facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عن مسببات تخلفنا في مجتمعاتنا


د. رجائي حرب
03-02-2021 04:24 PM

عندما تكون إنساناً مؤمناً بقيمة وجوده، وبأنك جُرْمٌ له قيمته ومطويٌ فيك كل هذا الكون، وتسعى في مسيرة حياتك نحو مساعدة أخيك الانسان ونشر الخير والمحبة في كل من تقابله في مشوار الحياة؛ تشعر بأنك ملزمٌ في واجبك الانساني الذي خلقك الله من أجله، وأنك لا بد وأن تساهم في زراعة الأمل في نفوس الآخرين، وأن من واجبك أن تسلط الضوء على بعض النقاط التي تجاهلها الآخرون؛ إما لنقصٍ في أوقاتهم أو لانشغالهم عنها بتوفير ضروريات الحياة، أو لأنهم لم يتعلموها من والديهم في بيوتهم بسبب الضعف في مؤهلاتهم الثقافية أو الدينية.

وبالتالي، وفي خضم بحثي الدائم عن مسببات تخلفنا في مجتمعاتنا، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، أجد أن مجتمعاتنا ودولنا قد أعماها الله سبحانه بشرور أعمالها وأفعالها، حتى غدونا غثاء كغثاء السيل لا نفيد ولا نستفيد رغم أعداد الملايين التي بلغناها،
وإلا فكيف منَّ الله علينا بهذا الدين الذي هو طريق حياةٍ ناجح وطريق آخرةٍ فالح وقد انحرفنا وتهنا في صحاري العبث ودخلنا سنوات التيه بعدما كانت هذه الأمة هي منارة العلم والتقدم؟؛ كيف انحرفت بوصلتنا ولم نعد نعرف الطريق ولا إلى أين المسير؟، كيف أصبحنا أراذل الخلق يقتل بعضنا بعضاً، ولا تأخذنا فيما بيننا إلاً ولا ذمة؟، وكيف انتشر كل هذا التباغض وكل هذه الكراهية والتشكيك والحقد فيما بيننا حتى غدت كل دولةً من دولنا تتآمر على أختها وتفيض بالأموال لتخريب الدولة الأخرى؟، وكيف نسينا الله وابتعدنا عنه حتى عاقبنا بشر أفعالنا وأنسانا أنفسنا؟، وماذا ننتظر من الله بعد كل هذا الجفاء؟، ومتى نصحو؟ ومتى نستيقظ؟ ومتى نعود إلى رشدنا لنستشعر بقيمة هذا الدين الذي أنزله الله للناس كافة ليشكل الدافع والتقدم لدورة التحضر والتقدم الجديدة والتي سادت في كل بقاع العالم في حقبٍ مختلفةٍ من ماضي الأيام؟

لقد استمعت قبل يومين لمقطع فيديو لبروفيسور أمريكي ومُنَظِّر في السياسة الخارجية الأمريكية وله برنامج مشهور يعرض مساء كل يوم أحد على معظم القنوات الأمريكية المحلية وهو يتكلم عن مستقبل العالم ومن الذي سيحكمه في قادم الأيام، وقالها بصراحةٍ متناهية بأن النتيجة ستكون محسومةً لمصلحة الاسلام الذي يمتلك في جوهره الإيمان الحقيقي الذي يشكل المحرك الأساسي لحركة الإنسان والأمم والحضارات.

وكان قد عقد مقارنة بين روسيا والصين وأوروبا والعالم الاسلامي، وأخرج كلياً الولايات المتحدة الأمريكية من المنافسة لأن هذه الدولة لا تملك إلا الاقتصاد ومن خلال رجال المال مثل الملياردير جورج سورس والذي يقود العالم بشهواته وحب السيطرة ولا يقوده بعمق الايمان بحقيقة البقاء والاستمرار ومرضاة الله.

عندما يراجع الواحد منا هذا الضعف في حركة مجتمعاتنا وهذا التخلف في أدائنا على المستوى الشخصي وعلى المستوى العام يكاد يبكي من حالة الاحباط التي وصلنا إليها ونحن نتسابق إلى إرضاء الدولة الفلانية ونستميل الدولة العلانية وتهون علينا أنفسنا عندما نتشبث بأذيال الأمم ولدينا مقومات الانطلاق وعلى رأسها كتاب الله سبحانه القرآن الكريم.

ونفكر في كل شيء ونستعرض كل الحلول ولا يخطر في بال دولنا ولا أنظمتنا السياسية ولا قياداتنا أن تبحث عن الحل الناجع في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من أي زاويةٍ من زواياه.

وننسى الحقيقة الكبرى التي لا يجهلها العالم ولا الجاهل في هذه الأمة ونسأل أنفسنا: لماذا ما زال هذا القرآن منذ ألفٍ وأربعماية عام ويزيد ولم يتغير ولم يتبدل ولم يأتيه العيب أو النقص أو الجمود أو الفشل؟ لماذا ما زال هذا القرآن هو الدستور الأمثل لكل من أراد الوصول الآمن لكل ما يريد؟ ولماذا ما زال هذا القرآن ولَّاداً للحلول والأفكار والمعاني ولم يقف عند نقطةٍ يظهر فيها عيبٌ أو تظهر فيها رزيةً تشكل عيباً فيه؟ لماذا نذهب لكل الدول للبحث عن حلول لمشكلاتنا المتعاظمة ولا ننكفيء على القرآن لنحصل من خلاله على المدد الإلهي الظاهر والخفي؟ ومن هي الجهات التي تمنعنا من التمتع بعظمة هذا الكتاب الإلهي لنعرج من خلاله في معارج الروح ونصل إلى ما وصل إليه أسلافنا؟

لقد أنزل الله سبحانه القرآن الكريم وجعله كتاباً مسطوراً لنستعمله في عباداتنا وتشريعاتنا من صلاةٍ وزكاةٍ وصومٍ وحج، وليشكل دستوراً في تعاملنا مع الكون؛ وجعل فيه كتاباً منظوراً فيما خلف كلماته وفي باطن معانيه لنتفكر فيه ونتعرف على عظمة الكون الذي سخره الله سبحانه لخدمة الانسان الساعي لمرضاة الله، وليحدد علاقتنا مع إنسانيتنا وارتباطنا بأصلنا البشري ومحبة الآخرين والسعي لإفادتهم وتسهيل حياتهم وجبر خواطرهم ونشر المحبة بين الناس؛ ولتنظيم تعاملنا مع الآخرين من صدقٍ وأمانةٍ واحترامٍ ووفاءٍ بالعهود وغض البصر لمنع الحسد والغيبة والنميمة وحفظ الفروج وكف الأيدي عن أكل المال بالحرام، ولكننا تمسكنا بالقشور وتناسينا الجواهر الكامنة فيما بين السطور؛ وغدونا ملائكةً في مظاهرنا، شياطيناً في جواهرنا، ولن تفلح أمةً أصبح النفاق سمة حياتها.

لقد ملكت الحضارة الاسلامية العالم عندما فهمت القرآن المنظور وبنت حضارةً كان لا يضام فيها إنسان مهما كان دينه أو مذهبه أو معتقده؛ وقصص التاريخ تشهد على كل ذلك؛ ودليلنا في ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقول: (إضمنوا لي ست أضمن لكم الجنة: اصدقوا اذا حدثتم، وأدوا اذا أأتمنتم، وأوفوا إذا عاهدتم، وغضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم، وكفوا أيديكم) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. لأن هذه الأفعال الست تظهر نتيجتها على العبد فيراها الآخرون وتعجبهم ويحاولوا تقمصها وتقليدها فينتشر الخير بين الناس وتشكل سمة الشخص والمجتمع، وأحياناً كثيرةً يفعلها الواحد فيها ليتحدى نفسه الأمارة بالسوء وشيطانه مجاهرةً؛ أما صلاتك وصيامك وزكاتك وحجك فهي عبادات لا يعرف نواياك فيها إلا الله سبحانه ولا تفيد أحداً غيرك

فدعونا نعود إلى كتاب الله سبحانه وتعالى، ودعونا نبدأ ثورةً على شياطين أنفسنا وعلى طريقة حياتنا المنغمسة في شهوات الحياة وملذاتها وأن لا نبق مستسلمين لهواتفنا التي نقضي عليها ساعات طوال ونحن نراجع الرسائل التي وصلتنا من فلان وفلان وننسى الرسائل الكامنة في جوهر القرآن والتي بعثها الله سبحانه لنا منذ آلاف السنين والتي مضمونها (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) والتي تعطينا الحل لكل ما غم علينا عندما يقول (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) وراجعوا أنفسكم وحاسبوها وأعيدوا تقييم علاقاتكم؛ فكم من علاقة لا بد أن تنتهي لأنها تبعدنا عن الله وتمنع عنا رزقه وتوفيقه، عودوا إلى الله سبحانه قبل أن تأتي اللحظة التي سنغادر فيها هذه الحياة ونندم عندما لن يفيدنا الندم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :