facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من الحكومة "المزودة" إلى "الممكنة"


ابراهيم سيف وسمر عبيد
09-06-2021 10:44 AM

بداية يجب الإقرار بأن مفهوم "البيروقراطية، ليس سلبياً، فالتنظيم والترتيب والسير في إجراءات واضحة ليس خطأ، بل أن ما صبغ المفهوم بالسلبية هو بعض ممارسات الأفراد القائمين على إنفاذ القوانين، وهذا يعني أن ممارسات إيجابية من قبل بعض المؤسسات يمكن أن تغير من تلك النظرة السلبية.

وسوف يستمر الجدل والحوار حول تطوير القطاع العام، وعن آليات التنفيذ والسرعة والجدية ووضوح الرؤيا المرتبطة بهذا الموضوع، وفي الحالة الأردنية فإن حجم القطاع العام الكبير من ناحية التشغيل والإنفاق يجعله مركزياً في أي عملية إصلاح إداري- اقتصادي. ولا تخلو القرارات التي يمكن أن تتخذ على هذا الصعيد من تبعات سياسية واجتماعية ترتبط بتشكل القطاع العام وطبيعة الأدوار التي يمارسها حالياً أو في المستقبل. لم يخلو خطاب الحكومات المتعاقبة في التاريخ الحديث للأردن من التأكيد على أهمية إصلاح القطاع العام وتسريع وتيرة اتخاذ القرار، لكن المحصلة المرتبطة بإحداث نقلة نوعية في العادة جاءت غاية في التواضع بل شهدت في بعض الأحيان تراجعاً في بعض المؤشرات المرتبطة بفعالية إجراءات الحكومة، وهذا لا يعني التشكيك في حسن النوايا والرغبة بالتغيير بقدر ما غياب فلسفة واضحة وإجراءات عملية ومؤشرات لقياس الأداء، وهناك إطار مفقود يتعلق بالقدرة على تنفيذ الاستراتيجيات ومتابعتها باتجاه واضح، ومن هنا يتضح أن التحدي الحقيقي يرتبط بعدد من الحقائق التي تعيق الانتقال من الوضع الحالي إلى الوضع الجديد، وهناك عدد من الفرضيات التي يجب فحصها قبل أن ننتقل إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، وأهمها:

− وجود إجماع على الأهداف المرغوب تحقيقيها وعدم وجود مقاومة داخلية للتغيير، فهذا على الأرجح ليس صحيحاً على كافة مستويات القرار الإداري، ففي حين أن رأس الهرم الإداري يمتلك تلك الرؤية إلا أنها لا تتنقل إلى المستويات الإدارية الأدنى، بالنظر الى أن التغيير سيفرض أنماطاً جديدة في اتخاذ القرار، وكذلك قد يلحق الضرر مباشرة أو بشكل غير مباشر ببعض مراكز القوى المستفيدة من التركيبة القائمة، وهذا طبيعي ، وما نسعى إليه في هذه العجالة هو رسم إطار عام واضح يتعلق بفهم آلية عمل القطاع العام وما هي الوسائل التي يمكن اللجوء اليها لإحداث التحول المرغوب.

− الفرض الثاني الذي يجب التفكير به هو أن الموظفين في القطاع العام يمتلكون المهارات اللازمة لإحداث التحول أو السير به، فعلى سبيل المثال التحول نحو الرقمنة، لا يقاوم فقط لأسباب تتعلق بالمصالح، بل يرتبط أحياناً بفقدان المهارات اللازمة، وهذا يعزز من تيار المقاومة للتغيير ويتطلب تأهيل القيادات الإدارية في المرحلة الأولى لقيادة التحول والايمان بجدواه.

− ثالث الفرضيات يرتبط بأن خريطة الطريق واضحة ومعها الأولويات، ولكن في الحقيقة فإن هذا مفتقد تماماً، وهناك تنازع على الصلاحيات ما بين المؤسسات كثيراً ما يؤدي إلى إرباك العمل، كذلك يجب التفريق بين مفهوم الحاجة إلى إصلاح القطاع العام وتحسين أدائه، بمعنى الحاجة الى "ثورة في القطاع العام" وليس "ثورة عليه"، فمن الناحية العملية لا غنى عن هذا القطاع، لكن الكثير من الأمور تغيرت وهذا يشكل جوهر النظرة المستقبلية والعملية فيما يخص التنفيذ والكيفية التي يجب أن يمر بها.

وبشكل عام يمكن إيراد عدد من الملاحظات والنواقص التي يمكن ان تشكل إطاراً عاماً للانتقال من مرحلة التشخيص الى التنفيذ وترجمة ذلك على صعيد المؤسسات الفردية وما بين المؤسسات والدوائر المختلفة:

1. الحاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة تستند في تطبيقها مبدأ من "أعلى إلى أسفل"؛ ويتم من خلالها تكوين مبادرات قابلة للتنفيذ (Executive Initiatives) على مستوى الوزارات أو القطاعات الاقتصادية المختلفة. وتوفر القيادة اللازمة التي توجع كافة المستويات الإدارية وتسيرها باتجاه واضح.

2. الحاجة إلى تشبيك كاف بين الوزارات المعنية مثل وزارتي التخطيط والمالية في تحقيق الخطط والاستراتيجيات لمختلف الوزارات، بما يسهل تأمين الميزانية اللازمة لمختلف المشاريع والمبادرات على المدى القصير والمتوسط والبعيد. إضافة إلى إعادة تركيز وزارة التخطيط على التنسيق الداخلي بشكل متوازن، حيث بات التركيز الأكبر للوزارة على التعاون الدولي أكثر من دورها في التخطيط المحلي الذي بات يستند في أغلبه على اتفاقيات الأردن مع صندوق النقد الدولي.

3. يجب إدراك انه ومع مرور الوقت تغيرت طبيعة وأدوار المؤسسات، فعند بداية العمل الحكومي وإنشاء الوزارات، كانت الغاية الأساسية من ذلك قيام كل وزارة بدورها المنوط إليها بحسب الحاجة (Fit For Purpose)؛ ومع مرور الوقت زادت الوزارات والمؤسسات في الأردن إلى أن وصلت عدداً كبيراً يصعب التنسيق بينها، وأغلب تلك الوزارات والمؤسسات تقوم بالدور الوظيفي فقط، دون النظر بشكل أكثر شمولية على أساس صياغة الاستراتيجيات والمبادرات التي تعنى بتطوير القطاعات التابعة لكل وزارة.

4. وفيما يتعلق بالدور القيادي (leadership) في الوزارات والمؤسسات الحكومية؛ لا يوجد تقييم للأداء أو محاسبة على المخرجات بشكل واضح، وذلك نتيجة لتغير القيادات (وخاصة الوزراء منهم) بشكل سريع بالتغيير المستمر في المبادرات، وساهم كذلك بتوليد الإحساس بعدم الجدية لدى الموظفين، وصعّب من عملية المتابعة والتقييم.

5. تعتبر البيئة التمكينية في الأردن ضعيفة مقارنة بالدول الأخرى، حيث أصبحت الوزارات والمؤسسات الحكومية تتبنى دور المزود للخدمات (Service Provider)؛ أكثر من الدور التمكيني (Enabler) الذي يعنى بوضع الاستراتيجيات وتحديد التشريعات والهياكل التنظيمية على أساس التعاون مع القطاع الخاص والمختصين من مختلف أطياف المجتمع المدني والوحدات الحكومية، والذي يساهم بدوره في تحديد المواهب والمهارات التي تتماشى مع المسؤوليات بهدف تحقيق الاستراتيجيات التي تعاني بالأساس من التغيير المستمر.

6. على الرغم من كافة الأصوات التي تنادي برقمنة الحكومة (Digital Government)؛ إلا أن العديد من الدول المحيطة تقدمت على الأردن في هذا النطاق، حيث أن عملية الرقمنة في الأردن لا تتمحور على أساس احتياجات المواطنين، وهو ما يفسر جزئياً تراجع ثقة المواطنين بالأداء الحكومي. بل ترتبط الرقمنة بآليات عمل ربما تحتاج أصلاً إلى المراجعة والتسهيل، فرقمنة عمليات معقدة غير مناسبة يصعّب من عمليات التحول، ويجعلها في بعض الأحيان بدون فائدة. بناء على ذلك، يمكن للحكومة أن تتبنى التنظيم الرشيق والمرن (Agile Organization) لتنظيم العلاقة بين كافة المؤسسات وتسهل تدفق المعلومات واتخاذ القرارات، ويصبح الهدف ليس رقمنة العمليات القائمة بل المخرجات النهائية المطلوبة وهو ما يقتضي هندسة عكسية للإجراءات؛ وهو ما سيؤدي بالنتيجة إلى سهولة تحديد أولويات الخطط حسب الأهمية وتطبيقها في كافة المؤسسات.

أخيراً، فإن عملية اتخاذ القرار على المستوى الحكومي باتت أكثر تعقيداً، وباتت اللجان المحصورة بغاية معينة تتحكم باتخاذ القرارات التي قد تتعارض مع استراتيجيات وطنية، ومن الواضح أنه وفي حال تعددت المرجعيات وتشابكت، فإن عملية اتخاذ قرار تصبح شبه مستحيلة، وهذا يقتضي فك هذا النوع من الاشتباك، وإعادة النظر ببعض الآليات المتبعة لاتخاذ القرارات، بغير ذلك سيبقى الحديث عن الإصلاح الإداري – الاقتصادي في إطار الأمنيات.

إبراهيم سيف - المدير التنفيذي لمنتدى الاستراتيجيات الأردني وسمر عبيد - الشريك في إرنست ويونغ –الأردن





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :