facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المراجدة بالمقاليع السياسية


د. عبدالله الزعبي
26-06-2021 11:29 AM

عقود مضت على تلك الأيام في تخوم المراهقة حين كانت تتحول فيها سهول الرمثا إلى ساحات معارك بين تحالفات الصبية في فصول الصيف؛ إذ بعد إنتهاء موسم الحصاد وقبل البذار، كانت الأرض تتحول إلى مروج جرداء أقرب إلى الصحراء منها إلى الخضراء. عند أولى عتبات الحياة تلك، كنا صغاراً نشكل تحالفات التسلية لخوض غمار معارك الحجارة والمقاليع، فلم يكن هنالك سوى ذلك نفعله، لا مكتبات أو ملاعب، لا حدائق، لا معسكرات صيفية أو كشافة أو رحلات مدرسية، فقط قليل من الفراغ وبعض من أجواء العدمية. معارك الحجارة بالمقاليع تلك كانت منظمة ومدروسة، فيها قيادات وتخطيط استراتيجي، كما أنها تجاوزت الأنماط التقليدية في التفكير وتعدت الإنقسامات الأفقية المعهودة والخطوط العشائرية الفاصلة بين "زعبي وفلاح"، لدرجة أن تحالفاً ذات يوم قام بين شباب البشابشة والحميدية في حارة المستشفى والجوازات ضد تحالف دبة نمر بقيادة خزعلية. كانت الدماء تسيل في تلك المعارك ويكثر "الفشخ والطرح" في الرؤوس، لدرجة أنني تلقيت يومذاك ضربة في منتصف العمود الفقري ما زالت تسبب لي الآلام في ظهري إلى الآن.

ما أشبه الأمس ومعارك الصبية في حقول الصيف الجرداء، باليوم حين تتراشق فيه كافة الأطراف بالحجارة الصماء ومقاليع السخافة والسطحية.

معيب حقيقة ما يحدث هنا في زمن العلم والتكنولوجيا وجينوم الإنسان والاستنساخ، زمن تعدت فيه البشرية مرحلة الحداثة وما بعدها، تدخل فيه عوالم الفضاء وتسبر أعماق النواة وقوى ما بعد الجاذبية والكهرومغناطيسية، قوى ما بعد الذرية، الضعيفة منها والقوية.

محير حقيقة ما يجري هنا اليوم؛ إذ لا يخضع لكل قوانين الطبيعة والسياسة والأخلاق، يحير إبن خلدون ومعه علم الإنسان والإجتماع، محض هراء وعبثية، فمجرد مقال أو جملة، كلمة أو تعليق، تقوم دنيا العصبية بالمراجدة والتجييش، بالبطش والتهميش، في زفة لا ناقة فيها لأحد ولا جمل، لغو وهذر على كافة المستويات والنخب، رقم على الماء، قحاح وهلوسة، لا مخافة منها وفيها لله أو حياء من بشر، لا أمر بمعروف أو نهي عن منكر، لا بر أو إحسان، لا تقوى.

ما يمارس على الساحة السياسية اليوم لا يرتقي إلى فعل المراجدة والفشخ بالمقاليع من أجل التسلية والتعاليل والسهر على أنغام فيسبوك وانستغرام، وهتاف لإقتسام الكرامة والنصر في عهد الاصلاح وذكرى النكسة والهزيمة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :