المواجهة، أصبح من المحتم تنمية خبرات رجال الشرطة وتعميق تخصصهم في الجرائم الالكترونية من خلال التدريب المكثف لثقل مهاراتهم وقدراتهم على الكشف عن تلك الجرائم، والمتابعة الدورية للحسابات التي تثير الشكوك او تقوم بأنشطة غير مألوفة. بالإضافة الي ذلك لا بد من تحديث القوانين في كافة دول العالم لتتمكن من مواكبة هذا التطور السريع في مجال الجريمة في صورتها الجديدة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :