facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




معدل المخدرات بين مكافأة المتعاطي والتاجر والظلم لمن هم أدنى منهم ضررا


د.مصطفى التل
06-09-2021 08:06 PM

في سلسلة قرارات تدخل بكنه الغموض على المستوى الداخلي الكلي للطبقة التي تُشكل بالمفهوم الشعبي ( صنّاع القرار ) داخل الدولة الأردنية , وفي صدام واضح بين الشعب الأردني الذي يرفض معدّل قانون المخدرات ومجلس الأمة الذي أصرّ عليه , وهي حالة شكلّت ما يمكن اعتبارها ظاهرة عامة في الفترة الأخيرة , تم اقرار معدل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية , وسيتم رفعه لجلالة الملك لتوشيحه بالتوقيع السامي ونشره في الجريدة الرسمية , ليدخل حيّز التنفيذ على مستوى الدولة كجهاز قضائي .

محاولات متعددة صدرت كأفعال أو إشارات , لعرقلة أي تحرك شعبي ضد مشروع معدّل لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية , ومناورات دخلت إلى حيّز الاشتباك الجمعي , صدرت من المجلس نفسه , من اتصالات هاتفية لعدد من الاشخاص الذين بدأوا بالتحرك الفعلي , وطمأنتهم أن هذا التعديل لن يمر , وهو بالنسبة لهم كأنه غير موجود , إلى صدور بيانات من المجلس نفسه شارحة أسباب التعديل وموجباته , ووجهة نظر المجلس تجاه هذا التعديل , وليس انتهاءا بتحريك بعض البعض المؤثر اعلاميا واجتماعيا لمساندة هذا التعديل , وبيان نتائجه المستقبلية المرجوة منه .

عام 2013 شهد أول تحرك على المستوى الرسمي تجاه قانون المخدرات والمؤثرات العقلية , وإدخال مواد قانونية تتساهل مع التاجر والمتعاطي , لإعطائه فرصة لإصلاح نفسه كما يروّج مَن شجّع على صدور هذا القانون , وكانت النتائج العامة أن تضاعف عدد متعاطي المخدرات داخل الأردن الى النصف تقريباً , وأصبحت مشكلة متجذّرة في المجتمع على الرغم من النفي الرسمي المعتاد أن الأردن دولة ممر وليست مستقر للمخدرات والمؤثرات العقلية .

قانون 2013 منع تحريك دعوى الحق العام تجاه المتعاطي لأول مرة , وبالتالي اخراج جرم التعاطي لأول مرة من مفهوم التجريم لذاته , بل اصبح موقوفا على تحريك دعوى من الغير ليتم النظر في جرم التعاطي لأول مرة , النتائج العامة وأثرها على أرض الواقع نتيجة هذا التعطيل , قفزت زيادة التعاطي حتى نسبة 50% زيادة عما كان عليه الحال قبل اقرار هذا العديل لعام 2013 .

عام 2016 , جرى تعديل آخر على قانون المخدرات والمؤثرات العقلية , وزيادة في التسهيل , ورفع مزيدا من القيود العامة عن المتعاطي , تمثل بعدم تسجيل قيد أمني عليه لأول مرة , فكانت النتائج ان زادت جرائم المخدرات في المجتمع الأردني حتى بلغت نسبة الزيادة حد 500% . وأصبحت هناك جريمة مخدرات أو متعلقة بمخدرات ومؤثرات عقلية كل 26 دقيقة حتى عام 2021 .


تعديل القوانين بشكل عام والقوانين الجزائية بشكل خاص , لا تتم إلا بعد دراسة مستفيضة من جميع المختصين الذين لهم علاقة بميدان القانون المراد تعديله , وتتم دراسة آثار التعديل على أرض الواقع ورصد النتائج العامة تجاه الجريمة زيادة ونقصانا , ومدى نجاعة القانون وتعديلاته , لإعادة النظر بما يسمى ( القصور التشريعي ) ان وجد .

نتائج التعديلات السابقة بشأن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية , أثبتت أنها لم تحقق الأهداف المرجوة من اقرار القانون المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية , ولم تُثبت نجاعة هذا القانون على المستوى العام ولا على المستوى الخاص الفردي , والنتائج تؤكد فشل هذا القانون في تحقيق الردع العام والردع الخاص , الذي يسعى إليه كل قانون جزائي في أي دولة وفي أي تاريخ مضى فيه الوجود البشري على هذا الكوكب .

السلطة التشريعية الأردنية , كما هي العادة تُفاجيء المجتمع الأردني بمشاريع قوانين , والتي يؤكد المجتمع الأردني بعقله الجمعي أنها ارتجالية , في مصادمة لأي منهج علمي مُتبع بمثل هذه الحالات , ممعنة في الغموض نفسه , وممتنعة عن التصريح بشأن الدراسات التي ركنت إليها أومجرد الاشارة إليها , أو الخبراء الذين استندت عليهم لتعديل أو الغاء أو انشاء مواد قانونية بشكل عام , وغير ذاكرة لمصادر التعديل نفسه , وتنبري هذه السلطة للدفاع عن موقفها وكأنه القرآن المنزل الذي لا يُمس , ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , بل اشتبكت مع مصدر هذه السلطة التشريعية حسب الدستور نفسه ( الشعب ) بمناورات متعددة المستويات , لتمرير التعديلات الأخيرة رغما عن أنف الشعب الذي هو محور هذا القانون المُعدل ومجال تأثيره .



* الاسباب الموجبة لتعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية بحاجة لتفسير وتوضيح .



من خلال استعراض بيان رئيس اللجنة القانونية لمجلس النواب الأردني , والذي كان موجهة لمن انتقد التعديلات , وفي استباق لرفعه لمجلس الأعيان حسب الدستور الأردني , تمهيدا لإقرار هذه التعديلات , نستطيع لمس الامر من خلال الاسباب التي أوجبت التعديلات حسب البيان على أنها المؤثرة في التعديل نفسه .

جاء في هذا البيان : (ولكي تتم مواءمة أحكام هذا القانون مع التحولات الاجتماعية و الاقتصادية و التقنية( وكالعادة , رغم الاشتباكات الفكرية وغيرها , مع مجلس النواب حول التعديلات , لم يوضح المجلس ما هي التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية , التي فرضت هذه التعديلات والتسهيلات للمتعاطي والتاجر نفسه .

التحولات الاجتماعية , ان كان المقصود بهذه التحولات بأن المجتمع وقع في معضلة المخدرات نفسها , وأنها اصبحت ظاهرة في المجتمع الأردني , فهذه نتيجة التساهل الذي جرى اعماله في تعديلات قانون 2013 و2016 , وهي نتائج تستلزم المراجعة الفورية للقانون والنظر في القصور التشريعي لهذه التعديلات , والسعي نحو معالجتها بشكل فوري , لا أن نؤكد على هذا الفشل على المستوى التشريعي لهذه التعديلات .

وان كان المقصود بالتحولات الاجتماعية , أن المجتمع الأردني أصبح أكثر قابلية لتقبل ظاهرة التعاطي للمخدرات والمؤثرات العقلية والمتاجرة بها أصبح أقل حساسية تجاه هذه الجريمة , فمن أين جئتم بهذا المفهوم؟! , والمجتمع الأردني لا زال يُصر على أن المخدرات من أخطر الآفات على المجتمع الأردني ويجب العمل على انهائها وبشكل حازم , حتى وصل بالبعض الاقتراح على السلطة التشريعية بتفعيل قوانين الاعدام , وتطبيقها على تاجر المخدرات بدون شفقة ولا رحمة , ولو كان لأول مرة .

التحولات الاقتصادية , لا يعلم الشعب ما هي التحولات الاقتصادية التي استوجبت تعديلات قانون المخدرات , واعفاء التاجر لأول مرة من قيده الأمني , ولا زال ينتظر من مجلس الأمة شرح ما هي التحولات الاقتصادية الواردة في الأسباب الموجبة للتعديلات والتسهيلات الأخيرة لكلٍ من المتعاطي والتاجر على حد سواء , تمثّلت في اعفائهما من القيد الأمني لأول مرة ..؟!!

التحولات الرقمية تقتضي التشدد في العقوبة تماشيا مع هذا التحول , وهذا الانفتاح الرقمي , بحكم أن التحولات الرقمية أصبحت تُسهّل الحصول على المخدرات والمؤثرات العقلية بشكل غير مسبوق , فلزم تشديد العقوبة على المتعاطي والتاجر الذي يستخدم هذه التحولات الرقمية لمصلحة هذه الآفة , لا أن نعطيه مكافأة بإعفائه من القيد الأمني .



* بيان اللجنة القانونية في مجلس النواب حول التعديلات الأخيرة , يناقض بعضه بعضا .



جاء في اليبيان : (لتشديد العقوبة على جرائم ترويج المخدرات بمشروع هذا القانون فقد جاءت جملة هذه التعديلات القانون المتعلقة بما يلي :
اولاً : أ. فيما يتعلق بالتعاطي للمواد المخدرة فقد تم تفريد عقوبة التعاطي بحسب جسامة الفعل وفق نوع وخطورة المادة التي يتم تعاطيها وفقاً للجداول التي تصنف المخدرات و التي تقرأ مع هذا القانون بحيث تكون عقوبة تعاطي الهيروين على سبيل المثال اشد من عقوبة تعاطي الحشيش. ) .
مع ورود : (فيما يتعلق بتطبيق القانون على واقعة التعاطي فقد بينت المادة (۸) من مشروع القانون المعدل , المادة (۹) من القانون الاصلي بحيث يعاقب وفقاً للفقرة (أ) .... تتراوح عقوبة التعاطي من 3 اشهر الى 3 سنوات حسب جسامة فعل التعاطي.... لا يعتبر اي فعل من الافعال المبينه في الفقرة (أ) و بنودها الاربعة سابقة اجرامية او قيداً امنياً بمعنى ان الفعل المرتكب يعاقب عليه الفاعل وفقاً لجسامة فعله من 3 اشهر الى 3 سنوات كجنحة...) .

خلاصة التناقض ان البيان اعتبر التعديلات تشدد للعقوبة بالحبس , مع تخفيض الحد الأدنى للعقوبة لتكون 3 أشهر فقط , وهذا يُدخل العقوبة بمفهوم الاستبدال المالي للعقوبة , وهو تساهل واضح لا تشديد , والاستبدال المالي بالعرف القانوني الجزائي على أي عقوبة , هو اعتراف ضمنا أن هذه العقوبة فيها تساهل لان الجريمة أو الجنحة أو المخالفة القانونية لم تهدد سلامة المجتمع ولم يكن تأثيرها على المجتمع جسيما .

وإفراد المواد المخدرة , وإعطاء كل مادة حكما خاصا , هو تضييق لمفهوم المخدرات والمؤثرات العقلية , إذ أن المفهوم القانوني للمخدرات والمؤثرات العقلية ينحصر في لائحة التعدد فقط , وان ظهرت اي مادة مخدرة كمادة مستحدثة ودخلت على المجتمع الأردني ,مهما كان جسامة تأثيرها وإدمانها , فإنها قانونيا لا تعتبر مادة مخدرة تستلزم العقاب القانوني والمنع القانوني , إلا أن تدخل في اللائحة المعددة للمخدرات كوصف ومسمى , وهذا تضييق للمواد المخدرة , وحصرها , وهذا تسهيل لإدخال اي مادة مخدرة أو زراعتها أو انتاجها , او تصنيعها , وترويجها وتعاطيها , لأنها ببساطة شديدة غير مدرجة في هذه اللائحة .

وتقدير العقوبة حسب المادة المخدرة للتاجر وللمتعاطي , مع انزال العقوبة لمستوى الاستبدال المالي , مع عدم افراد قيد أمني جرمي لهما للمرة الأولى , يعطي مكافأة ضخمة للتجريب للمرة الأولى , مع انتقاء المواد المخدرة من الأقل تأثيرا الى الأشد تأثيرا , والواقع الأمني والجرمي عند الاجهزة الامنية المختلفة , يعترف بأن مرتكبي الجرائم يراعون في ارتكاب جرائهم المخارج القانونية , والاستثناءات , من خلال طريقة ارتكاب الجرم , فيكون نتائج الجريمة واقعة وتأثيرها حاصل , ولكن الاستثناءات القانونية والتساهل القانوني في طريقة الجريمة , هو المعطل الرئيسي لمفهوم الردع العام والخاص على مستوى المجتمع , وهذا الذي يحصل الآن في تفريد المواد المخدرة , وتفريد العقوبة لكل مادة .


قانون عام 2016 مع علاته الجسيمة , أخرج الحد الأدنى للعقوبة لكل من المتعاطي والتاجر خارج الاستبدال المالي , وهذا اللقانون المعدل خفض الحد الأدنى لكل من التاجر والمتعاطي والزارع والمروج والمستورد والمصدر للمخدرات الى حد الاستبدال المالي . فأين هو التشديد ..؟!!
أما باقي التشديدات في القانون كما يدعي البيان , ان دُقق النظر فيها , سنجدها جرائم مركبة , وهي بحد ذاتها عقوبتها مرتفعة نظرا لطبيعة التركيب للجريمة , وتعديها للغير , وتعقيدها , فالذي يدس مخدر لغيره بغير علمه , والذي يشترك مع قاصر والذي يقاوم رجال السلطة , والذي يتستر على جريمة مخدرات من رجال السلطة أو الموظفين الرسميين , فكلها مشددة من حيث الأصل , نظرا لطبيعة التركيب للجريمة .


* اصلاح النفس كما يدعي البيان هو الهدف الرئيسي لعدم تسجيل قيد أمني للمرة الأولى لكلٍ من التاجر والمتعاطي , بعد تلقي العقوبة .


تم استخدام هدف المشرع العام في اصلاح النفس , لتمرير هذه التعديلات , بصيغة لتتناسب مع الأهداف الرئيسية للمشرع , ضاربة بعرض الحائط فداحة الجريمة نفسها , وتعديها وأثرها على المجتمع , وهذه القيود التي تحكم مدى اعطاء مرتكب الجنحة أو الجريمة فرصة لاستعادة نفسه ونوع هذه الفرصة , وطبيعة هذه الفرصة .

واصلاح النفس لا يكون في جرم المخدرات قصرا , دونما الجرائم الأخرى الأقل تأثيرا على المجتمع , وهنا نجد ان هناك ظلما تم الحاقه بمرتكبي الجرائم الأخرى من ناحية العدالة التشريعية , والعدالة القانونية .

اذ يستلزم عدم تسجيل قيد أمني للمتعاطي او التاجر للمرة الأولى , ان تكون الجرائم الأقل منها هي الأولى بعدم تسجيل قيد أمني للمرة الأولى .

فلا يمكن تصور جريمة الاتجار بالمخدرات أقل ضررا من جنحة مشاجرة على سبيل المثال , ولا أقل ضررا من سرقة ربطة خبز من مخبز قد يكون السارق مضطرا لها نظرا لشيوع حالة البطالة والتردي الاقتصادي وارتفاع الضرائب .

ولا يمكن التصور العقلي عدا عن المجتمعي ان تكون جريمة التعاطي أقل ضررا من جنحة ايذاء النفس , فكلاهما واقعة على شخص الفاعل , فهل هذه عدالة تشريعية ..؟!! وهل هذه عدالة قانونية ..؟!!

فأين تكمن العدالة التشريعية في استثناء تاجر المخدرات للمرة الأولى والمتعاطي للمرة الأولى من القيد الأمني مع ابقائه على الجرائم الأقل تأثيرا وضررا على المجتمع ..؟!!

منطق العدالة ومسوغاتها وضروراتها , تستلزم الغاء القيد الأمني أيضا للجرائم الأقل ضررا ان كانت أيضا للمرة الأولى , فبأي حق يتم الفصل بين الجرائم الأقل ضررا وابقائها تحت تهديد القيد الأمني , وبين الجرائم التي تضرب المجتمع بمقتل , واعفائها من القيد الأمني .؟!!

نكتفي بهذا القدر ..على ان توسع لاحقا ان شاء الله .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :