facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ميثاق الأطلسي: من يحتاج من؟


داود عمر داود
13-06-2021 09:02 AM

كانت بريطانيا والولايات المتحدة قد توصلت، عام 1941، إلى ما عُرف في حينه بـ (ميثاق الأطلسي)، إبان الحرب العالمية الثانية، في عهد كل من ونستون تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا آنذاك والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت. وقاد الميثاق إلى تشكيل النظام العالمي، في فترة ما بعد الحرب، وإنشاء منظمة الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي. واليوم، بعد ثمانية عقود، يعيد الطرفان التوقيع على ميثاق أطلسي جديد، في عهد رئيس وزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الأمريكي جو بايدن، وذلك خلال اجتماعهما قبيل انعقاد (قمة مجموعة السبع).

الميثاق القديم
جاء التوصل إلى الميثاق القديم بين البلدين في ظروف كانت فيه بريطانيا في أمس الحاجة لأمريكا كي تقف إلى جانبها في الحرب ضد المانيا النازية. كانت بريطانيا في موقف عسكري ضعيف، وبالكاد أفلتت من الإحتلال النازي حين استطاعت، في معركة (دنكيرك)، أن توقف زحف القوات الألمانية نحو الجزر البريطانية، وأن تُنقذ ثلث مليون جندي بريطاني من الهلاك أو الأسر. فلم يجد تشرتشل بُداً من الذهاب إلى أمريكا طالباً العون من الرئيس روزفلت، على أمل أن يُلزمها بالمجهود الحربي. فما كان من روزفلت إلا أن وضع شروطاً لذلك من بينها أن ترسل بريطانيا أسطولها إلى سواحل أمريكا وتسلمها القيادة العسكرية. وهنا تبسم الداهية تشرتشل، الذي جاء واليأس يتملكه، ونظر إلى روزقلت قائلاً: (إني لأعلم أنكم ورثة الإمبراطورية).

حين سلمت بريطانيا القيادة إلى أمريكا
وقد عقد تشرتشل وروزفلت اجتماعهما التالي الحاسم على متن سفن حربية، في التاسع من شهر آب أغسطس 1941، في مياه خليج بلاسينتيا، بجزيرة نيوفاوندلاند، الواقعة على الساحل الشرقي لكندا. إذ جاء تشرتشل على متن السفينة الحربية البريطانية (أمير ويلز)، وكان بانتظاره روزفلت على متن الطراد الأمريكي (أوغستا). وبمجرد أن التقيا، التزم تشرشل وروزفلت الصمت للحظة حتى قال تشرشل، (وأخيرًا، سيدي الرئيس)، بمعنى أننا ها قد جئنا أخيراً طائعين موافقين على شروطكم. فأجابه روزفلت: (سعيد لكونك معنا، سيد تشرشل)، بمعنى أننا سعداء بانظمامكم إلينا. وهكذا كانت اللحظة التاريخية التي سلمت فيها بريطانيا القيادة على مضض إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وقد قرر روزفلت دخول الحرب بعد ذلك بأربعة أشهر.

بنود الميثاق القديم
لم يكن (ميثاق الأطلسي) اتفاقية وقع عليها الطرفان، بل كان عبارة عن بيان مشترك صدر عن تشرتشل وروزفلت. وقد أوضح البيان في مقدمته أن الولايات المتحدة قد ساعدت بريطانيا في الحرب، وان وجهات نظر البلدين متطابقة حيال مبادئهما المشتركة، وانهما يتطلعان إلى عالم يسوده السلام بعد الحرب، وانهما اتفقا على السياسات التي يجب إتباعها بمجرد هزيمة ألمانيا.

وقد تضمن ميثاق تشرتشل – روزفلت ثمانية بنود رئيسية، أولها تأكيد الجانبين أنهما لا يسعيان إلى ضم أية مناطق إليهما، وثانيها أن أية تعديلات على حدود الدول يجب أن تتماشى مع رغبات شعوبها، وثالثها أن كل الشعوب لها حق تقرير المصير، ورابعها أنه يجب خفض العوائق التجارية، وخامسها أنه يجب أن يكون هناك تعاون اقتصادي عالمي وتقدم في الرفاه الاجتماعي، وسادسها أن الطرفين سيعملان من أجل عالم خالٍ من الفاقة والخوف، وسابعها أنهما سيعملان من أجل حرية الملاحة في البحار، وثامنها أنه يجب نزع سلاح الدول المعتدية، ونزع السلاح بشكل عام، بعد الحرب.

الميثاق الجديد: والتحديات الجديدة
أما توقيع ميثاق الأطلسي الجديد، من قبل بايدن وجونسون، فقد جاء في ظروف تبدو فيها أمريكا هي التي تحتاج أن تقف بريطانيا إلى جانبها هذه المرة، بعكس ظروف الميثاق القديم. فقد تراجع النفوذ الأمريكي على المسرح الدولي، بعد 4 سنوات عجاف من حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، تركت أثارها السلبية على جميع مناحي الحياة. فما هي التحديات الجديدة التي تريد أمريكا من بريطانيا أن تساندها فيها؟ تذكر وثيقة الميثاق الجديد عدداً من القضايا من بينها (مكافحة التحديات الحديثة للتهديدات السيبرانية)، وهذا ربما يشير إلى هجمات الانترنت التي تعرضت لها مواقع حكومية أمريكية، ووجهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى روسيا بانها تقف خلفها.

يضاف إلى ذلك فقدان مصداقية الحكومة الأمريكية التي انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ، في ظل إدارة ترامب، ثم عادت إليها في ظل إدارة بايدن. ومن الغريب في الميثاق الجديد أن أمريكا صارت تطالب بـ (أهمية الأمن الجماعي، وضمان نظام تجاري عالمي عادل ومنفتح، والدفاع عن الديمقراطية)، وهي التي كانت الدولة التي تضمن هذه المبادىء والقيم في العالم، أصبحت الآن تطلب مساندة بريطانيا كي تضمنها لها.

أما قضية (وضع حد لوباء كورونا على مستوى العالم) فقد أعلن بايدن بأن إدارته ستتبرع بمليار لقاح إلى دول العالم، في وقت ما زال نصف سكان بلاده لم يتم تلقيحهم بعد. مجمل هذه القضايا يدل على حالة التراجع التي بلغتها أمريكا، حين تطلب من بريطانيا الوقوف إلى جانبها في هذه المواضيع الملحة.

خلاصة القول: فات أوان إستعادة الثقل الدولي
يتضح من قراءة ما بين سطور الميثاق الجديد، أن مفرداته المنمقة تُخفي في طياتها غير المعنى الظاهر، وأن الهدف الأبعد هو محاولة أمريكية لإستعادة ثقلها على الساحة الدولية، بعد أن بلغ بها الحال أن تتمرد عليها دولة فاشلة كإسرائيل، وهي عالة عليها، ويتمادى عليها سياسي أكثر فشلاً مثل نتنياهو، كان يلقى كل الترحاب في واشنطن. وعلى الأرجح أن الدول عندما تبدأ مرحلة الإنحدار يصعب عليها أن تعود إلى سابق عهدها. ورغم حماس بايدن الشديد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أنه لن يستطيع تخفيف سرعة الهبوط من أعلى قمة الجبل بإتجاه القاع. فقد فات الآوان، والأيام دول.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :