facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صوتٌ يهدُرُ بألمئوية يعلوا على الفتن


الدكتور ماجد الشامي
14-04-2021 11:05 AM

تحية فخرٍ وإعتزاز في ذكرى مئوية المملكة الأردنية الهاشمية، فأنتم كما أنتم وأينما كنتم، جنود في خندق الملك عبدالله الثاني المعظم. وهو ابن الحسين بن طلال طيب الله ثراه.

الحسين الباني الذي لطالما كانت بيوتكم بيوت الحسين وبيت الحسين بيتكم، والذي كان لكم الاب والاخ والصديق، مؤكداً بذلك مراراً وتكراراً أن "الإنسان أغلى ما يملك".

الحسين الذي عمل دون كللٍ أو ملل على رفعة مؤسسات الدولة لتكون محل جذبٍ وإعجاب ليس فقط لابناء العشيرة الواحدة، بل أيضاً محطة إعجابٍ إقليمية وعالمية، ونموذجٌ يُحتذى به على جميع ألاصعدة. وعليه، لُقِب بالملك الباني لمملكةٍ كان قد أسس لها الملك عبدالله الاول. وكان للحسين أن يسابق الزمن في بناء إرثٍ عتيد من جامعات ومعاهد ومدارس ومستشفيات وجمعيات خيرية وأماكن إيواء للفقراء والمساكين واليتامى ومؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية تأخذ بيد المواطن إلى بر الامان، وموازاةً لذلك عمل على بناء المواطن الذي لا ينحني إلى لله وحده.

ولما كان الحسين يُدركُ بأن روح الفريق ضروريةً في تلبية نداء الواجب، كان يعي بأهمية بناء جسور المحبة والؤام بين الهاشميين وعامة الشعب، لذلك جعل من كل الهاشميين مرآةً لجلالته، وكانت بيوت كل الهاشميين بيوت الحسين، يلجئ لها المواطن الأردني عند الحاجة، وهذا ما جعل من الحسين الاب الروحي للجميع.

ولما كانت حنكة الحسين السياسية لا مثيل لها على مستوى العالم، كان على يقين تام بأهمية بناء جسور السلام مع زعامات إسرائيل، عندما كان آنذاك رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين والرئيس الأمريكي بل كلنتون من محبي السلام. وكان للحسين ما أراد في معاهدة وادي عربة سنة ١٩٩٤ برعاية امريكية، لحماية منجزاته من البناء ولضمان ارثه إلى شعبه الحبيب قبل أن ينتقل إلى جوار ربه سنة ١٩٩٩، ولكن حلم الحسين لم يكتمل في مجتمع صهيوني عدوٌ للسلام، وذلك بأغتيال رابين سنه ١٩٩٥، في مهرجان خطابي مؤيّد للسلام، وهذا ليس بالشيء الغريب على مجتمع يهودي.

الحسين الذي كان يسابق الزمن ليس فقط من أجل شعبه، بل من أجل كل الشعوب العربية التي مزقتها وارهقتها النزاعات المحلية والإقليمية المستندة إلى الحدودية والطائفية والفأوية والموارد الطبيعية، مما جعل من القائد الأعلى للقوات المسلحة الاردنية "الجيش العربي" ليس فقط ساعياً وراء السلام مع الأعداء بل ايضاً سعى من أجل إحلال السلام في مناطق النزاع في الشرق الأوسط. وكان له ما أراد في نزاع اليمن بإبرام وثيقة العهد والوفاق سنة ١٩٩٤.

هو نفس الزعيم العربي الذي سعى جاهداً لوقف المد الإيراني ودعم بكل ما بجعبته من قوة ليساند صدام حسين في حرب الخليج وفي إزالة تبعياتها من توترات في المنطقة، وما نتج عنه من توتر في العلاقات بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس جورج بوش الاب، وتمكن الحسين من تهدئة الأمور يقيناً منه مخاطر دخول العالم العربي في صراعاتٍ دموية لا يُحمد عقباه.

هذا هو سيد الرجال الذي وإن نَصَرَ الخير على الشر، لم يتمكن من التغلب على المرض الذي كان يأكُلُ في جسده. ولما كان على درايةٍ بأن أيامه باتت معدوده، كان قد حزم الأمر بمن هو الأكثر جدارةً في حمل رسالته من بعده. ورأى بعبدالله الثاني، مرآةً له ولعبدالله المؤسس، الرجل الصلب في حمل ألأمانه وفي حماية الوصاية الهاشمية, التي توارثها الهاشميون منذ أن عهدت إلى الشريف حسين بن على سنة ١٩٢٤ لحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، والتي كانت سبباً في استشهاد الملك عبدالله الاول سنه ١٩٥١ على أدراج القدس وهو يدافع عن عروبتها.

ورحل الحسين الذي أبكى ليس فقط عشيرته الاردنية الواحدة بل أبكى امم العالم. وانتقلت السلطة إلى ولي عهده، ابنه الأكبر وابن المؤسسة العسكرية، عبدالله ابن الحسين الذي أصبح ملك المملكة الأردنية الهاشمية ليحمل ارثً أثقل كاهله، في ظل مطامع محلية وإقليمية ودولية، ومؤامرات تحبك هنا وهناك للنيل من سيادة بلد صغير الحجم ولكن حنكة سياسية لا تضاهي.

بلد استطاع بمحدودية موارده وقدراته أن يحتوي أطماع وجبروت الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكان على عبدالله الثاني أن يتحمل نيران المتربصين في اردن ما بعد الحسين بشكل خاص، وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام. ولعل حديث وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس سنه ٢٠٠٦ عن شرق أوسط جديد كان بمثابة دليل قاطع على سايكس بيكو جديد لإعادة غربلة أوراق الشرق الاوسط بما يخدم مصالح أمريكا والاحتلال الإسرائيلي، والذي مُهد له من خلال احتلال العراق سنة ٢٠٠٣ في عهد جورج بوش الإبن، وأسر الرئيس العراقي صدام حسين، مرعب إيران والكيان الصهيوني.

وبرحيل الحسين بإرادة الله وإعدام صدام بإرادة الامريكان بدأ العمل على تنفيذ فكرة "شرق اوسط جديد"، من خلال ما ُسمِي بالربيع العربي (بتعبيرٍ ادقْ "الفوضى العارمة"). فبعد أن إستبيحت ارض الرافدين وأصبحت في مُتناول إيران والاطماع التركية، بدأت سنه ٢٠١١ الثورات تتوالى تباعاً على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ابتدأً من الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس زين الدين عابدين، تلتها الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس محمد حسني مبارك، وبعدها الثورة اليمنية التي أطاحت بالرئيس علي عبدالله صالح، وبعدها الثورة الليبية التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي، ومن ثم الثورة السورية التي فشلت في الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد. مع العلم ان الاردن لم يَسلم في حينها من محاولة زجه في هذه الدوامة ولكن الشعب الاردني افطن من ان يُخدع في مؤامرات تسعى للنيل منه ومن سيادته. ولهذا وكما قلت سابقاً بأن إرث عبدالله الثاني ابن الحسين كان ثقيل، حتى وان كان ابن ابيه، وكان له ما أراد من أن يحمي وطنه وشعبه وإنجازات والده والصمود في اصعب اختبار له ودحر المتربصين بالاردن من الداخل والخارج، دون أن يُطلق رصاصة واحدة.

ولكن التكلفة التي تحملها الاردن كانت باهظة. فبينما كانت دول عربية واجنبية تدفع لتدمير وتيتيم وتشويه وتجويع وتهجير شعوب بعض دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، كان الاردن بشعبه ومليكه والجيش العربي المصطفوي جاهزٌ لاستقبال كل من يلجأ إليه، وكان الاردن كما عهده الشرفاء من العرب، الحضن الدافئ عند الصعاب. ومارس دوره الانساني بإمتياز واستقبل العراقيين الذين تطلعوا إليه كواحة أمل بعد احتلال العراق من قبل الجيش الامريكي، ومن ثم اللاجئين السوريين الذين لجأوا إلى الاردن، وكذلك الأعداد القليلة من اليمنيين والليبين والمصريين الذين تطلعوا إلى الاردن كملاذ آمن لهم من الفوضى العارمة التي عصفت في اوطانهم. وهذا لا يأتي دون أعباء اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية وسياسية ودبلوماسية على بلد صغير مثل الاردن ذو الموارد الطبيعية الشحيحة.

وتحمل الاردن كل الظروف الصعبة، ووضِع في ظرف لا يحسد عليه، وبقي صامداً شعباً ومليكاً إيماناً منهم بأن ما بعد الضيق فرج. ولكن صمود الجبابرة لم يعجب شياطين الارض لأن في هذا الصمود كان فشل لمشروع شرق أوسط جديد (كوندوليزا رايس)، وصفقة القرن (ترامب كوشنر نتانياهو)، وبعض رجالات الدول العربية المتطحلبة التي تتبع اسيادها. وبقي الاردن صامداً في وجه الرياح التي عصفت به، ويقظاً متفطناً لكل ما بجري من حوله.

ليس هذا فحسب، بل بقي نشطاً في صنع القرارات السياسية والدبلوماسية على الساحات الإقليمية والدولية، وكان لعبدالله الثاني ابن الحسين المعظم ما أراد في استرجاع أراضي الباقورة والغمر، مستنداً إلى اتفاقية وادي عربة، مما أغضب الكيان الصهيوني. وكذلك رفضه بالمطلق اتفاقية صفقة القرن المهينة، والتي كان عرابها جيريد كوشنر زوج ابنة الرئيس الامريكي السابق ترامب والتي كانت تتجه بالاتجاه المعاكس لكل اتفاقيات السلام التي أُبرمت على اساس حل الدولتين، وبقي عبدالله ابن الحسين يسابق الزمن، بالسفر هنا وهناك، سعياً لحشد الدعم الدولي لإعادة عملية السلام إلى مسارها الطبيعي، مما أغضب بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب وعراب صفقة القرن وكذلك بعض الدول الراعية للصفقة.

ليس أقل أهمية التأمر لسحب الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس من الهاشميين. ولكن لحنكة الملك وقدرته على التحمل وإصطفاف شعبه من حوله في الأمور الحساسة، ومراهنة جلالته بأنها شدة وبتزول بزوال الرئيس الامريكي من منصبه، كان لعبدالله ابن الحسين ما اراد، وعادت المياه إلى مجاريها. وهذا ما أغضب كل من راهن على الرئيس السابق ترامب، بأن يستخدم العصا على الاردن ليلبي طلبات من لا احقية له بهذه المطالب.

وانتصر الملك لنفسه ولشعبه في الثوابت المقدسة التي لا تقبل القسمة على اثنين، مصمماً على الوصاية الهاشمية وكذلك على السلام المبني على حل الدولتين. ولكن كل ما ذكر سابقاً له ثمن باهظٌ، وخرج الشعب الاردني ومليكه، من عنق الزجاجة منتصراً على كل الكوارث والمؤامرات التي عصفت به ولكن يتضرع جوعاً كما أراد له المتأمرون.

ورحل ترامب بمجيء الرئيس الأمريكي بايدن الذي يعتبر أكثر اتزاناً في السياسات الخارجية. وعندما وجدوا انفسهم في مأزق لا يحسدوا عليه ولا يجدوا قوة ترامب العظمى تساعدهم في مخططاتهم الجهنمية، حرقوا أنفسهم في نار جهنم بإستخدام الخطة البديلة.

ولربما هذا مقابل التوقيع على صفقة القرن وكذلك التنازل عن الوصاية الهاشمية بما يخدم مصلحة الكيان الصهيوني. وكلنا نعرف التفاصيل ونعرف أن عرابها باسم عوض الله، الذي كان هو وراء تدمير الاقتصاد الاردني، والذي يجب أن يحاكم بالخيانة العظمى.

وخرج الاردن شعباً وقيادةً منتصرين على كل خيوط الشر، وهذا حدث برعاية الله، وفطنه الملك، والاجهزة الأمنية، وقيادة الجيش

ولكن الشكر وكل الشكر يعود إلى شعب الاردن العظيم الذي تحمل ما لم يتحمله أيوب في صبره، متطلعين إلى جلالة الملك البدء وبكل حزم وجدية بإعادة تصويب أوضاع الاقتصاد الاردني على أسس محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين والمساوة والعدالة في تكافؤ فرص العمل بعيدا عن المحاباة والمحسوبية، وخلق بيئة استثمارية خصبة محمية بتشريعات ونظام قضائي فاعل لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي. وإعادة تصويب مؤسساتنا التعليمية والصحية والثقافية والرياضية والإجتماعية بما يخدم احتياجات المواطن سبيلاً إلى رفعت المجتمع الأردني الواحد. وبالختام نسأل الله عز وجل أن يحمي الاردن ارضاً وشعباً ومليكاً من كل سوء، والله ولي التوفيق. وكل ١٠٠ سنة واردننا وشعبنا ومليكنا بالف خير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :