facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ولادة أخرى للدفائن


د. نضال سالم النوافعة
18-02-2021 12:01 PM

إنّ للعلاقات الإنسانية قوةُ دَفْعٍ خارقةٍ, تجعلنا مندغمين اندغامًا قويًا تكون محصلة اتجاههُ رغباتنا الأساسية المجبولة مِنْ دين الفطرة، والتي تتمثّل في عناصر التكوين الأساسية مِنْ الحب والأمان, هيَ وبفضل طابعها الفطريّ تتصرّف بتلقائيةِ سلوكيةٍ موغلةٍ بسرعةٍ رهيبةٍ في مشاعرنا (جيّدة كانت أم سيئة)، لكنها وبنعمةٍ مِنْ براءة السمات البشرية مِنْ التعلقِ بفلسفة الأصل في الأحداث؛ علاقات مكتسبة تبعد كل البعد عن كَونها جزءًا أصيلًا مِنْ ذاتنا الداخلية، وما عملية التحرر العاطفيّ إلّا أنموذجًا حيًّا على أنَّ الأشياء تبدو ذات قيمة عالية على حدّ سواء، سكونٌ يحملُ في جوفهِ معنىً، معنىً تهرولُ بين أزقةِ مدارتهِ الكثير مِنْ خطوات الشعور، والطاقة المنصرخة مِنْ عملية حرق الشعور لبعض السعرات التي تختبئ في داخلها آلاف المعاني تؤدي فورًا إلى برمجات مرتبطة بما يستطيع تحقيقه هذا الشعور مِنْ تأثير في المستقبلات الحسية لدى الآخرين, ومِنْ هنا تبدأ مراحل اكتمال أطوار الفكرة التي تدمغ في أبصارنا على هيئة رد فعل معرفيّ ينعكس على استجاباتنا العاطفية الشائعة الذي سرعان ما يكشف لنا عن إمكانية تحقيق أهدافنا الداخلية، والاستجابات العاطفية ليس لها أيْ سلطة سيكولوجيّة على الحب، فالحب حالة كونيّة استثنائية، تتشكل نتيجة اندماج قطع كروموسوميّة تحمل في جيدها جينات ذات طابع عاطفيّ, لا حولَ للإنسانِ ولا قوةَ لهُ في محاولةِ السيطرة عليها ومنع انتشارها؛ إذْ أَنَّها تفرضُ سيادتها على ملايين الصفات المتنيحة التي لا تَمُت بصلة للصفات المندرجة تحت خانة العاطفة الأم، وعندما تكبر تُتاح لنا بقدرتنا على توظيف منتجات العقل فرصة ترويض تلك العواطف, بحيث تُمكننا مِنْ الارتباط بالآخرين بشكلٍ مقدسٍ بينهُ وبين التعلق والتبعية العشوائية الآنية كل أنواع الفراق الحتميّ الذي لا رجعةَ منه، فبالحب نشعر بأننا غير مكتملين سومسوتيًا، كولادةِ طفلٍ في غير وقته الزمنيّ، وبالاتحاد مع الآخر يكتمل النقص الداخليّ، فنشعر بأنّنا انصرخنا مِنْ رحمِ تركيبتنا الأصليّة بعمليةٍ قيصريةٍ لا قبل للعقل البشري استيعابها.

فالتحول مِنْ مركز الحدث لواحدة مِنْ تلك النقاط المتمركزة في المحيط؛ سبب وجيه للإثارة مشاعر الغضب, تبدأ تلك المشاعر بمحاولة بارعة في ترجمة نفسها لنسخ متكررة مِنْ الإيماءات, وهي أضعف أشكال الغضب المسيطر على النفس الإنسانية, إنها ملامحنا الخارجية المرتسمة على محيّانا، معلنةً عن إعصار هائل مِنْ غضب دفين، ظاهرًا بالانتقام والعبوس والاستياء مِنْ الآخرين، ثمَّ تتفرَّغ قسوة ذلك الإعصار بعملية تسليط الأذى الناتج عن دورانهِ ضد الآخرين، فيشعرون بالأسف، وتتقيّد مشاعرهم، وتنقص قيمتهم بفعل التقدير الذاتيّ الساخط الذي يفتعلونه إزاء ذواتهم، فإذا ما اعترفنا بمشاعرنا الدفينة بأنها جزء مِنْ طبيعتنا البشرية التي تكبد مشاعرنا الداخلية ضرائب عاطفية هائلة، تهلكنا وتسقطنا في مستنقع من عواطفنا اللامتناهية، وإذا ما سمحنا لها بالرحيل الأبديّ عن طريق التكيُّف مع نتاجاتها، ستعم السعادة الأزليّة، محتضنةً أرواحنا، محررةً لأرواحنا المخلوقة بالأصل مِنْ طين الحرية مِنْ قيود الغضب المكبوتة المكبِّلة لمعصم سعادتنا.

أفكارنا ومشاعرنا ليست ملكًا شخصيًا؛ إنما هي مجموعة مِنْ التراكمات الناتجة عن استقبال المعارف والشعور, فما تملكه من مشاعراتجاه الآخرين سينعكسُ علينا مِنْ تصرفاتهم معنا، فعندما نغير موقفنا الداخليّ سيتغير ديناميكيًا سلوكهم معنا، فاللاوعي يتأثر بما نخبئهُ للآخرين مِنْ مشاعر، وإنّنا نستطيع قراءة الأفكار والمشاعرفي الطرف الآخركما يقول الوسطاء الروحانيّون، والباراسيكولوجيا، ولنتخطى هذه البارانويا الأوليّة، علينا أولًا تطهير أفعالنا إزاء الاخرين مِنْ خبثِ الشك، معترفين بأنهم مرآة مسطحة عاكسة لأفعالنا، فمن يحمل الكراهية داخله، يشعر أنه في عالم مظلم زاخر بفنون الكراهيّة، نتيجة إيمانهم بالسلبية المطلقة، المخيمة على أفكارهم، وماهو في الواقع إلّا عقاب سماويّ، لمعرفة حجم الألم المسبب للكراهية المسيطرة عليهم، وللعودة إلى عالم الأمل والسلام.

فمشاعر الغضب تبعث ذبذبات خفيفة، وقوة منخفضة تعمل على إنتاج طاقة سلبية تظهر روحيًّا، والتسامح والعطف والحب يشكل ذبذبات مرتفعة، وقوة عظيمة، تنتج طاقة إيجابية، تصنع درعًا واقيًا من المشاعر السلبية، وليتم التأثير في الاخرين بطريقة نافعة لا بد مِنْ استبدال طاقة الكره بطاقة الحب، عندها سيرتد غضب الآخر عليه دون ترك أي ندوب في مشاعرنا الداخلية، مؤكدًا المثل القائل" عندما تضحك، يضحك العالم معك، ولكن عندما تبكي، تبكي وحدك".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :