facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في اللغة


د. يوسف عبدالله الجوارنة
20-12-2020 01:06 PM

مَنْ يَنْعى الميِّت؟

ثمَّة فرقٌ بين "النَّعْي والنَّعِيّ" و"التَّعزية" في علاقاتِ النّاس الاجتماعيَّة، ذلك أنَّ النَّعْي/ النَّعِيّ، هو الإخبار بالموت تأسُّفًا وحزنًا على المتوفَّى، لا تفاخرًا وذكرَ أمجاد، ليَعلم النَّاسُ بموته، فيأتوا للصَّلاة عليه. والذي يَنْعَى عادة هم أهل المتوفَّى: الوالد، أو الزَّوج، أو الابن الأكبر، أو أحد الإخوة، أو مَنْ يَنوبُ عنهم، أو مُنْشأةٌ كان يَعْملُ فيها، أو حزبٌ، أو جماعةٌ، أو طريقة، منتمٍ إليها المتوفَّى...الخ؛ فإذا ما نَعى النّاعي شاعَ الخبرُ وعَلمَ النَّاس.

أمَّا التَّعزية، فهي المُواساةُ لأهلِ المتوفَّى، لتخفيفِ مُصابِهم، وتَسْليتهم، وتَصْبيرهم. والذي يُعزّي هم الناسُ بعضُهم أو كلُّهم، يتوافدون إلى بيت العزاء، ويواسون أهل الميّت بألفاظٍ تُحقّق المقصود.

والذي أَلْحَظُه اليوم، مع كثرة عدد الأموات –رحمهم الله- في هذه السَّنة الكُورونيَّة، هو الفوضى العارمةُ في النّعْي؛ فكلُّ النّاس يتسابقون، وإنْ شئتَ يتراكضون عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ، إلى النَّعْي، قريبًا كان النَّاعي أو بعيدًا، ظنًّا منهم أنْ لا فَرْقَ بين المصطلحين (النَّعْي والتَّعزية)، وفي ذلك مخالفة لغويَّة بل عُرفيَّة، قد تثير حساسيّة تُجاه أهل المصاب؛ فقد يقول قائلهم: مَنْ أنت حتّى تَنْعى؟ مع أنَّ الناس يَتَرخَّصون في هذا المظهرِ بسببِ ما هم فيه من حُزنٍ وأَلَم.

رحم الله أمواتنا وأمواتَ المسلمين، وغفرَ لهم، وتقبَّلهم في الصّالحين، وأعظمَ أجرَ أهليهم، وأحسنَ عزاءَهم؛ فإنَّ لله ما أَخَذَ، وله ما أَعْطى، وكُلُّ شيءٍ عنده بأجلٍ مُسمَّى، فلتَصْبِروا، ولتحْتَسِبوا.

مَقبرة "شَدْحة":

لَمّا قال ابنُ فارسٍ في "المقاييس"، في الجذر اللغويّ (ش د ح): ليس بشيء، اعتمدَ على ما سبقه من معاجم، فقد جاءت مُهْملة في "العين" للخليل، و"الجمهرة" لابن دريد، و"التَّهذيب" للأزهريّ، وأهمله الجوهريّ في "الصّحاح"، حتى جاء الصّغانيّ في "التّكملة" وبَسَطَ القول فيه، وما قاله ثَمَّة نقله عنه ابن منظور في "اللسان"، والمَجْد في "القاموس"، والزّبيديّ في "التّاج"، وغُيّبت المادّة في "المعجم الوسيط"- مع أنَّ معانيها لا تَخْرج عن معنًى مُشتركٍ واحد، هو السَّعَة والفُسْحة.

والأصل (شَدَح) على وِزان (مَنَعَ) بمعنى: سَمِنَ، والإنسان إذا سَمِن ثَقُل، لذلك قالوا: انْشَدَحَ الرّجل انْشداحًا: استلقى وفَرَّج رِجْليه، مع أنَّ الشائع هو (انْسَدَحَ) بالسّين، وقد أشار إلى ذلك ابنُ فارس فقال في (انْشَدَحَ): ليس بشيء، والظّاهر خلافه؛ لأنّ الإبدال بين صوتي السّين والشّين بادٍ فيهما؛ قال ابنُ منظور: كَلَأ شادحٌ وسادحٌ، بالشّين والسّين، وهي بالشّين منقولة عن أبي عمرو بن العلاء، قال: "كَلَأ شادِحٌ: واسع".

ويقال: ناقة شَوْدَح، أي: طويلة على وجه الأرض، وقيل: بل هي السّريعة. ويقال: لك عن هذا الأمر مُشْتَدَح، ومُرْتَدح، ومُرْتَكح، ومُنْتَدح، ومُفْتَسح، وشُدْحَة، ورُدْحة، ورُكْحَة، ونُدْحة، وفُسْحة؛ أي: مَنْدوحة وسَعَة، والأشْدَح: الواسع من كلّ شيء.

وبما أنَّ الجذر من باب (فَعَل يَفْعَل/ مَنَع يَمْنَع) لا (فَعِل يَفْعَل)، فلعلَّ (الأشْدَح) اسم تفضيل مؤنَّثه (شُدْحى)، على مثال (أفضل وفُضْلى)، ويبدو أنَّ (شَدْحة) بفتح الشّين وسكون الدّال، متطوّرة صوتيًّا عن (شُدْحى)، إذِ انتقلت الصِّيغة لكثرة استعمالها إلى (شَدْحى)؛ باستبدال الفتحة لخفّتها بضمّة، فصارت عَلَمًا على كلّ ما فيه سَعة وفُسحة. والتَّاء المربوطة هي صِنوُ الألفِ المقصورةِ غيرِ المَنقوطة، وكلاهما علامةٌ على التأنيث.

شَدْحة: اسم حوض من أحواضِ بلدة عنبة (لواء المزار الشّماليّ)، يَتربّعُ على ربوةٍ واسعةٍ مُطلّةٍ ذاتِ هواءٍ عليل، متّصلة بالبلدة من الجهة الجنوبيَّة، ومَفْصولةٍ عن الأحواضِ من الثَّلاث الأخرى بأوديةٍ عميقة. وهي اليوم المقبرة العامَّة الثانية في البلدة. والنّطق الشائع لـ (شَدْحة) بين أبناء البلدة هو (شَتْحَة) بفتح الشين وسكون التاء، مع أنَّ الفضلاء في "جمعيَّة إكرام الموتى" فيها، يكتبون في إعلانات الوَفَيَات (شَدْحة). ولا يَخفى ما في (شَتْحَة) الشائع من سهولة، لعلَّة إبدال التاء بالدّال، والتاء هي النّظير المهموس للدّال، والصّوتُ المهموس لا يحتاجُ جهدًا عضليًّا في النّطق حاجةَ الصّوت المجهور.

وقد أعلمني صديقي الدُّكتور علاء الشدوح أنَّ هذا الاسم يرجعُ إلى جدّهم فارس الشّدحة، وقد سكن المكانَ نفسه، قبل انتقال مجموعةٍ من أبناء عشيرة الشدوح المحترمين إلى بلدة "بيت يافا"، الواقعة غرب مدينة إربد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :