facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اغتيال مكافحة الفساد


د. محمد بن طريف
07-02-2021 06:30 PM

شكل الفساد مساحة واسعة من اهتمام الاردنيين في العشرين سنة الاخيرة، وذلك بسبب ما يشكله هذا الفايروس اللعين الذي لا يجابهه لقاح إلا التشريعات الرصينة والمؤسسات المسلحة بأدوات المكافحة.

وهذا ما دفع الدولة الاردنية لإنشاء مؤسسات معنية بمكافحة هذا الوباء الخبيث الذي ينهش في جسد الادارة العامة ويدمر الاقتصاد الوطني. فقد كانت أولى هذه المؤسسات الرائدة مديرية مكافحة الفساد في دائرة المخابرات العامة والتي انشئت أواخر التسعينات من القرن المنصرم. ولا ينكر أحد دور تلك المؤسسة في ردع جماح الفاسدين آنذاك، وقد استمرت بوتيرة عالية الى أن انضم الاردن الى اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد والتي أنشئت بموجبها هيئة مكافحة الفساد امتثالا لاحكام تلك الاتفاقية، وقد كانت الهيئة آنذاك مؤسسة مستقلة ماليا واداريا ذات تشريعات مستقلة عن تشريعات الادارة العامة.

مما شكل إطارا قانونيا رائعا ومثالا يحتذى باستقلال هذه المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد حتى أن بعض الدول العربية استنسخت التجربة الاردنية لما حققته من تقدم ملحوظ في اعمالها الفنية واختصاصها النوعي، بيد أن هذا الوضع لم يدم طويلا حيث تم المساس باستقلالها الاداري من خلال إخضاعها لنظام الخدمة المدنية عام 2013 رغم الاصوات التي كانت تنادي بعدم المساس باستقلالها الاداري.

ولَم يتوقف الامر عند ذاك الحد بل أن التعديلات المتلاحقة على قانونها اخرجت بعض مظاهر المكافحة الموضوعية من اختصاص الهيئة مثل جرائم غسل الاموال اضافة الى اخراج بعض مظاهر المواجهة الجنائية الاحرائية ايضا كالمنع من السفر والحجز وطلب انتداب المدعين العامين الى جسم الهيئة ، مما شكل محددا ملحوظا في عمل الهيئة.

واليوم بعد أن وجه جلالة الملك الحكومة لدعم الهيئة بكافة المقومات الاساسية لتتمكن من القيام بعملها على أكمل وجه بعد المطالبات الشعبية بمكافحة جدية للفساد، نجد أن الحكومة دفعت بمشروع قانون معدل لقانون الهيئة لمجلس النواب يعزز استقلالها ويقوي أدواتها لنهش الفساد وكسر مجاديفه، الا أن هذا المشروع اصبح هدفا للقصف والتنمر، لاسباب لا يعلمها أحد، وهذا يجعلنا نقف على مواده بشيء من التحليل إن جاز لنا التعبير.

اولا: فيما يتعلق بالمادة ب/١من المشروع والتي تعطي المجلس الحق في اصدار قرار بالحجز او المنع من السفر، فهذا القرار ليس نهائيا أو باتا وذلك لانه صادر من الضابطة العدلية ومتوقف على اجازة النيابة العامة حيث أن الفقرة ب/٢ تقول أن القرار الصادر بالحجز او المنع من السفر يعتبر قرارا صادرا من المدعي العام وذلك لانه بموجب القانون رئيس الضابطة العدلية وفقا لمنطوق المادة ١٥ من قانون اصول المحاكمات الجزائية والتي تنص على " المدعي العام هو رئيس الضابطة العدلية.."، إضافة الى أن هذا الاختصاص معقود للمجلس بموجب المادة ٨/أ/٥ من قانون النزاهة ومكافحة الفساد النافذوالتي تنص " يتولى المجلس المهام والصلاحيات التالية .. اتخاذ القرارات اللازمة بخصوص الشكاوى والتظلمات المقدمة الى الهيئة بما في ذلك احالتها الى الجهات المختصة ".

ثانيا: اما الفقرة ه في المشروع والتي تنص على " للمجلس عند الضرورة اتخاذ قرار بالاحتفاظ بالمشتبه به لمدة لا تتجاوز ٤٨ ساعة ، فهذا اختصاص معقود هو الاخر للضابطة العدلية في المادة ١٠٠ /ب من قانون اصول المحاكمات الجزائية وما تم استحداثه زيادة المدة ٢٤ ساعة فقط لطبيعة التحقيق في جرائم الفساد ونظرية الاشتراك الجرمي فيها ، حيث تنص " يتوجب على موظف الضابطة العدلية..سماع اقوال المشتكى عليه فوز القاء القبض عليه وارساله خلال ٢٤ ساعة للمدعي العام المختص .."

ثالثا : اما بخصوص المادة الثالثة من المشروع والتي تتعلق بغسل الاموال ونشر المعلومات الكاذبة فقد اقرنها مشروع القانون بجرائم الفساد والتي تشكل الاختصاص النوعي للهيئة ، فمثلا قد تشكل المعلومات الكاذبة التي يتم نشرها من قبل البعض تمهيدا لارتكاب فعل الفساد ، فمثلا يتم نشر معلومات كاذبة عن بعض الاشخاص او المؤسسات التي بشكل وجودها عائقا امام اتمام افعال الفساد ، كذلك فيما يتعلق بجرم غسل الاموال ، فكثيرٌ منا شاهد ويشاهد ان تلك الجرائم لم ولن تتم لولا النفوذ الوظيفي او بشكل ادق السلطة العامة ، فجرائم الفساد وغسل الاموال بينها تلازم منقطع النظير.

والقول إن هناك تشريعات ومؤسسات معنية بغسل الاموال ولا يوجد داعٍ لجعل هذه الجريمة من اختصاص الهيئة النوعي، قول يجانب الصواب سيما وأن اعتبار جريمة غسل الاموال من جرائم الفساد يضفي عليها مواجهة جنائية شرسة من حيث الاحكام المستحدثة في قانون النزاهة ومكافحة الفساد ، ولا يوجد تعارض بين عمل وحدة غسل الاموال في البنك المركزي وبين عمل الضابطة العدلية في هيئة النزاهة، فمن الممكن أن تحيل الهيئة بعض القضايا للوحدة اذا ما واجهت خلال تحرياتها شبة غسل اموال والعكس صحيح فيما يخص الوحدة، فلما لا يكون العمل متكامل ويصب في مصلحة واحدة.

رابعا : أما فيما يتعلق بالمصالحة الواردة في المادة ٤ من مشروع القانون ، فلا اعلم لماذا أثير حولها هذا اللغط واعتبرها البعض اعتداءً على اختصاص القضاء ، فالنص الوارد في المشروع خص جرائم الفساد دون غيرها في المصالحة ، حيث أن بعض هذه الجرائم لم ينص عليها تشريع أخر كجريمة استغلال النفوذ والواسطة والمحسوبية والنمو غير الطبيعي للثروة وهدر المال العام ، وكل ما في الامر أن قانون الجرائم الاقتصادية تناول بعض جرائم الفساد ولا يوجد ما يمنع من أن يكون اكثر من جهة تقوم باجراءات المصالحة او الملاحقة ، فمثلا نجد أن المدعي العام في الطفيلة يلاحق مرتكب جرم الاختلاس وكذلك المدعي العام في هيئة النزاهة يقوم هو الاخر بملاحقة مرتكب جرم الاختلاس ، والمصالحة على المال العام لم تكن يوما حصرا للقضاء فنرى مثلا المادة 212 من قانون الجمارك تنص على "أ- للوزير أو من يفوضه عقد التسوية الصلحية في جرائم التهريب أو ما في حكمه سواء قبل إقامة الدعوى أو خلال النظر فيها وقبل اكتساب الحكم القضائي الصادر بالدعوى الدرجة القطعية وذلك مع جميع المسؤولين عن التهريب أو مع بعضهم عن كامل الجرم وضمن الشروط الواردة في عقد المصالحة." وكذلك المادة ( 50) من قانون الضريبة تنص على "للمدير بناء على تنسيب أي من أعضاء النيابة العامة الضريبية إجراء المصالحة في أي قضية لدى المحكمة وذلك قبل صدور الحكم بها من محكمتي البداية والاستئناف الضريبيتين وعلى المحكمة في أي مرحلة كانت تصديق هذه المصالحة واعتبارها حكماً قطعياً صادراً عنها."

ومع ذلك فقد اقرن مشروع القانون المصالحة بموافقة اللجنة القضائية المنصوص عليها في قانون الجرائم الاقتصادية.

خامسا : أما المادة ٧ من مشروع القانون والتي تطلبت أن يصدر مجلس الوزراء انظمة خاصة بشؤون الموظفين والانتقال والسفر والشؤون المالية ، فهي مطالبة مشروعة وبها يكتمل دعم العنصر البشري في الهيئة ، فلا يعقل أن تكون احكام قانون النزاهة الذي بموجبه أنشئت الهيئة ينص على الاستقلال الاداري ، وكل ما يتعلق بالعنصر البشري مرهون بموافقة جهات اخرى كديوان الخدمة المدنية وغيرها، اضافة الى أن هناك كفاءات فنية لا يمكن أن تقبل العمل بسلم رواتب الخدمة المدنية ، كذلك هناك اجراءات التعيين والنقل والتكليف والترقية في الهيئة لا يمكن أن تبقى حبيسة الروتين المنصوص عليه في نظام الخدمة المدنية ، ناهيك أن بعض الاجراءات المتعلقة بموظفي الهيئة كتقارير الاداء والمساءلة يجب أن تكون ذات طابع سري ، فكيف يستقيم أن يحقق موظف في الهيئة مع مسؤول في ديوان الخدمة المدنية مثلا، وكل ما يتعلق بمسيرته الوظيفية لدى المشتكى عليه. وأخيرا نتمنى أن يرى هذا المشروع النور لكي يضفي شكلا جديدا من المواجهة الجنائية لأقدر أمراض الوظيفة العامة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :