facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في سيرة الدولة الأردنية وبداياتها


محمد يونس العبادي
01-01-2021 06:36 PM

انتفض الشريف الحسين بن علي، معلناً النهضة العربية من مكة معبراً عن وجدان العرب حاضرة وبادية في لحظةٍ تاريخيةٍ نشد فيها متنوروا العرب ومثقيفهم وشعوبهم قيادة تعبر عن هوية الأمة والحكم العربي بمعدني القيادة والشرعية.

حمل الشريف الحسين بن علي شعارات عدة طافت بغداد ودمشق وحلب وبيروت والقدس ومصر وغيرها من بلدان العرب، يعبر إحداها عن الوجدان المتقد آنذاك بقوله ((أيها العرب تحرروا واتحدوا)).

الثورة العربية لبت تطلعات النهضة، ومرت بمراحل اتقد فيها الشعور العربي، وبات هوية المرحلة آنذاك، ولكن الحليف خفر الذمة وأخلف المواثيق، وإذ بأرض العروبة تعج بالحواجز والحدود، وبدأت اتفاقيات الغدر تنشب أظفارها في التراب وبين الناس.

ومضى الحسين إلى جوار ربه راضيا مرضيا بعد أن حدد الغاية ومهد الطريق وقضى شهيدأ من أجل قضية الوحده العربية عامة وقضية فلسطين خاصة، وما زالت القدس قضية الشهادة والشاهدة على سيرته (طيب الله ثراه).

ولم يركن أركان البيت الهاشمي، وقادته، إلى صروف الدهر، إذ كان الملك المؤسس (الأمير آنذاك) عبدالله الأول عضيدأ لوالده في مشروعه النهضوي التحرري.

فالأمير، صاحب سيرة القيادة العسكرية في الثورة، ووزير الخارجية في الدولة الهاشمية الأولى، خبر صروف القيادة وأدوارها العسكرية والمدنية، فهو قائد الجيش الشرقي في الثورة، وهو صاحب حصار وفتح المدينة المنورة، ما أسهم في نجاح الرؤى المتوثبة التي وصلت خطاها إلى دمشق وحلب وأقاصي حواضر العرب.

ولمّا بانت مطامع الانتدابين الفرنسي والإنجليزي، وقارب الزمان الخالص بعروبته على النفاد، كان لا بد من عودة أخرى، تطلع فيها العرب بعد ميسلون إلى البيت الهاشمي، فعند كل خطب كانت أعناق العرب تشرأب إليهم.

أهل الإخلاص من المشتغلين في القضية العربية في سوريا، أرسلوا وثائق ورسائل تطلب إلى الشريف الحسين بن علي، من ينوب عن الملك فيصل من الشخصيات الملكية في البيت الهاشمي.

وصل الأمير عبدالله بن الحسين معان في 21 تشرين الثاني 1920م، ويروي في مذكراته طيب الله ثراه، عن تلك الفترة إخلاص العرب إلى مشروعه التحرري: "استقبلني أهل معان وباديتها بكل محبة وحماس, ووجدت هناك الأمير غالب الشعلان، وكان في ما يقود فرقة الهجانة العثمانية في المدينة المنورة، ولطالما اصطدمت قواته بالمفارز العربية الهاشمية ثم ترك المدينة الى تركيا، وعاد وثبت إخلاصه، وترقى إلى أن صار في رتبة أمير لواء في الجيش العربي- رحمة الله-".

ويمضي في ذكر العديد ممن رافقوه بالتأسيس، قائلاً: "ووجدت هناك الرئيس عبدالقادر الجندي والرئيس محمد علي العجلوني وخلف بك التل وغيرهم".

وكتب الأمير عبدالله إلى النواحي بصفته نائب ملك سوريا ودعا أعضاء المؤتمر السوري وضباط الجيش السوري، وهم النخبة العربية الفاعلة والناشئة إلى القدوم إلى معان، وما لبث بتنظيم الأمور استعداداً لاستكمال مشروع العرب الأول.

وفي يوم الاثنين 28 شباط 1921م، غادر معان في القطار إلى عمان وقبل تحرك القطار من محطة معان ألقى بمودعيه كلمة، قال فيها: "إنني لا أود ان أرى بينكم من يعتزي الى إقليمه الجغرافي بل أود أن أرى كلا منكم ينتسب إلى الجزيرة العربية كلها.. "، والجزيرة أصل العرب كافة.؟

ومع صبيحة يوم الأربعاء الموافق 2 أذار 1921م، وصل إلى عمّان قبل الظهر، وفي ضحا اليوم التالي تجمع القوم مهللين ومرحبين، فقال فيهم: "ترحيبكم بنا واجتماعكم علينا أمر لا يستغرب، فأنتم لنا، ونحن لكم، وإنني لم أغفل كلمة مما جاء به خطباؤكم فوطنيتكم أمر لا يخفى وضالتكم المنشودة هي حقكم الذي تطلبون، وإذا جاء الوقت لاستعمال ما تستعمله الأمم من القوة ووجددنا أنفسنا ضعفاء في العدد وفي العدة, فلن يضيرنا أن نموت في سبيل شرف الوطن والأمة، فأنا لا أريد منكم إلّا السمع والطاعة، وما جاء بي إلى هنا إلّا حميتي وما تحمله والدي من العبء الثقيل, ولو كان لي سبعون نفسا بذلتها في سبيل الأمة, لما عددت نفسي أني فعلت شيئاً".

هكذا ولد الأردن، متجاوزاً كل صعاب الوحدة العربية، ومتطلعاً إلى إنهاء مرحلة الانكسار الحاد التي خلفتها معركة ميسلون، ولم يكن الدرب آنذاك سهلاً، فما بين معان وعمان، كانت مشاق السفر، ومشاق جمع كلمة الناس وتجاوز ما في النفوس من انكسارٍ، كما أن القيام بعبء النيابة عن ملك سوريا كان مهمة تتطلع إلى إكمال المشروع النهضوي الأول.

وما بين معان وعمّان، بايعت القبائل والعشائر الأردنية وأحرار العرب الأمير عبدالله بن الحسين، ليمضي إلى تأسيس مشروع عروبي ولد في تربة خالصة العروبة، إذ تسامى الأمير بدءاً من معان إلى آخر الرمثا عن أيّ عوائق، وإن أراد الاستعمار الأردن موطأ قدمٍ للتمدد، فقد جاء المشروع النهضوي الهاشمي، ليؤسس هنا مفردات العروبة والوحدة، ويعكس تياراً جارفاً شكله تحالف فرنسا وبريطانيا وحاول أن ينال من حلم العروبة وما حققه العرب من صرحٍ خلال سنوات النهضة.

وكان خطاب الملك المؤسس ينزع إلى تأصيل النفوس وتربيتها على البذل لأممها وشعوبها، بقوله: "يا قوم أن حياة الفرد قصيرة وإن حياة الأمم طويلة".

وظهرت حكمته عندما كان يخاطب من رافقه وجاء إليه من أحرار العرب، بخطاب الشرعية الراسخة، التي آلفت بين الشعوب ولبت احتياجاتهم ومطالبهم.

وأمام قوتين انتدابيتين هما فرنسا وبريطانيا، وسعيهما إلى النيل من الشعور العربي، آمن الملك المؤسس بأنه يجب أن يكون هناك وطنٌ للعرب. وبعد زيارةٍ لبريطانيا انتهت في أوائل كانون الثاني عام 1923م, بدأت ملامح الدولة تتضح، بقوله: "هنا أعلن بلسان الصراحة تأكيد عزمي السابق من جعل هذه البلاد بلاد دعة أمان .. ترتاح لحسن إدارتها أقطار محبيها خالية من وجود شكاوى قاطنيها ومجاوريها ..".

هي الرؤية التي أثبتت أن مؤسس هذه الدولة أرادها أن تكون دولةً آمنة, تدار بالقانون تحترم الإنسان, و تنزع للعروبة, هذه الروح التي بثها فيها مؤسسها هي من مرتكزاتٍ باتت جزءاً من خطاب الدولة, التي أعلنت في 25 أيار 1923م فاستقلت وأصبح مجلس الوكلاء هو بمثابة مجلس الوزراء ليتحول بعدها بقليل إلى مجلس للنظار ..

وبحكمته (طيب الله ثراه) تغلب على مشيئة الإنتداب واللوردات بتأسيس الأردن، وخلال مرحلة الانتداب ورغم أن القيود ازدادت رسوخاً, إلا أنه رأى في هذه الدولة رصيداً عروبياً، فقد بذل الملك المؤسس لأجل أن يبقى وجه الإمارة الناشئة عروبياً، وهذا المبدأ صان الدولة وصانه رجالها رغم كل الصعاب.

فالملك المؤسس آمن أنّ اسباب ظهور الأمم واعتلائها هو الإيمان والجماعة والأمانة في الرئاسة، ورأى في أسباب التدني أنها التفرقة واختلاف العقيدة والحسد والتدابر .

واليوم، ونحن نحتفي بمئوية الدولة الأردنية الهاشمية الشريفة ندرك كم كانت الظروف على عللها ليست بيسيرة، وأن المشروع اشتد ساعده بالحكمة والتعقل.

وتروي البدايات كيف صان الملك المؤسس الوطن في بداياته إذ أراد الانتداب الفرنسي في الشمال الانتقام إثر دعم الإمارة الأردنية الثورة السورية، وأرادها الملك المؤسس سوريا موحدة، مؤمناً بأنها لا تستطيع أن تعيش مجزوءة.

ومثلت فلسطين فصلاً آخر من فصول حياة الملك المؤسس، إذ ترك ضياعها في نفسه ألماً عبر عنه بذله لأجلها، ولأجل حاضرتها القدس الشريف، فسعى إلى صونها بحراب الجيش العربي ودم شهداءه على تراب فلسطين، ونجاحه في صون المناطق التي كلف بحمايتها.
فالملك المؤسس طيب الله ثراه، سجل سوابق غير معهودة في زمانٍ عربيٍ صعب، إذ تمكن من استثناء الأردن من وعد بلفور، وجمع أحرار العرب بعد تشتتهم إثر ميسلون، وقدم مشروع سوريا الموحدة في جرأة خلال الحرب العالمية الثانية واضعاً مطالب العرب على الطاولة الدولية مرة أخرى، وحقق أول انتصار عربيٍ على الحركة الصهيونية.

واليوم، نمضي إلى مائة من السنين، متأملين بدايات وخطا سيرة مؤسس الأردن فهو الأمير الواثق بعروبته والملك المؤسس للأردن والشيخ الجليل الذي صان فلسطين واستشهد على عتبات قدسها.

فالدولة في وجدان شعبها صانت مبادئها، وحمت حراب جيشها أقدس ثرىً، وهي تطوي قرناً وتستقبل زماناً قادماً تصونها شرعية النسب ومشروعية القيادة والمشروع بقيادة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم (حفظه الله ورعاه).





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :