facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أبوغزاله يقول: إن الفراشات الجميلة في النهاية ستطير


د. مشيرة عنيزات
21-03-2021 07:34 PM

إن شمس هذا الصباح الجميل المطلة من النافذة تغويني، توقظني بعنف وتستفزني لأعد لنفسي فنجانًا من الشاي الحار، وأستذكر أنني يوميًا أفتح مئات الأوراق، وأتصفح عشرات الكتب، وأزور الكثير من البلدان، أنشغل وأشغل نفسي بعشرات القصص يوميًا، وأشاهد الزهور ذات الرائحة العطرة في الحدائق وأجد حولها الفراشات الجميلة المتطايرة ذات الألوان الزاهيه فألوانها جميله وتبعث الأمل، لكن مهما حدث لا بد أنها ستطير بعيدًا، فأعود وأصغي لشرودي فأجدني أفكر في أمي، أفكر في طلال الصغير ذلك الطفل الذي كان ينتظر الليل طويلًا ليختبئ ليلًا بين ضلوع والدته، أتذكر دفء قلبها فأشعر بظلم الغربة التي أعيشها، أتذكر كيف غيرت عاداتي وفاوضت نفسي أن لا أكون إلا سببًا في سعادتها، حتى أصبح الجرح الذي ينزف مني ولا تشعر به أمي لا يؤلمني.

كنت أستغرب كيف لشخص أن يشْتِم شخصًا ويسب والدته، فهل أجنحة الحمام الأبيض أصبحت عرضة للقناص، أيستبدل نعيق الغراب بهديل الحمام، وليس غيره قادرًا على تهدئة الأعصاب وراحة النفس، إنه شعور يجعلني أرتكب خطئية الحسد، بل الغبط فأغبط كل من لديه أم بجانبه تدللـه وتخاف عليه، إنه شعور يغويني بأن أُقبّل كل أمهات العالم على رؤوسهن، وأستجدي الأيام أن تعود لأعانق أمي أكثر وأقبلها أكثر وأرتمي بين أحضانها أكثر وأكثر.

لم أجد في العالم قلبًا أحتضنني كما فعل قلب أمي، ولا أجد مكانًا شاغرًا في قلبي إلا كان من نصيبها. لم يحدث يومًا أن تسوقني الأقدار وأتحدث بلغة طفل ملهوف للقاء والدته، طفل أعياه الأشياق، طفل يتذكر أدق تفاصيل يومه برفقة أمه كأنها البارحة.

في مثل هذا الشهر من كل عام، أشعر أنني ما زلت طلالًا صغيرًا أحتاج أمي، لم لا! وهو شهر ارتبط بالعيد "عيد الأم"، أشعر بأنني جائع ولا يشبعني إلا تلك الساندويشات التي كانت تعدها صباحًا، البرد من حولي قارص فلا يشعرني بالدفء إلا الجاكيت التي أخاطته لي، ما زلت أشعر بأن جاكيتات العالم جميعًا لن تشعرني بالدفء الذي كنت أشعر به وقتها، أحتاج إلى سماع كلماتها الدافئة وهي تودعني عندما أذهب إلى المدرسة قائلة لي "الله يرضى عليك يا طلال"، أحتاج لتلك الدعوات الصادقة، أحن بعمق لأحاديثها لي، أتذكر قصصها عن جدتي وجدي، وكيف فرقتنا الغربة وأصبحنا لاجئين من غير ذنب.

أحيانًا وكلما شعرت بالتعب والإرهاق، أذهب إلى غرفتي مساء وأكتب لأمي كطفل صغير، وأتخيلها وهي تقرأ كتاباتي فكنت إذا اشتقت إليها أكتب ذلك، وإذا حققت إنجازًا أكتب لها ذلك، فأجدها في حلمي تقرأ كل ما أكتب وتبادلني الرأي وتقدم لي النصيحة.

أفتقدها كطفل يذهب إلى المدرسة لأول مرة بصحبة والدته، تضعه على باب المدرسة وتغادر، فتجدني غريبًا وحيدًا تائهًا في مكان لا أعرفه، كل ما أعرفه في هذا المكان أنني بعيدًا عن حضن اعتدت عدم فراقه، فأجد الجميع غرباء حولي، مهما حاولوا إقناعي أنني بأمان لا أستطيع تصديقهم، فأبكي بحرارة أريد أمي.

لم يحدث أنني اشتقت لإنسان كما اشتقت إليها، كنت أحيانًا أتظاهر بالمرض كأي طفل صغير، يريد المزيد من الاهتمام ويريد أن يختبر حب والدته، فأرى عيونها ترتجف خوفًا علي، كنت أشعر بها ليلًا تقترب مني لتطمئن أنني بخير، فأصبح نادمًا على ما فعلت.

قد لا تتحقق جميع أمنياتي، لأن الفراشات الجميلة في النهاية ستطير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :